يحذَّر عدد من أعضاء البرلمان البريطاني من أن تصاعد مستويات الإساءات والتهديدات بات يثني الأجيال القادمة عن الدخول في معترك السياسة، مما قد يؤثر على التمثيل البرلماني مستقبلاً، ووفقاً لما صرحت به ناز شاه (Naz Shah)، النائبة عن برادفورد ويست (Bradford West)، وجايك ريتشاردز (Jake Richards)، النائب عن روثر فالي (Rother Valley)، والنائب السابق مارك إيستوود (Mark Eastwood) عن ديوسبري (Dewsbury)، فإن التهديدات التي تتعرض لها النساء في المجال السياسي تفوق تلك التي يواجهها الرجال، مما يجعل العمل في هذا المجال أكثر خطورة بالنسبة لهن.
وجاءت هذه التصريحات بعد أن كشفت النائبة عن سْبِن فالي (Spen Valley)، كيم ليدبيتر (Kim Leadbeater)، في مقابلة مع راديو 4 أن حجم الإساءات ازداد بشكل ملحوظ منذ اغتيال شقيقتها، جو كوكس (Jo Cox)، على يد متطرف يميني عام 2016، وأوضحت ليدبيتر أن «حجم الإساءة والعداء في السياسة اليوم لم يكن بهذا السوء قبل أعوام».
وصرّح جايك ريتشاردز، الذي عمل سابقاً كقاضٍ مساعد في قضية محاكمة قاتل كوكس، أن هذه التهديدات جعلت بعض موظفي البرلمان يعيدون التفكير في مستقبلهم المهني السياسي، وهو أمر «صادم للغاية»، بحسب تعبيره، وأضاف: «نحن بحاجة إلى أشخاص من مختلف الخلفيات لتمثيلنا سياسياً، وإلا فإن العملية السياسية ستنحرف عن مسارها الصحيح».
أما ناز شاه، التي دخلت البرلمان لأول مرة عام 2015، فقد أكدت أن الأوضاع تزداد سوءاً مع كل انتخابات جديدة، وأشارت إلى أن «الخطاب العام على منصات مثل إكس (X) يفاقم من حدة هذه التهديدات، حيث أصبح التعرض للإساءات أكثر انتشاراً. لا أعتقد أن هذه الظاهرة ستتراجع قريباً، وليس لدي ثقة بأنها ستنتهي في المستقبل القريب».
اقرأ أيضاً: بريطانيا تحذر رواندا: وضعتم مليار دولار تحت التهديد!
وكشفت شاه عن تعرضها لتهديدات مباشرة بالقتل، قائلة: «أحد الأشخاص أرسل لي بريداً إلكترونياً يسألني إن كنت أفضّل أن تطلق النار على رأسي أو على منزلي»، وأضافت أنها اضطرت إلى نقل أطفالها من المنزل منتصف الليل بعد أن ساورها الشك بوجود خطر حقيقي يحيط بها.
وأوضحت شاه أن الجمع بين العرق والجنس يزيد من خطر التهديدات التي تواجهها، وقالت: «كثيرون لا يحبون السياسيين، لكن إن كنت امرأة فهذا يزيد من نسبة الاستهداف، وإذا كنت امرأة من خلفية عرقية ملونة، فإن الأمر يزداد سوءاً، وإن كنت امرأة مسلمة فالوضع يصبح أشد خطورة».
النائب السابق عن ديوسبري، مارك إيستوود، الذي فقد مقعده في الانتخابات الأخيرة، قال إن أسوأ ما في هذه التهديدات هو تأثيرها على العائلة والأصدقاء، وأوضح: «لقد تعرضت للإساءات اللفظية في الحانات المحلية، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالهجمات التي يشنها أشخاص مختبئون خلف شاشاتهم. لكن التأثير الأصعب كان على عائلتي، الذين يرون هذه الإساءات بأنفسهم أو يتعرضون لها أثناء وجودهم معي في الأماكن العامة».
ورأى إيستوود أن التهديدات التي تتعرض لها النساء في البرلمان أسوأ بكثير، محذراً من أن ذلك قد يثني العديد من النساء عن الترشح مستقبلاً، وأكد على ضرورة أن «تعمل الأحزاب السياسية على تقليل الهجمات الشخصية أثناء الحملات الانتخابية، وأن يتحمل الجميع مسؤولية الحد من هذه الظاهرة».
اقرأ أيضاً: أسترازينيكا تصفع ريفز على خدها!
ويرى جيمس فينسنت (James Vincent)، المحرر السياسي في بي بي سي يوركشاير (BBC Yorkshire)، أن هذه الظاهرة تزداد سوءاً عاماً بعد عام، حيث أصبح السياسيون أكثر حرصاً عند إجراء المقابلات الإعلامية بسبب المخاطر التي قد تترتب عليها. وقال: «لقد تحدثت إلى سياسيين حول هذا الموضوع منذ أكثر من 20 عاماً، وجميعهم يعتقدون أن الوضع يزداد سوءاً».
وأضاف أن بعض السياسيين رفضوا الظهور على الكاميرا للحديث عن الأمر خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تصاعد حجم الإساءات الموجهة إليهم. وأوضح أن بعضهم تعرض للضرب، بينما قرر آخرون التخلي عن مناصبهم بسبب تصاعد التهديدات.
ومن جهته، أعرب جايك ريتشاردز عن صدمته من مستوى العداء الذي يواجهه النواب في العصر الحديث، قائلاً: «لقد أصبح الجانب الإلكتروني للسياسة الحديثة أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم المشكلة، حيث تتيح وسائل التواصل الاجتماعي مساحة كبيرة للإساءات دون رادع»، وأضاف: «هناك مشكلة حقيقية مع خاصية إخفاء الهوية على الإنترنت، إذ تسمح للناس بإطلاق العنان لأسوأ ما لديهم في النقاشات العامة».
هذا وأشار إلى أن أكثر ما يؤلمه هو رؤية أفراد أسرته وموظفيه يتعرضون للهجوم بسبب عمله السياسي، وختم قائلاً: «عندما يكون التركيز على شخصي وقراراتي السياسية، يمكنني التعامل مع الأمر، ولكن عندما تمتد الإساءات إلى عائلتي وموظفيّ، فهذا خط أحمر لا يجب تجاوزه».
اقرأ أيضاً: ربع جامعات بريطانيا الرائدة تخفض أعداد موظفيها والسبب!!