أصدرت المحكمة البريطانية حكمها بالسجن المؤبد لوالد الطفلة سارة الشريف وزوجته بعد أن قاما بتعذبيها لسنوات ومن ثم قتلها، إذ على مدى سنتين عانت الطفلة سارة الشريف ذات العشر سنوات من سوء المعاملة التي أفضت إلى الموت في النهاية على يد والدها أورفان شريف (43 عاماً) وزوجة أبيها بيناش بتول (30 عاماً).
ووصف القاضي كافاناغ في تصريح له بشأن الحكم القسوة التي تعرضت لها الطفلة بأنه لا يمكن تخيلها، وتم التعامل معها باعتبارها “خادمة للعائلة” على الرغم من صغر سنها، وفي تفاصيل العنف الذي تعرضت له الطفلة سارة الشريف، فتعرضت للضرب والعض والحرق والضرب حتى الموت خلال حملة من الانتهاكات قبل العثور على جثتها مصابة بما لا يقل عن 71 إصابة في منزل العائلة في ووكينج، سري، العام الماضي – بما في ذلك كسر في الرقبة.
وأُدين والد سارة الشريف وزوجته بتول بالقتل الأربعاء الماضي، فيما تم أُدين عمها فيصل مالك (29 عاما) بالتسبب في وفاة طفلة أو السماح بوفاتها.
وضُربت الطفلة سارة باستخدام مجموعة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك حرقها بسائل مغلي عندما كانت مقيدة، والضرب بمضرب كريكيت، والضرب بعمود معدني مكسور من كرسي مرتفع للأطفال والحرق بمكواة، وتم إقناع الطفلة أنها تستحق ذلك، أي أصبح الضرب بالنسبة لها أمر طبيعي.
وفي أثناء المحاكمة وإصدار الحكم لم يبد المتهمون أي ردة فعل كما لم يظهر عليهم علامات الندم على ما اقترفوه بل بقيت عيونهم بالأرض طوال الجلسة، فيما ارتفعت هتافات أثناء نقل شريف للزنزانة.
وقال القاضي موجها كلامه لبتول أثناء النطق بالحكم “أنت لم تفعلي شيئاً لحماية سارة”، ليوجه بعدها كلامه للمتهمين قائلاً “لا شك لدي أنكما لم تهتما كثيراً بسارة لأنها لم تكن الطفلة الطبيعية لبتول، لقد تم التعامل معها باعتبارها مجرد طفلة صغيرة في العائلة منذ سن مبكرة جداً، “لم يكن أي منكما مهتماً بسعادة هذه الطفلة أو جودة حياتها، لقد عاملتموها وكأنها لا قيمة لها، وكانت درجة القسوة التي مارستموها معها غير معقولة تقريباً.
وأكمل قائلاً “كانت ذريعة تعليمها في المنزل خدعة للتغطية على الإساءة ومواصلتها، وفي الوقت الذي تعرضت فيه لإساءة دنيئة، كانت محرومة أيضاً من التعليم، وأُجبرت على ارتداء الحجاب لإخفاء الكدمات التي كانت في جميع أنحاء جسدها، كانت سارة طفلة شجاعة، قوية، ونشطة، ولم تكن خاضعة كما أردتها أن تكون، ليس لدي أدنى شك في أن غرورك وشعورك بأهمية نفسك قد تعززا بسبب قوتك عليها، لم تكن سيئة السلوك، كانت طفلة عادية، بدأ الضرب عندما كانت في السادسة أو السابعة من عمرها.”
كانت الطفلة سارة الشريف تتقيأ أو تتبول على نفسها من شدة الرعب عن ضربها، كما كانت زوجة أبيها بتول تعاقبها على ردة فعل جسمها على الضرب والعنف الذي تعرضت له.
فيما تم محاكمة عم الطفلة الذي يدعى مالك لعدم مدافعته عن ابنة أخيه، أو إخبار الشرطة بالعنف الذي تتعرض له الطفلة، وإكد القاضي أن منزل العائلة صغير لدرجة أنه من غير المعقول أن لا يسمع عم الطفلة صراخ ووجع الطفلة أثناء تعرضها للضرب، كما إن أشقائها من والدها أيضاً كانوا يسمعون صراخها.
