الذبح الحلال وإعادة تصعيد خطاب العنصرية ضد المسلمين
تابعونا على:

أخبار لندن

الذبح الحلال وإعادة تصعيد خطاب العنصرية ضد المسلمين

نشر

في

452 مشاهدة

الذبح الحلال وإعادة تصعيد خطاب العنصرية ضد المسلمين

خطاب الكراهية المتنامي ضد المسلمين في بريطانيا يحاول أن يجد لنفسه طريقاً عبر أي موضوع أو قضية، فهذا الخطاب القريب البعيد عادة ما يُغلف بطريقة سياسية محترمة على الرغم من طريقة طرحها الهجومية على العلن، وكان أخرها الذبح الحلال للحيوانات الذي أشعل فتيل العنصرية في بلد الحريات.

يحاول عدد من السياسيين البريطانيين الركوب فوق موجة الإسلاموفوبيا التي أصلاً اختلقوها لأنفسهم بطرق عدة، فأصبح الحديث حول مثلاً الذبح الحلال محور اهتمامهم بالرغم من الأزمات الاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها البلاد، ومن هؤلاء الساسة النائب السابق روبرت لو Robert Low عن حزب الإصلاح اليميني المتطرف (Reform UK) الذي شن حملة كراهية على المسلمين مقنعة بموضوع الذبح الحلال عبر تغريدة على منصة X.

جاء في تغريدة لو “الذبح الحلال هو طريقة وحشية ومؤلمة للغاية لموت الحيوان – هذا العذاب القاسي لا يمكن تبريره يجب أن تكون رعاية الحيوان فوق الذبح الحلال بصفتي مزارعا، أعتقد أن الحيوانات يجب أن تُذبح بأكثر الطرق الإنسانية الممكنة، دون ألم غير ضروري”.

أثارت هذه التغريدة الكثير من الجدل خلال فترة قصيرة، وحصلت على ثلاثة ملايين مشاهدة، تناقضت فيها التعليقات بين مؤيد ومعارض، إلا أن معظم التغريدات كانت تسأل لو لماذا لا ينتقد طريقة الذبح وفق الشريعة اليهودية (الكوشير) المشابهة للذبح الحلال؟

اقرأ أيضاً: مقابر المسلمين في بريطانيا حلم بعيد المنال

دوافع سياسية ودينية للنائب لو وراء إثارة موضوع الذبح الحلال

وبالنظر إلى مسيرة لو السياسية الطويلة نجد أن خطاب الكراهية ضد المسلمين كان ظاهراً جلياً، ولعل موضوع الذبح الحلال كان طريقة لتصعيد هذا الخطاب ووراءه أهداف سياسية واضحة، محاولاً إشغال الرأي العام بقضايا ثانوية بالرغم من وجود عدة قضايا رئيسية من الواجب تسليط الضوء عليها.

فلو يحاول أن يبقى تحت للأضواء بعد التهم الموجهة له بتهديد عدد من الشخصيات المعارضة له، إضافة إلى محاولته كسب تأييد اليمين المتطرف، عدا عن استخدامه الإسلاموفوبيا لترسيخ الشرخ والانقسام في المجتمع البريطاني، ومهاجمته لرئيس حزبه يوسف زيا المسلم لأسباب دينية وعنصرية.

يُستخدم الذبح الحلال كذريعة سياسية لتوحيد الصفوف وصنع عدو مشترك كلما اقتضت الحاجة، فهذا المشهد السياسي مكرر وتم تناوله عدة مرات، مع العلم أن 80% من اللحوم الحلال يُستخدم فيها الصعق الكهربائي وفقاً للقوانين البريطانية.

وبالنظر إلى المقارنة بين الطريقة الإسلامية في ذبح الحيوان والذبح الآلي نجد أن الطريقة الإسلامية تعتمد على ذبح الرقبة مباشرة لتصفية الدم، في حين يعتمد الذبح الآلي على الصعق الكهربائي ثم الذبح.

منذ سنوات تم إعادة تصدير قضية الذبح الإسلامي للحيوان إلى الواجهة المجتمعية في بريطانيا، وعندها علق رئيس الرابطة الإسلامية في بريطانيا عمر الحمدون بأن هناك حملة ضد الذبح الحلال لدى المسلمين خاصة دون التطرق إلى الديانات الأُخرى التي تتبع طريقة مشابهة للشريعة الإسلامية، وأضاف حمدون أن جمعيات حقوق الحيوان تنشر عن هذا الموضوع بدون وجود أجندات سياسية، إلا أنه هناك أحزاب سياسية يمينية متطرفة تستغل هذا الموضوع لعزل المسلمين في بريطانيا.

في حين قال استشاري الصحة العامة يونس التيناز، والخبير بملف اللحم الحلال ببريطانيا أنه يجب أن ينظم اللحم الحلال بطريقة لا تخالف القوانين وبنفس الوقت ترضي المسلمين.

في الإسلام واليهودية، يُشترط أن تُذبح الحيوانات والطيور بطريقة محددة، بحيث تكون في حالة وعي تام عند الذبح، ويُستخدم سكين حاد لقطع عنقها بسرعة. كما يجب أن تكون الذبيحة سليمة صحيًا، وأن تُسفك دماؤها دون اللجوء إلى الصعق الكهربائي أو التخدير قبل الذبح.

إلا أن هذه الطريقة أثارت جدلاً في بعض الدول الأوروبية، حيث يُنظر إليها على أنها تسبب معاناة للحيوان. وقد دفعت هذه الانتقادات العديد من الجهات إلى المطالبة بحظر الذبح الحلال، معتبرةً أن تخدير الحيوان أو صعقه مسبقاً يقلل من شعوره بالألم. ومع ذلك، فإن هذه الممارسات تتعارض مع التعاليم الإسلامية واليهودية، حيث تُعدّ الذبيحة في هذه الحالة «ميتة» ولا يجوز تناولها وفقاً لأحكام الديانتين.

وفي هذا السياق، أصدر المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في آب 2019 فتوى بعدم جواز تناول لحوم الدواجن والأبقار المذبوحة وفق الطرق الأوروبية التي تتضمن ممارسات تتعارض مع الشريعة الإسلامية، نظراً لما يترتب عليها من موت عدد كبير من الحيوانات قبل الذبح الشرعي. كما دعا المجلس الدول الغربية إلى احترام الخصوصيات الدينية للمسلمين، والسماح لهم بممارسة شعائر الذبح وفق تعاليمهم الدينية.

ظهر قانون حظر (الذبح الحلال والكوشير) في الدول الأوروبية عام 1933، عندما حظر النازيون الذبح الـ”الكوشر” لليهود، وتعرض له المسلمون مع تصاعد مخاوف الإسلاموفوبيا وصعود اليمين المتطرف، وعلى الرغم من القانون الذي يحمي حرية الدين والمعتقد، إلا أن الأمم المتحدة تؤكد على ضرورة تقاطع الدين مع حقوق الإنسان والحيوان، والجدير بالذكر أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قامت بإصدار قرار نهائي بشأن حظر الذبح الحلال في بلجيكا، ورفضت طلب إعادة النظر بالقرار.

اقرأ أيضاً: محلات لبيع المنتجات الإسلامية في بريطانيا

اقرأ أيضاً: مقاطعة المطاعم الإسرائيلية في لندن

X