حذر تقرير جديد من أن مشكلات الصحة النفسية في الطفولة ستكلف الاقتصاد البريطاني 1.16 تريليون جنيه إسترليني من الأرباح المفقودة مدى الحياة، وذلك كنتيجة مباشرة لأزمة صحة الشباب البريطانيين النفسية على المدى البعيد.
التقرير الصادر عن حملة عقول المستقبل للصحة النفسية التي انطلقت بدعم من مركز الصحة العقلية ومركز حياة الشباب وتحالف الصحة العقلية للشباب والعقول الشابة، أشار إلى أن الغياب المستمر عن المدرسة كلف الاقتصاد البريطاني العام الدراسي الماضي 1.17 مليار جنيه، مشدداً على الحكومة البريطانية عدم التقليل من خطورة هذه الأزمة والعمل على إيجاد حل لها.
وأكد التقرير على ضرورة إجراء مراجعة مستقلة لأسباب أزمة الصحة النفسية التي يعاني منها الأطفال، ووضع خطة لإصلاح ودعم خدمات الصحة النفسية للأطفال والشباب، من خلال دعم القوى العاملة في هذا المجال، وتعزيز الاستثمار في فرق دعم الصحة النفسية لضمان تلبية خدمات الصحة النفسية والمجتمعية.
وراعى التقرير في دراسته النمو السكاني وانتشار المشكلات النفسية، إذ بين أن تدهور صحة الشباب البريطانيين النفسية أثناء انتظار مواعيد العلاج في خدمات الصحة النفسية للأطفال والمراهقين، كلف الاقتصاد سنوياً ما يقرب من 295 مليون جنيه للخدمات الصحية والعامة الأخرى.
التقرير حذر من النتائج السلبية لنقص القدرة الاستيعابية للخدمات الصحية، لجهة وصول عدد كبير من الشباب إلى ذروة الأزمة، الأمر الذي يزيد الضغط على خدمات الطوارئ والمستشفيات، وبالتالي يسبب نقصاً في الأسرة وارتفاعاً في أوقات الانتظار، مبيناً ضرورة التركيز على الوقاية وتوفير رعاية متخصصة للأطفال والشباب الذين يحتاجون إليها.
هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) كشفت أن خدمات الصحة النفسية تستقبل أعداداً قياسية من الأطفال الذين يعانون من الاكتئاب والقلق، مما دفعها لتوسيع نطاق خدماتها وإنشاء فرق دعم نفسي في المدارس، بما يسهم في تمكين نصف طلاب إنجلترا من الوصول لمختصين بحلول الربيع المقبل.
ووفقاً للهيئة تم في عامي 2023 و2024 وصف مضادات الاكتئاب لأكثر من 600 ألف شاب ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و25 عاماً في إنجلترا، إضافة إلى وصف أدوية لآلاف آخرين لعلاج حالات كالقلق.
وفي ردها على ذلك، أعلنت الحكومة البريطانية التزامها بمعالجة أزمة صحة الشباب البريطانيين النفسية من خلال إصلاح نظام الرعاية الصحية وضمان أن تحظى الصحة النفسية بنفس الاهتمام الذي تحظى به البدنية، إذ تم تخصيص 26 مليون جنيه إسترليني لافتتاح مراكز لعلاج الأزمات النفسية، وتوفير مختصين نفسيين في المدارس، وتعيين 8,500 عامل إضافي في مجال الصحة النفسية.
وسجلت خدمات الصحة النفسية في إنجلترا أكثر من 500 إحالة يومية لأطفال يعانون من القلق، إذ يعاني واحد من كل خمسة أطفال وشباب من مشكلات نفسية شائعة كالقلق والاكتئاب، الأمر الذي ينعكس سلباً على دوامهم المدرسي وفرصهم الوظيفية ومستويات دخلهم المستقبلية.
تقرير لجامعة كلية لندن كشف أن حالات القبول السنوية للأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين 5 و18 عاماً ويعانون من مشاكل الصحة العقلية، ارتفعت من 24198 حالة عام 2012 إلى 39925 حالة عام 2022، كما رصدت التقرير زيادة كبيرة في حالات إيذاء النفس بين الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين 5 و10 سنوات، وحالات دخول الأطفال الذين يعانون من اضطرابات الأكل والتي ارتفعت من 478 إلى 2938 حالة.
دراسة أخرى أجرتها كلية الطب بجامعة نوتنغهام، بينت أن مئات الأطفال ممن يعانون من اضطرابات نفسية كالاكتئاب والقلق لم يتلقوا التشخيص أو الدعم اللازم، وذلك نتيجة صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية النفسية، إذ أن حوالي 1.6 مليون شخص ينتظرون العلاج النفسي في المملكة المتحدة، بينهم 450 ألف طفل وشاب.
ويدعو المختصون في علم النفس إلى بذل جهود مضاعفة لمنع تحول مشاكل صحة الشباب البريطانيين النفسية إلى اضطرابات خطيرة، من خلال نهج شامل على مستوى المجتمع بأكمله، يقوم على خلق بيئات داعمة للصحة العقلية في المجتمعات والمدارس وأماكن العمل.
كما يؤكد أطباء الصحة النفسية على ضرورة القيام بكل ما من شأنه تعزيز الصمود الشخصي لدى الشباب في مواجهة ضغوط الحياة اليومية التي يتعرضون لها، وتوفير قدر أكبر من الفرص للشباب للمشاركة في مختلف الأنشطة التي تربطهم بمجتمعاتهم وتبني الصداقات بينهم وتجعلهم يعيشون حياة مجتمعية صحية.