في عالم يزدحم بالأزمات والتحديات السياسية، تظل منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر البقاع سخونة وتعقيداً على خارطة العالم، وتتشابك فيها المصالح الدولية مع معاناة الشعوب، حيث تتداخل أصوات الدبلوماسية مع أنين الضحايا الذين أرهقتهم الحروب والنزاعات.
في هذا السياق المضطرب، يظهر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ليضع رؤيته الخاصة حول مستقبل سورية والمنطقة، حاملاً أجندة مليئة بالأولويات الملحّة، من وقف العنف والإرهاب إلى تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع حلفاء بلاده.
في هذا المقال، نستعرض أبرز ما جاء في تصريحات ستارمر، التي جمعت بين الواقعية السياسية والطموح الإنساني، وسلطت الضوء على التحديات الكبرى التي تواجهها سورية، غزة، ولبنان، إلى جانب مقاربته للأزمات الإقليمية مثل «التهديد الإيراني» حسب وصفه، والتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي التفاصيل، صرّح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، خلال مقابلة مع قناة «سكاي نيوز عربية»، أن الأولوية في سورية تتمثل في وقف العنف ومكافحة الإرهاب، مع ضمان حماية المدنيين والأقليات، وأشار ستارمر إلى أن الشعب السوري عانى لفترة طويلة من نظام وصفه بالوحشي، مشدداً على أن رحيل الرئيس السابق بشار الأسد عن السلطة لاقى ترحيباً واسعاً على مستوى العالم.
وأضاف قائلاً: «علينا التعاون مع حلفائنا على المستوى العالمي، خاصة في المنطقة، لضمان أن يتم التعامل مع المرحلة المقبلة بطريقة سياسية وسلمية، وأن تكون خالية من الإرهاب والعنف، بما يحقق مستقبلاً سلمياً طالما انتظره السوريون».
اقرأ أيضاً: ستارمر: لا تتوقعوا خدمات أفضل في عيد الميلاد!
وأوضح أن الأولويات تركز على إيجاد حل سياسي، وضمان حماية المدنيين والأقليات، مع تبني موقف واضح مناهض للعنف والإرهاب، واستغلال الفرصة الحالية لإحداث تغيير إيجابي في الوضع السوري.
كما تطرّق ستارمر إلى النظام الإيراني، معتبراً أنه يشكل تهديداً حقيقياً ليس فقط للمملكة المتحدة، بل للمنطقة بأكملها، وأكد على أهمية تخفيف التصعيد والعمل على منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، من خلال جهود دبلوماسية واضحة، قائلاً: «نحن ملتزمون بخفض التصعيد».
وبالنسبة للوضع في لبنان وغزة، أعرب ستارمر عن سعادته برؤية وقف إطلاق النار في لبنان، وأكد العمل على ضمان استمراره، وأضاف: «نحن في حاجة ماسة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهو ما سيتيح إطلاق سراح الرهائن المتبقين، وإدخال المساعدات الإنسانية الضرورية، ويمهد الطريق لحل سياسي يحقق حل الدولتين».
وأشار إلى الوضع الإنساني المأساوي في غزة، حيث تسبب النزاع في مقتل عشرات الآلاف، بمن فيهم النساء والأطفال، لافتاً إلى أهمية إيصال المساعدات بشكل عاجل وبكميات كبيرة لتحسين الأوضاع هناك.
اقرأ أيضاً: ستارمر: لا تتوقعوا خدمات أفضل في عيد الميلاد!
واختتم ستارمر تصريحاته بالإشادة بالعلاقة بين المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، واصفاً الإمارات بأنها شريك استراتيجي ورئيسي لبلاده، وأوضح أن زيارته للإمارات، كأول دولة خليجية منذ توليه منصبه، تهدف إلى تعزيز هذه الشراكة في مجالات مثل التجارة والاستثمارات، الدفاع والأمن، الطاقة، والذكاء الاصطناعي، مشدداً على أهمية هذه العلاقة الاستراتيجية وسعادته بوجوده هناك.
هذا وتعمل الحكومة البريطانية، تحت قيادة زعيم حزب العمال كير ستارمر، على تعزيز العلاقات التجارية مع دول الخليج، حيث وصل حجم التجارة السنوي بين الجانبين إلى 57 مليار جنيه إسترليني، ومن المتوقع أن تسهم اتفاقية التجارة الحرة مع دول الخليج في رفع هذا الرقم بنسبة تصل إلى 16%.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى الحكومة إلى إبرام اتفاقيات تجارية مشابهة مع دول أخرى، مثل سويسرا وكوريا الجنوبية والهند، التي يُتوقع أن تكون وجهة لزيارة ملكية في العام المقبل، ويظلّ المجلس الخليجي شريكاً محورياً للبريطانيين في الوقت الحالي، بفضل الروابط الاقتصادية والتجارية المتينة التي تجمع بينهما.
اقرأ أيضاً: هل سينجح ستارمر بإقناع الخليج باتفاق تجاري؟
