في الذكرى الخامسة لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، أكدت رئاسة الوزراء البريطانية أن للبريكست فوائد ملموسة، حيث أشار المتحدث باسم داونينغ ستريت (Downing Street) إلى التحرر من لوائح الاتحاد الأوروبي، مما ساعد في جعل المملكة المتحدة مركزاً مالياً أكثر تنافسية.
ومع ذلك، شدد المتحدث على أن كير ستارمر (Keir Starmer) يسعى إلى «تحسين عمل البريكست لصالح الشعب البريطاني» وتعزيز العلاقات مع أوروبا، وفي المقابل، اتهم المحافظون الحكومة بمحاولة تفكيك البريكست وإعادة البلاد إلى قبضة الاتحاد الأوروبي.
من جهة أخرى، انتقد الديمقراطيون الليبراليون (Liberal Democrats) الاتفاق الذي أبرمه المحافظون، ووصفوه بأنه «كارثة مطلقة»، مطالبين بإقامة علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من أهمية الذكرى، لم تُقم الحكومة أي احتفالات رسمية بالمناسبة، وعندما سُئل المتحدث باسم داونينغ ستريت عن عدم تعليق رئيس الوزراء على الحدث، أكد أن الحكومة “تنظر إلى الأمام”.
وفيما يتعلق بمزايا البريكست، أوضح المتحدث أن المملكة المتحدة لم تعد ملتزمة بقواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بالمشتريات العامة، مما وفر لها مزيداً من الحرية في تعديل لوائح الخدمات المالية لتناسب بيئة السوق البريطانية، وأضاف أن ذلك عزز من قدرة لندن التنافسية كمركز مالي عالمي.
ومنذ توليه السلطة، وعد كير ستارمر بإعادة ضبط العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتأمين صفقة أفضل معه، مؤكداً في الوقت ذاته أن بريطانيا لن تعود إلى الاتحاد الأوروبي أو السوق الموحدة، كما تعهدت الحكومة بعدم الانضمام إلى الاتحاد الجمركي، الذي يعفي الدول الأعضاء من الرسوم الجمركية على السلع القادمة من خارج الاتحاد.
اقرأ أيضاً: البريكست وتداعياته على الاقتصاد البريطاني بعد 8 سنوات
خلال عطلة نهاية الأسبوع، سيستضيف ستارمر المستشار الألماني أولاف شولتس (Olaf Scholz)، قبل أن يحضر اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (Brussels) يوم الإثنين، ووصفت كيمي بادنوك (Kemi Badenoch)، زعيمة حزب المحافظين، البريكست بأنه «أعظم تصويت على الثقة في البلاد»، لكنها اعترفت بضرورة القيام بالمزيد من العمل، وأكدت أن إبرام صفقة تجارية مع الولايات المتحدة يمثل «فرصة بريكست يجب اقتناصها».
من جانبه، رأى نايجل فاراج (Nigel Farage)، أحد أبرز مهندسي حملة البريكست، أن الخروج من الاتحاد الأوروبي كان نجاحاً على المستوى الدستوري والسياسي الخارجي، لكنه اعترف بأن الكثير من المصوتين لصالحه يشعرون «بخيبة أمل كبيرة»، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي للبريكست كان خفض معدلات الهجرة، لكن الأرقام ارتفعت بسبب سياسات الحكومة السابقة، مؤكداً أنه لو كان في موقع القيادة، لكانت الهجرة قد انخفضت.
وحذر اللورد فروست (Lord Frost)، كبير مفاوضي البريكست السابق، من أن كير ستارمر يسعى «لإعادة بريطانيا تدريجياً إلى فلك الاتحاد الأوروبي عبر قواعد خفية تتعلق بمعايير الغذاء وغيرها»، وأكد أن اتفاق البريكست الحالي يعمل بشكل جيد ولا داعي لإعادة التفاوض حوله.
اقرأ أيضاً: ترامب يشيد بـ ستارمر ويصفه بـ «الناجح جداً»!
في المقابل، جدد زعيم الديمقراطيين الليبراليين، إد ديفي (Sir Ed Davey)، دعوته لإبرام اتفاق جمركي بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، معتبراً أن ذلك سيعزز النمو الاقتصادي، ويثبت القيادة البريطانية، ويوفر موقفاً تفاوضياً أقوى ضد دونالد ترامب (Donald Trump).
كما دعت النائبة عن حزب الخضر، إيلي تشونز (Ellie Chowns)، إلى إعادة الانضمام إلى الاتحاد الجمركي وإبرام اتفاق يتيح للشباب البريطانيين الدراسة والعمل في دول الاتحاد الأوروبي بسهولة، وأكدت أن «العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي تبقى الخيار الأفضل للمملكة المتحدة»، مشيرة إلى أن حزبها سيواصل السعي لتحقيق هذا الهدف بمجرد توفر الإرادة السياسية.
بينما تظل الحكومة البريطانية ملتزمة بعدم العودة إلى الاتحاد الأوروبي، يواصل المعارضون انتقاد تداعيات البريكست، داعين إلى استعادة العلاقات الوثيقة مع بروكسل. في ظل هذه التباينات، يبقى السؤال حول ما إذا كانت المملكة المتحدة ستظل بعيدة عن الاتحاد الأوروبي، أم أن هناك تحركات خفية لإعادة التقارب التدريجي؟
اقرأ أيضاً: بريطانيا تحذر رواندا: وضعتم مليار دولار تحت التهديد!