أعلنت الحكومة البريطانية عن تنفيذ خطة جديدة تهدف إلى تقليص قوائم الانتظار في المستشفيات، عبر تحويل عدد كبير من حالات المرضى إلى رعاية مجتمعية بدلاً من الاعتماد الكامل على المؤسسات الاستشفائية.
ويأتي هذا التوجه في إطار إعادة هيكلة منظومة الصحة العامة التابعة لهيئة خدمات الصحة الوطنية (NHS) ليشمل تقديم رعاية صحية محلية وأكثر استدامة.
برنامج “النصيحة والإرشاد”
ويقوم البرنامج الجديد، الذي أطلق عليه “النصيحة والإرشاد”، على مبدأ تقديم استشارة طبية من أطباء مختصين للأطباء العامين (GPs) قبل اتخاذ قرار بإحالة المريض إلى المستشفى.
وإذا قرر الطبيب العام التعامل مع الحالة في العيادات المحلية بعد تلقي المشورة، يحصل على مكافأة مالية قدرها 20 جنيهًا إسترلينيًا.
وتراهن الحكومة على هذا الحافز لتشجيع الأطباء على إبقاء الرعاية الطبية في إطار المجتمع المحلي، ما يسهم في تقليص قوائم الانتظار وتسريع حصول المرضى على خدمات طبية أساسية.
وخصصت الحكومة البريطانية 80 مليون جنيه إسترليني لدعم هذا التوجه الذي يدخل حيز التنفيذ على نطاق وطني في جميع أنحاء إنجلترا، ومن المتوقع أن يسهم في تقديم رعاية صحية أسرع لحوالي مليوني مريض سنويًا، خاصةً أولئك الذين يعانون من حالات مثل متلازمة القولون العصبي، وأعراض انقطاع الطمث، والتهابات الأذن والحنجرة.
تقليص الضغط وتحسين الكفاءة
وفقًا لبيانات هيئة خدمات الصحة الوطنية (NHS)، فإن عدد المنتظرين لإجراء فحوصات أو عمليات جراحية بلغ نحو 7.4 مليون موعد، ما يعكس حجم الأزمة التي تواجهها المستشفيات.
ويعاني ما يقارب 400 ألف مريض من مشاكل في الجهاز الهضمي ينتظرون رؤية مختص، ما يؤكد ضرورة إيجاد بدائل لتقليل الضغط على المستشفيات العامة.
وتوضح وزيرة الصحة البريطانية كارين سميث (Karen Smith) أن البرنامج يعكس “إعادة هيكلة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الكفاءة وتحسين جودة الرعاية الصحية في بريطانيا”، مشددة على أهمية تقريب الرعاية من منازل المرضى وتوفير الوقت والتكاليف على المنظومة الصحية بأكملها.
اقرأ أيضاً: تعليق على واتساب يطيح بوزير الصحة البريطاني!
موقف متباين من المؤسسات الصحية
رحبت الجمعية الطبية البريطانية (British Medical Association) بالمبادرة، واعتبرتها “خطوة صغيرة لكنها مهمة” في اتجاه تعزيز دور الأطباء العامين في تقديم الرعاية الأولية وتحقيق استقرار النظام الصحي، بعد سنوات من التحديات والضغط المتزايد.
في المقابل، أعربت بعض الجهات المستقلة عن قلقها من أن يؤدي هذا النظام إلى تأخير الإحالات المهمة، أو أن يخلق مزيدًا من العبء الإداري على الكوادر الطبية.
وحذر خبراء في مؤسسة “كينغز فاند” ( King’s Fund) من أن الحوافز المالية قد تشجع بعض الأطباء على تأخير إحالة الحالات التي تتطلب تدخلًا متخصصًا، مما قد يؤثر سلبًا على المرضى الذين يحتاجون إلى تقييم سريع من قبل أخصائيين، مشيرين إلى أن هذه خطوة قد تكون إضافية تؤدي إلى إطالة فترة انتظار المرضى، بدلاً من تسريع العلاج”.
تحديات التنفيذ ومستقبل الخطة
في سياق التنفيذ، طلب من مجالس الرعاية المتكاملة (ICBs) وضع خطط واضحة لتطبيق البرنامج بحلول ربيع عام 2026، مع تقييم ربع سنوي للتقدم في عدة محاور، من بينها البنية الرقمية وتوزيع القوى العاملة.
ومن المرجح أن يستغرق البرنامج وقتًا حتى يحقق نتائجه المرجوة، خاصة مع تنوع النماذج الطبية المحلية في إنجلترا.
ومع كل ذلك، يبدو أن الحكومة البريطانية تسير في اتجاه واضح نحو ترسيخ نهج جديد في تقديم الرعاية الصحية، يقوم على تخفيف المركزية وتعزيز قدرات الرعاية الأولية، بما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو نظم صحية أكثر مرونة واستجابة.
اقرأ أيضاً: أسترازينيكا تصفع ريفز على خدها!
