تستعدّ المهندسة المدنية المصرية ولاعبة كرة السلة سارة جمال لإدارة مباريات فئة ٣×٣ التي ستُلعب لأول مرة ضمن منافسات كرة السلة بأولمبياد طوكيو المقبل في شهر يوليو/تموز من هذا العام. وتم اختيار سارة من قبل الاتحاد الدولي لكرة السلة كأول حكمة عربية محجّبة تشارك في إدارة المباريات الأولمبية، وهو الإعلان الذي قابلته بسرور بالغ.
ويُعتقد أن كرة سلة الثلاثيات(3x 3) أي يلعب الفريقان على سلة واحدة وعدد أعضاء كل فريق ثلاثة لاعبين هي الرياضة الجماعية الأكثر انتشارا في العالم، وقد ازدادت شعبيتها في جميع أنحاء العالم إذ تلعب في الحدائق ومناطق الترفيه.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 430.000 لاعب، في 182 دولة، يلعبون هذا الشكل من كرة السلة. وستكون سارة أيضا أول امرأة عربية وإفريقية تحكّم كرة سلة الثلاثيات (3x 3) في الأولمبياد.
“أبذل قصارى جهدي”
تقول سارة إن المشاركة في الألعاب الأولمبية هو “حلم” بالنسبة لها، وبسبب الوباء لم يكن إجراء الألعاب أمرا مضمونا، لذلك تقول: “كنا قلقين للغاية بشأن ما إذا كانت ستقام أم لا ، لكن في النهاية حُسم الموضوع”.
تقول سارة إن عائلتها فخورة جداً بها، لكنها تدرك أن مثل هذا الإنجاز العظيم ترافقه توقعات مرتفعة: “إنها مسؤولية كبيرة فأنا لا أمثّل نفسي فقط، بل أمثّل أيضا كلا من أفريقيا والعالم العربي”.
“ليس الأمر سهلا، لكني أريد أن أمثلهم خير تمثيل، لذلك أبذل قصارى جهدي”.
تتحدث سارة بلطف وهي تبتسم بود, بعد ساعات فقط على عودتها إلى بلدها مصر بعد تحكيم مباراة كرة سلة في رومانيا.
وقالت: “كل مرة أحقق فيها شيئا وأعتبره أكبر إنجاز، يفاجئني الله ويضع أمامي فرصة جديدة أكبر من السابقة, في الموسم الماضي، رشحت لإدارة مباراة نصف النهائي للدوري المصري للرجال، وكان هذا إنجازا بحد ذاته”.
وهذا الموسم، واصلت سارة إنجازاتها وأدارت نهائي كأس مصر للرجال ودوري كرة السلة الأفريقي للرجال. “كانت تلك خطوات كبيرة بالنسبة لي ولكل الحكام الإناث الأخريات في مصر، لأنها كانت المرة الأولى التي تدير فيها امرأة نهائي الرجال في البلاد”.
السير على المسارين
رغم النجاحات التي حققتها سارة في الآونة الأخيرة، إلا أن طريقها باتجاه الألعاب الأولمبية كان طويلا ,حيث بدأت رحلتها عندما كانت فتاة صغيرة تشاهد أختها الكبرى تلعب كرة السلة وكانت ترافقها إلى الحصص التدريبية.
بدأت سارة اللعب في عمر الخامسة، ومع بلوغها الخمسة عشر عاما كانت تقوم بتحكيم المباريات.
ولمدة ثماني سنوات، كانت سارة لاعبة ومحكّمة مباريات، وتقول إن قرار التخلي عن اللعب والتركيز على إدارة المباريات كان أحد أكبر التحديات التي واجهتها.
“ليس الأمر سهلا عندما تكونين متفوقة في هذا – يجب أن تكوني شجاعة للقيام بذلك. ولكن عندما تؤمنين بشيء ما، يجب أن تؤمني أيضا أنك إذا اتخذت خطوة فستنجحين”.
اعتادت سارة تحقيق التوازن بين العديد من الأدوار في الوقت ذاته؛ فهي لا تزال تعمل في الهندسة، وكانت قد درست مدة خمس سنوات بينما كانت تسعى لتحقيق أحلامها في مجال كرة السلة.
وتقول إنه كان تحديا بالنسبة لها “لكنني حصلت على دعم عائلتي التي علمتني موازنة وقتي بين مسارين”.
والآن زملاؤها في العمل هم من بين مشجعيها الذين يهتفون لها: “إنهم يشاهدون مبارياتي وبالطبع سيدعمونني في الأولمبياد”.
هداية من الله
تقول سارة إنها بفضل دينها مشت بخطى ثابتة: “أعتقد أنه إن بذلت قصارى جهدي في كل شيء، فإن الأفضل سيأتي لي. عليك أن تقومي بأقصى ما هو ممكن. أنا بذلت قصارى جهدي وسلمت أمري لله حتى يوجهني في رحلتي”.
هذا ما تفكر به قبل بدء كل مباراة. “أصلي وأقول: أرجو الله أن تكون هذه مباراة أو بطولة رائعة”.
هذا الإيمان الذي يهديها لارتداء الحجاب أثناء التحكيم؛ فسارة هي أول محكّمة مع الاتحاد الدولي لكرة السلة ترتدي الحجاب على المستوى الدولي بعد أن تغيرت القوانين في عام 2017.
وتقول سارة إن رد الفعل تجاهها كان إيجابيا تماما: “يقول بعض اللاعبين إن ملابسي جميلة”.
“إنه لأمر جيد بالنسبة لي أنني مهّدت الطريق لمزيد من المحّكمات النساء ليكنّ صادقات مع عقيدتهن وأحلامهن”.
وتقول إن المحّكمات الشابات في بلدها كثيرا ما يكتبن لها قائلات إنهن يعتقدن “أنه ليس لديهن فرصة للمشاركة في البطولات الكبيرة أو السفر لأنحاء العالم”.
“لكني أقول لهن إنه يمكنهنّ فعل ما هو أفضل مما فعلت. أقول لهنّ إنه بإمكانهن تحقيق جميع أهدافهن في أي مكان يردنه. لديكن القوة للقيام بذلك.
“إنه لشرف كبير أن يفكرن في مستقبلهن كمحكمات ويرين أنهن إذا عملن بجد فسيحققن أحلامهن”.
هذا ما تريده سارة من المسلمات الشابات اللواتي يراقبنها من مختلف أنحاء العالم .. أن يستفدن من نجاحها عندما يرينها في ملاعب طوكيو.
“ضعي تركيزك على أن تكوني الأفضل وحددي هدفاً كبيراً، عندها يمكنك الوصول إلى أعلى نقطة ممكنة. أعتقد أننا نحن النساء لدينا قوى سحرية. نحن قويات للغاية”.