شكل تفاوت الأجور الممنوحة للعاملين في مدن ومناطق المملكة المتحدة، حالة فريدة من نوعها، إذ حجزت مدينة واحدة لنفسها الصدارة بوصفها المدينة الأعلى أجراً في المملكة المتحدة، وذلك بالاستناد إلى اقتصادها المتطور والضخم، والذي منحها القدرة على إعطاء العاملين فيها متوسط أجر يبلغ 950.20 باوند في الأسبوع، الأمر الذي جعلها مدينة مميزة بالنسبة للباحثين عن فرصة عمل، وقبلة للمهتمين بتطوير دخلهم.
وكان تقرير صادر عن “سنتر فور سيتيز” (Centre for Cities) قد كشف عن تفاوتات ملفتة بين المدن في مختلف مناطق بريطانيا فيما يتعلق بملف الأجور، وكان العامل الحاسم النشاط الاقتصادي للمدينة وعدد الفعاليات التجارية والصناعية وهو ما يتكاثر في المدن الكبرى في حين يكون النشاط أقل في المدن الأصغر، وبين التقرير وجود فجوة حقيقية بين شمال المملكة المتحدة وجنوبها.
وهذا الأمر منح لندن قصب السبق بالنسبة لبقية المدن، وكشف التقرير الذي حمل عنوان “سيتيز آوت لوك 2025” (Cities Outlook 2025)، أنّ متوسط الأجور في “تيلفورد” (Telford) وهي أكبر مدن “شروبشاير” (Shropshire) وصل إلى 645 باونداً في الأسبوع في انخفاض ملحوظ عن المتوسط في لندن، إلى جانب المتوسط الوطني العام الذي يقدر بحوالي 715 باونداً في الأسبوع.
وفي مقارنة تقريبية أخرى يحقق الفرد العامل في لندن متوسط الأجر السنوي عند نظيره في مدينة “بيرنلي” (Burnley) مع حلول شهر أغسطس، الأمر الذي يعطي الأفضلية للندن حتى تكون المدينة الأعلى أجراً في بريطانيا ويوسع الفجوة بينها وبين باقي المدن والمناطق البريطانية، وعند تطبيق نفس المقارنة بين “بيرنلي” و”تيلفورد” يتبين أنّه مع شهر نوفمبر يستطيع العامل في تيلفورد أن يحقق الأجر السنوي الذي يتقاضاه العامل في بيرنلي.
وفي سياق متصل قال المتحدث باسم مجلس مدينة تيلفورد، أنّ هذا الارتفاع النسبي في أجور العاملين بالمدينة يعود إلى تنوع خيارات العمل والوظائف فيها، على الرغم من أن نسبة كبيرة من هذه الوظائف بسيطة أو حتى بدائية، ما يسلط الضوء على أهمية تطوير التعليم والتأهيل للعاملين في المدينة ما يسهم في تطوير مستوى الأجور.
وفي ذات السياق أوضح المتحدث باسم مجلس المدينة أن مستوى تطور الوظائف يعتبر عاملاً مساعداً في تحديد متوسط الأجور، فكلما ارتفعت سوية الوظائف انعكس ذلك على ارتفاع سوية الأجور، وبالتالي فإن عملية التطوير الشامل ستأتي ثمارها عبر تطوير المستوى المعيشي لكافة السكان في المدينة، علماً أن الوضع الحالي يعتبر مقبولاً وحتى جيداً.
وفي ذات السياق رصد تقرير Cities Outlook 2025 ترتيب المدن البريطانية، لناحية سرعة النمو في الاقتصاد، ونسبة وظائف القطاع العام مقارنة بالوظائف في القطاع الخاص، واحتلت مدينة تيلفورد المرتبة الخامسة، بوصفها خامس المدن البريطانية من ناحية سرعة النمو الاقتصادي، كما أنها احتلت المرتبة العاشرة لناحية عدد الوظائف في القطاع الخاص مقارنة بالعام، إذ تبين أنه في تيلفورد حوالي 73,500 وظيفة في القطاع الخاص، مقارنة بـ 21,500 وظيفة قطاع عام فقط، أي أن فرصة الحصول على عمل في القطاع الخاص تفوق نظيرتها في القطاع العام بمعدل 3.4 عن كل وظيفة واحدة في القطاع العام.
ومع كل الجهود التي يبذلها القائمون على تيلفورد لتطوير بيئة الأعمال فيها، تخفق العديد من الشركات الناشئة في المدينة، الأمر الذي ينفر أصحاب الأعمال منها، ويدفعهم للبحث عن أماكن أخرى لتأسيس أعمالهم، وبالرغم من النجاح الذي تحققه بعض الشركات، إلا أن أخرى تنسحب، ما يحول دون تشكيل بيئة أعمال مستقرة في المنطقة.
وواصل المتحدث باسم المدينة تصريحاته حول الجهود المستمرة لتطوير بيئة العمل في تيلفورد، عن طريق دعم الأنشطة الاقتصادية في المدينة وما يترافق مع ذلك من تحسين في بيئة الوظائف، لافتاً النظر إلى توجه الشركات المحلية نحو الاستثمار في اليد العاملة، بما يدعم الاقتصاد المحلي ويزيد في الأجور ويقوي مهارات العاملين، مما يزيد فرص تطورهم الوظيفي، وبالتالي الارتقاء على سلم الأجور والرواتب.
وكان التقرير الجديد قد خص مدن الجنوب بوصفها الأعلى أجراً في بريطانيا، ما يجعلها المدن الأسرع نمواً على صعيد بريطانيا، ومن بين هذه المدن هناك من تجاوزت الحد المتوسط للأجور والمقدر بـ 715 باونداً في الأسبوع، وهي بريستول” (Bristol)، و”سويندون” (Swindon)، و”ديربي” (Derby) ، و”إدنبرة” (Edinburgh)، و”أبردين” (Aberdeen) الاسكتلندية، و”ليدز” (Leeds) و”وارينجتون” (Warrington).