تشهد المملكة المتحدة إغلاق العديد من البنوك العريقة الوطنية منها والأجنبية فروع لها في بريطانيا، على إثر العديد من الأسباب منها القانونية ومنها الاقتصادية التي تعاني بسببها بريطانيا، فتشير الإحصاءات إلى أن فروع أكثر من 100 بنك هذا العام ستغلق أبوابها أمام زبائنها، وسيغلق بنك “لويدز” 51 فرعاً هذا العام، بينما سيغلق بنك “هالي فاكس” 46 من فروعه وستغلق سبعة أفرع من بنك “تي أس بي” في حين أن 16 فرعاً آخر لبنك اسكتلندا ستغلق أيضاً، وبدأت عمليات الإغلاق هذا الشهر، ومن المقرر أن تستمر حتى سبتمبر (أيلول) 2025.
لهل أبرز هذه البنوك، البنك الإسباني “سانتاندير” الذي أعلن أنه يدرس إمكانية إغلاق فروعه في المملكة المتحدة ومغادرة بريطانيا، ويعود السبب في ذلك إلى التعقيدات التنظيمية التي فرضتها بريطانيا على قطاع البنوك.
هذه التعقيدات ليست وليدة اللحظة، إنما تعود جذورها إلى الأزمة المالية العالمية عام 2008، عندما طُلب من البنوك الكبرى فصل أنشطتها المصرفية عن أعمالها الخارجية، وهذا ما ادى إلى ضعف العوائد المصرفية على البنوك داخل بريطانيا مقارنة بأسواق أسبانية.
وقال أحد القائمين على بنك سانتاندير “أن فكرة بيع البنك هو دائماً احتمالاً وارداً، وأن إدارة البنك في فترة تقييم للوضع الراهن”، بينما يرى اقتصاديون أن المدراء التنفيذيين في بنك سانتاندير يبحثون عن أسواق جديدة أكثر حيوية، وخصوصاً بعد تراجع أسعار الأسهم بنسبة الثلث خلال أكثر من 10 سنوات، كما أشاروا ان الوجهة الجديدة قد تكون الولايات المتحدة الأمريكية.
اقرأ أيضاً: المملكة المتحدة: إغلاق 82 فرع من البنوك الكبرى.. إليك القائمة
والجدير بالذكر أن بنك سانتاندير عمل على الترويج لأنشطته المصرفية عبر الاستعانة بمقدمي البرامج التلفزيونية أنت مكبارتلين ودكلان دونيلي، وقد يتراجع عن فكرته بالمغادرة، أو قد يغادر لكن يترك بعض الأنشطة الاستثمارية والشركات للعمل في بريطانيا.
ووفقاً للإحصاءات، لدى بنك سانتاندير 14 مليون عميل، نحو 20 ألف موظف عبر 444 فرعاً في بريطانيا، علاوة على أن البنك يحتفظ بنحو 200 مليار جنيه استرليني، و(243.8) مليار دولار في قروض العملاء، هذا يعني أن إغلاق فروعه وخروجه من بريطانيا سيشكل كارثة على القطاع المصرفي الخاص العامل في بريطانيا.
لكن هناك بصيص أمل بعد إعلان وزيرة الخزانة المالية رايشل ريفز عن إلغاء العمل بالقوانين التنظيمية التي نشأت جراء الأزمة المالية العالمية عام 2008، وانتقدت سياسات الحكومات السابقة التي انشغلت بقضايا آخرى في مقابل نسيانها مراجعة القوانين التنظيمية التي جعلت من البنوك العاملة في المملكة المتحدة بعيدة عن المخاطرة والتطوير.
وقالت: بينما كان من الصواب أن تجري الحكومات المتعاقبة تغييرات تنظيمية بعد الأزمة المالية العالمية لضمان مواكبة التنظيم للاقتصاد العالمي في ذلك الوقت من المهم أن نتعلم دروس الماضي”.
عدة تغييرات تبنتها وزيرة الخزانة المالية رايشل ريفز بخصوص القوانين التنظيمية للبنوك، ومنها تحديث” خدمة الوسيط المالي التي تعالج الشكاوى بين المستهلكين والشركات كجزء من إعادة الهيكلة، وإطلاق برنامج تجريبي لإصدار “السندات الرقمية”، السندات الحكومية المرمزة التي تصدر على “البلوكتشين”، في خطوة لاحتضان التكنولوجيا بصورة أفضل.
كما أكدت أنها ستنشر أول استراتيجية للنمو والقدرة التنافسية في الخدمات المالية في الربيع المقبل، والتي تهدف إلى توفير اليقين طويل الأمد للقطاع.
في حين هناك بعض القرارت التي تحتاج إلى دراسة، مثل استبدال نظام الشهادات الذي يهدف إلى تعزيز نزاهة السوق ويطبق على الموظفين من دون المستوى الإداري الأعلى، بنهج أكثر تناسباً” مما يقلل الكلفة حتى تتمكن الشركات من “التركيز على النمو”.
وفي وقت سابق قال بنك إنجلترا، إن أكبر 8 مصارف في بريطانيا، بما في ذلك “إتش إس بي سي” و “باركليز” و “لويدز” و “ناتويست”، يمكن تصفيتها في حالة حدوث أزمة دون الحاجة الفورية إلى أموال دافعي الضرائب، وذلك بعد فحص ثان لـ«قابلية» المصارف للحل.
وتعد القدرة على «تصفية» أو إغلاق مصرف رئيسي متعثر، دون زعزعة استقرار النظام المالي، أو اللجوء إلى دافعي الضرائب، درساً أساسياً من الأزمة المالية العالمية لعامي 2007 و 2009، عندما احتاج إنقاذ كثير من المصارف إلى أموال عامة، وفق «رويترز».
مجموعة من الخطوات التطمينية التي قدمتها الحكومة البريطانية لقطاع البنوك، لأن خروج هؤلاء الشركات خارج بريطانيا يكبدها خسائر فادحة، وهي الآن بحاجة لاستثمارات وشركات قابلة للنمو والاستجابة للتطورات الحاصلة في البلاد.
اقرأ أيضاً: البنوك الرئيسية في المملكة المتحدة تتنافس على جذب العملاء: عروض حصرية ومكافآت سخية تنتظرك!