أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها أمهلت دبلوماسيين بريطانيين اثنين، أسبوعين، لمغادرة موسكو بسبب تورطهما في نشاط استخبارات وتجسس داخل البلاد.
وذكرت وكالة “تاس – Tass” الروسية نقلاً عن جهاز الأمن الاتحادي، إن أوامر صدرت لشخصين مرتبطين بالسفارة البريطانية لدى موسكو بمغادرة البلاد لتورطهما بشكل مباشر في تقديم معلومات خطأ عن نفسيهما عند دخولهما إلى روسيا.
وذكر الجهاز أنه رصد “مؤشرات إلى أنشطة استخبارات وتخريب” من المسؤولين البريطانيين من شأنها أن تهدد الأمن القومي الروسي، وبناء على ذلك أمهلتهما أسبوعين لمغادرة روسيا، ما يعيد إلى الواجهة مجدداً حرب “طرد الدبلوماسيين” بين بريطانيا وروسيا، والتي بدأت منذ شباط 2022.
من جانبها، لم تُصدر بريطانيا تعليقاً مباشراً على الخطوة الروسية، لكنها عادت ونددت بإعلان موسكو طرد اثنين من الدبلوماسيين البريطانيين، وأكدت لندن أن الخطوة استندت الى اتهامات “خبيثة ولا أساس لها”، وفقاً لبيان الخارجية البريطانية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية “هذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها روسيا اتهامات خبيثة ولا أساس لها بحق موظفينا”.
ومنذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا في شباط 2022، تصاعدت الأزمة السياسية والدبلوماسية بين لندن وموسكو، وتبادل الطرفان تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي، إضافة إلى عمليات الطرد المستمرة للدبلوماسيين الروس من الأراضي البريطانية، والدبلوماسيين البريطانيين من الأراضي الروسية، حيث تحاول لندن الضغط على الكرملين لإيقاف الحرب في أوكرانيا، بينما تقول روسيا إن الحكومة البريطانية متورطة بشكلٍ مباشر في النزاع المستمر منذ 4 سنوات.
حالات مشابهة
تعد بريطانيا من أقوى الداعمين عسكرياً وسياسياً لأوكرانيا منذ بدء الحرب الروسية، وهذا الأمر ترفضه موسكو بشكل قاطع، لذلك شهدت السنوات الماضية حالات عديدة لطرد الدبلوماسيين بين البلدين.
في 26 تشرين الثاني 2024، طردت روسيا دبلوماسياً بريطانياً بعد اتهامه بالتجسس وبتقديم معلومات شخصية كاذبة إلى السلطات لدى وصوله إلى موسكو، إلا أن لندن عدّت الاتهامات “لا أساس لها”.
وحذّرت الحكومة البريطانية روسيا بسبب قرارها، من أنها “سترد في الوقت المناسب”.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، “هذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها روسيا اتهامات مغرضة ولا أساس لها ضد موظفينا. سنرد في الوقت المناسب”.
وفي العام 2024، أعلنت بريطانيا عن قيود جديدة على التأشيرات الدبلوماسية الروسية، تشمل الحد من الفترة التي يمكن أن يقضيها الدبلوماسيون الروس في المملكة المتحدة،
واعتبرت لندن أن الإجراءات التي اتخذتها خلال الأعوام الأخيرة “جعلت من المملكة المتحدة مكاناً صعباً جداً لعمليات أجهزة الاستخبارات الروسية”.
وفي نيسان 2024، هاجمت بريطانيا ما وصفته بـ “الأنشطة الخبيثة التي تقودها روسيا على أراضيها”، وذلك بعد توجيه الاتهام لشخص في لندن، بموجب قانون الأمن القومي لبريطاني، بعقوبة قد تصل إلى 20 عاماً، على خلفية الاشتباه في تخطيطه لشن هجمات ضد شركات مرتبطة بأوكرانيا.
ما قبل الحرب الأوكرانية
شهدت العلاقات بين موسكو ولندن توترات دبلوماسية عديدة منذ وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السلطة للمرة الأولى قبل نحو 25 عاماً، بسبب قضايا أمنية وأخرى تتعلق بالتجسس.
واتهمت المملكة المتحدة موسكو بقتل العميل الروسي السابق المناهض للكرملين، ألكسندر ليتفينينكو Alexander Litvinenko، عبر تسميمه في لندن عام 2016.
وفي 2018، أقدمت لندن وحلفاؤها على طرد عشرات الدبلوماسيين الروس على خلفية اتهامهم بالتجسس، إثر محاولة قتل العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال Sergei Skripal عبر تسميمه في بريطانيا.
إن الحادثة الاخيرة بطرد دبلوماسيين بريطانيين من روسيا، قد تعطي إشارة لعودة “الحرب الدبلوماسية” بين لندن وموسكو، ويمكن القول إن الموقف الأمريكي “المنحاز” إلى موسكو والذي عبّر عنه الرئيس دونالد ترامب المتمثل برغبته في “إيقاف الحرب الأوكرانية عبر الحوار”، قد يكون سبباً في احتدام الموقف الأوروبي ضد روسيا، بينما يعتبره بوتين رسالة إيجابية من واشنطن لمتابعة ما بدأه عام 2022 إذا لم يستجب الرئيس الأوكراني للطلبات الأمريكية، خصوصاً بعد “الإهانة” التي تعرّض لها زيلينسكي في البيت الأبيض قبل أيام أمام عدسات الكاميرات.
اقرأ أيضاً: مقامرة سياسية أم تحول استراتيجي؟ زيادة تاريخية في إنفاق بريطانيا الدفاعي