بينت دراسة أجراها مركز مور للأبحاث تأييد أكثر من 50% من البريطانيين لعودة عقوبة الإعدام في بريطانيا ، وذلك بعد إدانة مرتكب هجوم ساوثبورت الذي أثار أعمال شغب في البلاد، وأسفر عن مقتل 3 أطفال.
وبحسب صحيفة التايمز البريطانية التي نشرت نتائج الدراسة، زاد التأييد لعقوبة الإعدام بشكل كبير منذ آخر استطلاع رأي تم في خريف 2023، إذ زادت نسبة السكان الذين يرون ضرورة إعادة عقوبة الإعدام من 50% إلى 55%، في حين انخفضت نسبة المعارضين من 37% إلى 32%.
ويؤيد 58% من جيل الألفية البريطاني و45% ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و26 عاماً عقوبة الإعدام في بريطانيا ، ويعارضها 42%، بينما لم يبدِ 14% رأياً واضحاً بشأن هذا الموضوع. وبينت الدراسة تأييد 70% من الشعب البريطاني لتنفيذ عقوبة الإعدام بحق مرتكبي هجوم إرهابي يؤدي إلى الوفاة، كما يؤيد 56% إعدام المغتصبين.
وفي أواخر يوليو 2024، شهدت عدة مدن بريطانية احتجاجات واسعة بعد أن هاجم مراهق بعمر 17 عاما أطفالاً في مركز لتعليم الرقص بسكين في ساوثبورت، مما أدى لوفاة 3 أطفال، ونقل أطفال آخرين واثنين من البالغين بحالة حرجة إلى المستشفى، لتتصاعد بعدها الاحتجاجات وتتحول إلى أعمال شغب أصيب على إثرها العشرات من رجال الشرطة، وتم اعتقال أكثر من ألف شخص وتوجيه مئات التهم إليهم.
محكمة بريطانية أصدرت حكماً بالسجن مدى الحياة في 13 تهمة مع حد أدنى للعقوبة يبلغ 52 عاماً على المراهق المهاجم، بعد أن أقر بارتكاب جرائم أدت إلى قتل 3 أطفال، ومحاولة قتل 10 أشخاص آخرين وحيازة أسلحة، وإنتاج مادة الريسين، وحيازة الدليل التحضيري لتنظيم القاعدة الإرهابي.
وأكدت التحقيقات أن المجرم كان يحمل كمية من مادة الريسين السامة، التي تكفي لقتل الآلاف، إلا أنه لم يستطع استخدامها أثناء الهجوم على مركز الرقص، كما أنه يعاني مشاكل سلوكية واهتماماً بالغاً بالعنف، إذ تم إبعاده عن المدرسة في وقت سابق بسبب حوادث مشابهة، اعتدى فيها على زملائه.
وبعد صدور الحكم دعا عدد من النواب البريطانيين إلى مناقشة ضرورة إعادة عقوبة الإعدام في بريطانيا في الجرائم التي تتسم بالوحشية والعنف، إضافة للمطالبة بتوسيع مفهوم الإرهاب ليشمل الجرائم التي ترتكب بدافع هوس العنف، حتى في حال عدم ارتباطها بمنظمات متطرفة معروفة، وإعادة تقييم التشريعات المتعلقة بهذا الأمر.
رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، علق على ذلك بأن مفهوم الإرهاب قد تغير، إذ تواجه المملكة المتحدة تهديدات جديدة تتمثل في عنف متطرف يمارسه أفراد منعزلون، بعضهم مهووس بالعنف ويريد الشهرة عبر الإنترنت.
وتم إلغاء عقوبة الإعدام في بريطانيا عام 1998، ولم يتم استخدامها لعدة سنوات قبل هذا التاريخ، إذ كانت آخر عمليات الإعدام في المملكة المتحدة شنقا عام 1964، قبل أن يتم إلغاؤها بتهمة القتل في بريطانيا العظمى عام 1965 وفي أيرلندا الشمالية عام 1973.
ورغم عدم استخدامها في المملكة المتحدة، ظلت عقوبة محددة قانونياً لبعض الجرائم كالخيانة حتى تم إلغاؤها تماماً عام 1998، وفي عام 2004 حظر البروتوكول الثالث عشر التابع للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على المملكة المتحدة إعادة عقوبة الإعدام طالما أنها طرف في هذه الاتفاقية.
الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني البريطاني تبين أنه تم ارتكاب 282 جريمة قتل باستخدام سكين أو أداة حادة خلال الفترة من مارس 2021 وحتى مارس 2022، وكانت الزيادة الكبرى في أعداد المراهقين ممكن أعمارهم بين 16 و17 عاماً، كما وصلت حوادث الطعن القاتلة في إنجلترا وويلز لأعلى معدلاتها منذ بدء تسجيلها عام 1946.
وتعتبر عقوبة السجن مدى الحياة أشد عقوبة متاحة في نظام العدالة الجنائية في المملكة المتحدة، وعادة ما يتم تخصيصها للقتلة المتسلسلين، أو من تحتوي جرائمهم سمات مشددة غير عادية، كاستغلال مناصب السلطة لارتكاب جريمة قتل، مع إتاحة إمكانية الإفراج المشروط لأسباب إنسانية بعد انتهاء الحد الأدنى من مدة الاحتجاز.
وشهدت المملكة المتحدة مطالبات لإلغاء إمكانية الإفراج عن المحكومين بالسجن مدى الحياة بسبب ارتكابهم جرائم بشعة، وذلك بعد إصدار عقوبة السجن مدى الحياة بحق ممرضة قتلت سبعة أطفال حديثي الولادة كانوا تحت رعايتها في مستشفى في شمال إنجلترا.