وقال القاضي أنه من النادر أن تتعرضت هيئة المحلفين في محكمة أولد بيلي لمثل هذه القضية على الرغم من حصولها
فيما اعترف والد الطفلة سارة الشريف بارتكابه جريمته أثناء المحاكمة، إلا أن القاضي شعر بأنها خدعة، فيما أكد القاضي على وجود علامات حروق على كاحلي الطفلة، ومن المرجح أنه تم سكب الماء المغلي عليهما أثناء تقييدها، بينما كان والدها مسؤول عن إصابات الرأس، وست علامات عض من زوجة أبيها بتول التي كانت “متواطئة ومرتاحة” مع الاعتداء، على حد قول القاضي.
وأشار القاضي أن الطفلة سارة الشريف تعرضت للضرب بقضيب معدني بعد عودته إلى المنزل، لاعتقاده أنها تتظاهر بالمرض، لتصبح بعدها مرتخية بين ذراعي بتول، ليقوم بعدها بغسل جثة سارة ووضعها في السرير، وتم إخفاء العمود المعدني، ربما تم استخدام غسالة الضغط لغسلها في الفناء الخلفي، ليظهرا في فيديو يشكون فيه ضغط السلطات الباكستانية، واعتبار وفاة سارة حادث.
بعد ساعات من وفاة سارة، حجز شريف وبتول رحلات جوية إلى باكستان للعائلة بأكملها، بما في ذلك أشقائها وإخوتها غير الأشقاء، وعاد المتهمون إلى المملكة المتحدة في 13 سبتمبر/أيلول 2023 – تاركين وراءهم الأطفال، وتم احتجازهم بعد دقائق من هبوط الطائرة في مطار جاتويك، وفي محاكمته، ألقى شريف باللوم في البداية على بتول في أعمال العنف قبل أن يقبل بشكل دراماتيكي “المسؤولية الكاملة”، مما ترك أعضاء هيئة المحلفين مفتوحين الأفواه والدموع في عيونهم.
أمضى شريف الأيام الستة الأولى من شهادته وهو ينكر إساءة معاملة سارة ويلقي باللوم على زوجته “المريضة نفسيا” في التسبب في إصابتها، وأشار إلى زوجته ووصفها بـ “الحيوان” بسبب اعتدائها على ابنته وعضها.
ولم يمض وقت طويل على وقوف شريف على منصة الشهود في اليوم السابع من الإدلاء بشهادته عندما قال للمحكمة فجأة: “لقد ماتت بسببي، وفي وقت لاحق، بدا وكأنه تراجع عن أقواله، حيث نفى أنه عض سارة أو أحرقها أو غطى رأسها بغطاء للرأس.
وبعد صدور أحكام على المعتدين على سارة الشريف في محكمة أولد بيلي، قالت والدتها الحزينة أولغا دومين إنها لا تستطيع أن تستوعب مستوى السادية التي تعرضت لها ابنتها، وفي بيان مؤثر عن تأثير الضحية، قالت: “كانت سارة تبتسم دائماً، كانت تتمتع بشخصية فريدة من نوعها، كل ما أستطيع أن أقدمه له هو إعطائها جنازة كاثوليكية جميلة تستحقها، لقد أصبحت الآن ملاكاً ينظر إلينا من السماء، ولم تعد تعاني من العنف.
وقال المدعي العام بيل إيملين جونز كيه سي للمحكمة: “إن العنف المستخدم لم يكن مفرطاً فحسب، بل كان مستمراً، كما أن بعض تلك الاعتداءات حدثت أمام أطفال آخرين، وكان المعلمون قد لاحظوا علامات على وجهها مرتين وأحالوها إلى الخدمات الاجتماعية في مارس/آذار الماضي، لكن القضية أسقطت خلال أيام وفي الشهر التالي أُخرجت سارة من المدرسة.
وكان قد أثار مجلس مقاطعة ساري مراراً وتكراراً “مخاوف كبيرة” من أن سارة الشريف من المرجح أن تتعرض للإيذاء الجسدي والعاطفي على أيدي والديها.
الأطفال يحتاجون لرعاية عاطفية من والديهم، وعند تعرض الطفل لكم كبير من العنف يفقد الآمان العاطفي، لذا لا بد من متابعة وضع الأطفال لدى أسرهم، لأنه وبالرغم من وجود الوالدين إلا أنهم قد يكونوا متجردين من صفات الأبوة.