يعيش اللاجئون السوريون في بريطانيا حالة من الغموض وعدم اليقين بعد التجميد المستمر لطلبات لجوئهم، بعد شهرين من سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، فقد كانت وزارة الداخلية البريطانية قد أعلنت في التاسع من ديسمبر 2024 عن قرارها بوقف معالجة طلبات اللجوء الخاصة بالسوريين، مشيرةً إلى الحاجة لتقييم الوضع الحالي في سوريا، ما أثار مخاوف واسعة بين اللاجئين.
لا يزال الوضع حتى الآن غامضاً للغاية، ووفقاً لتحليل أجرته صحيفة “أوبزرفر” استناداً إلى الأرقام الرسمية، هناك ما لا يقل عن 6600 طلب لجوء سوري مجمد في النظام البريطاني، مع إمكانية احتواء كل طلب على أكثر من شخص، وتوقعات بتقدم المزيد من اللاجئين، الذين يصلون على متن قوارب صغيرة، بطلبات لجوء جديدة، وقد دعت الجمعيات الخيرية والمحامون البارزون الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحل هذه الأزمة.
اقرأ أيضاً: مطالبات بإعادة 55 مليون باوند للشعب السوري

وتُشير التقديرات إلى أن العديد من الطلبات المجمدة تأتي من سوريين فرّوا من نظام الأسد، وفي جلسة لمجلس اللوردات الشهر الماضي، أكد وزير الداخلية اللورد هانسون وجود دليل قوي على هذا الأمر، ومع ذلك، وُجهت اتهامات لعدة مجموعات مختلفة بالاضطهاد وارتكاب جرائم حرب.
في المقابل، اتّهم مسؤول في وزارة الداخلية البريطانية، طلب عدم الكشف عن هويته، الحكومة البريطانية بـ “تعليق حياة الناس لأسباب سياسية”، وجاء ذلك في سياق التردد الداخلي حول كيفية التعامل مع نظام أحمد الشرع، الذي تم تعيينه رئيساً للفترة الانتقالية في سوريا في 29 يناير الفائت.
وأشار المسؤول إلى أن الحكومة تحتجز طالبي اللجوء في انتظار موقف وزارة الخارجية من الوضع الدولي، وأكد أنه لا يوجد مبرر لهذا الإجراء، حيث يمكن منح اللجوء أولاً ثم إلغاؤه لاحقاً إذا تأكد أن اللاجئ لم يعد يواجه خطر الاضطهاد في بلده الأصلي.
ولكن هانسون، أكد أن “هذه الخطوة كانت ولا تزال ضرورية، وقد اتخذتها العديد من الدول الأوروبية الأخرى”، وأشار إلى أن التوقف قيد المراجعة المستمرة، مضيفاً: “عندما يكون هناك أساس واضح لاتخاذ القرارات، سنستأنف”.
وينطبق قرار التجميد أيضاً على السوريين الذين حصلوا بالفعل على وضع اللاجئ، والذين يقتربون من نهاية فترة المنحة الأولية الممتدة لخمس سنوات للبقاء في المملكة المتحدة، إذ يتعين عليهم تقديم طلب جديد للبقاء.
اقرأ أيضاً: 50 مليون جنيه إسترليني لمساعدة الشعب السوري
من جانبه، حث مجلس اللاجئين الحكومة على إيجاد طرق بديلة لمعالجة طلبات اللجوء، مثل التركيز على الطلبات التي لا تعتمد على الاضطهاد من قبل نظام الأسد أو منح أشكال من الحماية الإنسانية، وأكد جون فيتونبي، كبير محللي السياسات في الجمعية الخيرية، أن “الوضع المظلم” المستمر كان مؤلماً للمتضررين ومكلفاً للبلاد.
وأضاف فيتونبي: “ندرك أن الوضع قد تغير كثيراً، لكن العديد من الأشخاص عالقون بالفعل في نظام اللجوء لفترة طويلة، والآن وقعوا في فخ عدم اليقين”، وأشار إلى ضبابية الرؤية بشأن المدة التي سيستغرقها التوقف، مؤكداً أن وزارة الداخلية بحاجة إلى بعض الوقت لفهم المتغيرات، ومع ذلك، شدد على أن من مصلحة الجميع إيجاد وسيلة للمضي قدماً بسرعة.
ولفت فيتونبي إلى أن اللاجئين السوريين الذين يتمتعون بحقوق قانونية ويقتربون من المواعيد النهائية لتقديم طلبات الحصول على إقامة غير محددة، يواجهون “عواقب وخيمة”، فإذا انتهت صلاحية حقهم القانوني في البقاء، فإنهم سيخسرون أهليتهم للسكن والتوظيف والدراسة.
وأضاف: “من الطبيعي أن يسبب هذا القلق ويعطل حياتهم، حتى لأولئك الذين عاشوا في المملكة المتحدة لسنوات وبدؤوا في إعادة بناء حياتهم، لا يبدو واقعياً أن الوضع في سوريا سيُحلّ قريباً، وترك الأفراد في حالة من الغموض ليس في مصلحة أي طرف”.
اقرأ أيضاً: منع أسماء الأسد من دخول المملكة المتحدة
بدوره، دعا ستيف سميث، الرئيس التنفيذي لجمعية “كير فور كاليه” الخيرية، الحكومة البريطانية إلى رفع الحظر على طلبات اللجوء للاجئين السوريين، وعدّ أن القرار يعكس عجز الحكومة عن ضمان الأمن في سوريا، وأكد سميث أن اللاجئين يستحقون الحصول على قرارات بشأن طلباتهم لبدء إعادة بناء حياتهم.
جدير بالذكر أن منظمة العفو الدولية كانت قد نشرت الشهر الماضي تقريراً بعنوان “اللاجئون السوريون وسقوط الأسد”، وتناول تعليق الحكومة البريطانية لعملية اتخاذ قرارات اللجوء، وأشارت المنظمة إلى أن هذا التعليق، إذا كان مجرد مراجعة قصيرة الأجل، يجب أن يتبعه استئناف سريع لعملية اتخاذ القرار.
كما أكد التقرير على أهمية دراسة الظروف الفردية للاجئين، مع التأكيد على حاجة الأشخاص الراغبين في العودة إلى القيام بذلك بأمان مع ضمان حقوقهم في المملكة المتحدة.
اقرأ أيضاً: وزير بريطاني سابق يكشف سبب سقوط الأسد!