وسط زخم أحداث السياسة العالمية، التي تتداخل فيها الأموال مع النفوذ، يلوح اسم إيلون ماسك في الأفق كعنصر قد يعيد تشكيل قواعد اللعبة، وهذه المرة، لا يتعلق الأمر بتكنولوجيا الفضاء أو السيارات الكهربائية، بل بخطوة قد تكون مفصلية في السياسة البريطانية، إذ تشير تقارير إلى احتمال أن يضخ ماسك 100 مليون دولار في حزب “Reform UK” الذي يقوده نايجل فاراج Nigel Farage، مما يثير تساؤلات حول قدرة المال على تغيير خارطة القوى السياسية.
فهل يمكن لهذا التمويل الضخم أن يمنح الحزب صوتاً أقوى في مجتمع سياسي متحفظ على الإنفاق الانتخابي؟ أم أن هذه الأموال قد تصبح عبئاً يعوق طموحات الحزب؟ في هذا المقال، نستعرض تفاصيل القصة التي قد تقلب موازين الانتخابات المقبلة.
وفقاً للقانون البريطاني، يجب أن يتم التبرع عبر شركة فرعية مقرها المملكة المتحدة، وهو أمر يُمكن أن يثير تعقيدات قانونية. ورغم أن النظام السياسي البريطاني يختلف عن الأمريكي، حيث يتم تحديد سقف الإنفاق الانتخابي بـ 54,000 جنيه إسترليني لكل دائرة انتخابية، فإن المبلغ الإجمالي المُحتمل قد يتجاوز بكثير الإنفاق المسموح.
وفي حديثه حول ذلك، قال زعيم الحزب المشار نايجل فاراج بأن ذلك «أمر بعيد عن الواقع»، في حين أشار ريتشارد تايس، نائب فاراج، إلى فكرة توجيه التمويل لتحفيز الناخبين الشباب، على غرار حملة ماسك لدعم الجمهوريين في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: ما علاقة إيلون ماسك باحتجاجات بريطانيا؟ كيف ردت الحكومة البريطانية؟
ومن جانبه، قال جوين تاولر، الذي أدار العمليات الإعلامية لفاراج، إن أفضل استثمار سيكون في دعم مؤسسات فكرية لمحاربة «الفكر الواعي»، وفقاً لوصف ماسك.
ورغم أن موارد مالية كبيرة قد تكون مغرية، إلا أن التجارب السابقة تُظهر أن الزيادة المفاجئة في التمويل قد تؤدي إلى تعقيد الهيكل التنظيمي، وأوضح تاولر أن التنظيم البسيط كان أكثر فعالية، مشيراً إلى تجربة “حزب البريكست” عندما أصبحت الموارد الضخمة عبئاً.
هذا وأعرب بعض الشخصيات في حزب العمال عن قلقهم من أن التمويل قد يتيح لفاراج صوتاً أقوى على وسائل التواصل الاجتماعي، وأوضح مدير التسويق الرقمي فرهاد ديفيشا أن الإعلانات عبر فيسبوك قد تكون الخيار الأمثل للوصول إلى شريحة واسعة من الناخبين، لكن تيك توك، رغم شعبيته بين مؤيدي فاراج، لا يقبل الإعلانات السياسية.
ومع أن الحزب وصل إلى 100000 عضو، إلا أن التوسع الانتخابي يتطلب وقتاً وشبكات تطوعية نشطة، وهو أمر قد لا تستطيع الأموال وحدها تحقيقه، وأشار مسؤول في حزب الليبراليين الديمقراطيين إلى أن النجاح يعتمد على بناء علاقات محلية قوية مع الناخبين.
ورغم شعبية فاراج لدى شريحة من الناخبين، إلا أن هناك كُتلاً واسعة تعارضه بشدة، مما يضع سقفاً لتوسيع قاعدته الانتخابية، بحسب تصريحات شخصيات سياسية بارزة.
اقرأ أيضاً: عريضة مليونية تهزّ عرش حزب العمال وهذا ردّ ستارمر
وكان قد التقى إيلون ماسك مع نايجل فاراج ونيك كاندي، أمين صندوق حزب «ريفروم» الجديد، في منزل دونالد ترامب في مارالاغو، الأمر الذي دفع لإثارة أحاديث تمويل الملياردير التكنولوجي للحزب اليميني المتطرف.
وبعد الاجتماع، نشر حزب «ريفروم» صوراً لماسك جالساً مع فاراج وكاندي، وأخرى تظهرهم واقفين تحت لوحة تصور ترامب في شبابه، وذلك في منزل الرئيس الأمريكي المنتخب في فلوريدا.
وأصدر الحزب بياناً باسم زعيمه وكاندي، أوضحا فيه أنهما التقيا بماسك لمدة ساعة، وأضاف البيان: «تعلمنا الكثير عن الاستراتيجية الانتخابية لترامب، وسنواصل النقاش حول مجالات أخرى، لدينا فرصة أخيرة لإنقاذ الغرب، ويمكننا تحقيق إنجازات عظيمة معاً. نشكر أيضاً الرئيس ترامب على إتاحة استخدام مارالاغو لعقد هذا الاجتماع التاريخي. العلاقة الخاصة لا تزال قوية ومزدهرة».
اقرأ أيضاً: اليمين المتطرف في بريطانيا: تاريخه ونشاطاته وأبرز جماعاته