جرب التحدث إلى أي طفل في هذه الأيام وستجده عادةً منشغلاً بهاتفه المحمول، ولذلك أقر الساسة الفرنسيون قانوناً لحظر الهواتف المحمولة في المدارس، خوفاً من أن يفقد الأطفال قدرتهم على الاختلاط.
وينص القانون على أن التلاميذ الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة لن يكونوا قادرين على استخدام الهواتف المحمولة في أي مكان على أرض المدرسة ابتداءً من شهر سبتمبر المقبل.
ولكن هل يمكن أن يضر ذلك بتنمية الأطفال؟
قالت الأم إيفا سيمبسون، والتي تعمل كاتبة في صحيفة “ذا ميرور”: “إنه لا يوجد مكان للهواتف المحمولة في المدارس، وأشيد بالحظر المفروض على الطلاب الفرنسيين باستخدامهم في المدارس”.
وأضافت: “فرض العديد من مدراء المدارس في المملكة المتحدة حظراً غير رسمي على الهواتف، لأنهم منحوا الحق في مصادرة الأشياء من التلاميذ في عام 2007، ولكنني سأكون سعيدة لرؤية القانون قد تغير، وتم حظرها في جميع المدارس هنا”.
وتابعت سيمبسون: “يجب أن يكون الأطفال قادرين على الانفصال عن العالم الرقمي الذي يشكل جزءًا كبيراً من حياتهم، على سبيل المثل، لقد أعطيت ابني البالغ من العمر 12 عاماً هاتفي القديم، إنه قرار يؤسفني وأصبح هذا هو سبب العديد من المنازعات في منزلنا، حيث أنه هناك شجار دائماً حول سبب عدم امتلاكه حسابًا في Instagram أو Snapchat عندما يمتلكه جميع أصدقائه”.
وقالت: “أنا استسلمت لطلبه بتنزيل لعبة الفيديو Fortnite، وقضى كل وقت فراغ يلعب اللعبة مع أصدقائه، كنت أفضل أن يقراءة كتاب جيد”.
في هذه الأيام يقضي الأطفال أوقاتهم مع أصدقائهم في العالم الرقمي وليس في العالم الحقيقي، لذلك لا عجب في زيادة السمنة في مرحلة الطفولة.
جعلت الهواتف المحمولة حياتنا أسهل، ولكنها تسببت أيضاً في مشكلات للأطفال.
ووجد العلماء في جامعة كوريا في سيول، أن الأطفال المدمنين على هواتفهم أكثر عرضة للاضطرابات العقلية مثل الاكتئاب والقلق.
ووجدت دراسة أجرتها كلية لندن للاقتصاد في عام 2015، أن الحظر المفروض على الهواتف المحمولة في المدارس كان من شأنه أن يمنح التلاميذ أسبوعاً إضافياً من التعليم على مدار العام، وارتفعت درجات الاختبار 6 ٪.
بينما قال بيتر توينينج، أستاذ التربية في الجامعة المفتوحة والمعلم السابق، “قبل أن نتسرع في اتباع قرار الحكومة الفرنسية، نحتاج إلى طرح سؤال بسيط للغاية: ما هي أهمية المدارس؟ إذا كنا نعتقد أنها تدور حول تعليم أطفالنا للتعامل مع العالم وتحقيق أفضل ما لديهم، فإن حظر الهواتف المحمولة لا معنى له”.
وأضاف: “كما يعرف الكثير من الآباء، الإنترنت هو المكان الذي يقضي فيه الأطفال الكثير من الوقت في التفاعل مع العالم الخارجي، ومنذ 11 سنة بعد أن أصدرت شركة آبل هاتف “iPhone”، تغير العالم تماماً وبدأ الأطفال في الاختلاط والتعلم عبر الإنترنت من خلال الهواتف”.
وتابع توينينج: “يجب أن تكون المدرسة مكاناً نعلم الأطفال فيها كيفية استخدام التكنولوجيا بأدب، ومعرفة متى ينبغي عدم الرد على الهاتف أو الرد على رسالة، ثم هناك حقيقة أن المدارس لا تستطيع تحمل تكلفة كل التكنولوجيا التي يحتاجون إليها، لذا يبدو أن الناس لا يعرفون أهمية أن يكون الأطفال لديهم أجهزة كمبيوتر في جيوبهم، وغالباً ما تكون أقوى من تلك الموجودة في الفصول الدراسية”.
لا تقتصر الهواتف المحمولة على الرسائل النصية أو Whatsapping، فالأطفال يمكنهم استخدامها لإجراء الأبحاث وكتابة القصص وتعلم كيفية إنشاء مقاطع فيديو وتعديلها وبناء منتديات، وبدلاً من حظر الهواتف من المدارس، نحتاج إلى جعلها جزءًا أكبر من يوم المدرسة.