موجة من القرارات حول الذكاء الاصطناعي تشغل وزراء الحكومة البريطانية، في إشارة إلى تعزيز دورها في كافة المجالات والقطاعات الحكومية، ولعل من أبرز هذه القطاعات قطاع التعليم الذي توليه الحكومة جانب كبير من الاهتمام، لذا أكد وزير العلوم والتقنية بيتر كايل على ضرورة استخدام الأطفال لتقنية الذكاء الاصطناعي في أداء واجباتهم المدرسية.
وقال أن هناك العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي التي ممكن أن تساعد الطلاب في دراستهم كبرنامج “ChatGPT” التي يمكنها الإجابة عن أسئلتهم في كافة المجالات الرياضية والعلمية، وقدرتها على إنشاء مقالات مفيدة، لكن اشترط كايل أن يتم استخدامها بإشراف من الوالدين، أو المعلم في المدرسة.
كما أشار إلى أن استخدام هذه الأدوات يمكن أن تحفز التفكير والتحدي لدى الطلاب المميزين، وفي الوقت نفسه يمكن ان تساعد الطلاب الضعيفين دراسياً في مواكبة زملائهم خلال الفصل الدراسي نفسه.
هذا وأكد على ضرورة تدريب الطلاب على استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة صحيحة، لتساعدهم بالفعل في حل واجباتهم رافضاً فكرة أن استخدام هذه الأدوات قد يعيق تفكيرهم، أو أنها قد تحل محل التفكير، مشيراً إلى أن هذه المخاوف التي يتحدثون عنها قد أثيرت سابقاً عندما تم إدخال الآلة الحاسبة في العملية التعليمية، وما نجده الآن أنها فقط ساعدت في اختصار الوقت، وهذا الهدف من استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، وقال: نحن بحاجة إلى مساعدة الناس على استخدام الذكاء الاصطناعي، ولكن لا ينبغي أبداً أن يكون بديلاً لخبرة التدريس.
جاءت هذه التصريحات بالتزامن مع قرارات لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الذي تعهد أمام الشعب بتحويل المملكة المتحدة إلى “رائدة العالم” في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك بالعمل على جذب المستثمرين في هذا المجال إلى بريطانيا، عبر تقديم 50 اقتراحا قابلاً للتنفيذ ” لإطلاق” إمكانات هذه التكنولوجيا بدءا بإنشاء مناطق نمو لها”، كما سيتم تسريع إصدار تصاريح البناء لإنشاء البنية التحتية ومراكز البيانات.
وقال في بيان له الأحد الماضي: “ستجعل خطتنا بريطانيا رائدة العالم” في مجال الذكاء الاصطناعي، وهي تكنولوجيا ستحدث تغييرات مذهلة” في الطب والخدمات العامة والتعليم”، وأضاف: “لكن صناعة الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى حكومة تقف معها، ولا تجلس مكتوفة وتترك الفرص تضيع”.
يبدو أن الحكومة تعمل بكامل جهدها على موضوع الذكاء الاصطناعي، فبعد تصريحات ستارمر أشارت وزيرة الخزانة المالية راشيل ريفز على أن هناك ثلاث شركات تكنولوجية ستستثمر بمبلغ 14 مليار جنيه إسترليني (17مليار يورو) في المملكة المتحدة، ولا سيما لتطوير مراكز تخزين للبيانات، وهذه الشركات هي فانتاج داتا سنترز وكيندريل وإن سكيل، مشيرةً أن الخطة التي طرحها ستارمر أمس الأثنين تركز على جذب الاستثمارات الجديدة وتوفير فرص العمل وتوطين شركات الذكاء الاصطناعي.
وفي حالة تبني هذه التكنولوجيا بالكامل فقد تزيد الإنتاجية بنسبة 1.5 سنوياً بقيمة 47 مليار جنيه إسترليني إضافية، أي (57 مليار دولار) على مدى 10 سنوات.
وفي حديثها عن فرص العمل أكدت ريفز أن العمل على جذب الاستثمارات في هذا المجال سوف يوفر ما يقرب من 13 ألف فرصة عمل، كما ستكون أول منطقة نمو للذكاء الاصطناعي في كولهام، قرب جامعة أكسفورد (جنوب شرقي إنجلترا).
رىيس الحكومة البريطانية كير ستارمر ووزيرة الخزانة المالية راشيل ريفز
هذا ويعتقد رئيس الحكومة كير ستارمر وحزبه أنه لا يمكن تجاهل فوائد الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن الحكومات السابقة كانت متخوفة جداً من قدرات هذه الأدوات ومخاطرها، لكن ذلك كان على حساب فوائدها وامتيازاتها، والجدير بالذكر أن رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك عمل قمة خاصة بمخاطر الذكاء الاصطناعي عام 2023.
وقالت الحكومة البريطانية في وقت سابق، إنها ستتبنى جميع التوصيات الخمسين الواردة في تقرير “خطة عمل فرص الذكاء الاصطناعي” الذي قدمه رجل الأعمال مات كليفورد للحكومة العام الماضي.
مع العلم أن بريطانيا تعد ثالث أكبر سوق للذكاء الاصطناعي في العالم بعد الولايات المتحدة والصين عند قياسها بمؤشرات وضعتها جامعة ستانفورد مثل الاستثمار وبراءات الاختراع، هذا وتواجه حكومة ستارمر العديد من المشكلات والتحديات في الجانب الاقتصادي، وتحاول قدر الإمكان إثبات كفاءتها في ظل ضغط خارجي وداخلي كبيرين، وانخفاض قيمة الجنيه الاسترليني الذي يترتب عليه زيادة الضرائب.