البنوك الرقمية ليست بالأمر الجديد على البريطانيين، من مونزو (Monzo) وبطاقته الائتمانية الحمراء المنتشرة بين أبناء العشرينيات، إلى ريفولوت (Revolut) وستارلنغ (Starling).
منذ 2016 حين إنشاء تطبيقي مونزو وريفولوت عام 2016 ودخول فكرة البنوك الرقمية كلياً إلى خدمة المستهلك، تشكلت نقلة نوعية في عالم المصارف مقارنة مع البنوك التقليدية التي تعتمد على زيارات العملاء لفروعها المرموقة للحصول على خدماتها.
بينما تعتمد هذه البنوك المتحدية على دعم العملاء عبر المحادثات في تطبيقاتها على الهاتف المحمول.
بعد عام، أي في 2017، دخل بنك ستارلنغ ليبرع العملاء بابتكارات عديدة، مثل إشعارات الإنفاق الفورية، والدفع دون عمولة خارج البلاد والقدرة على تجميد وفك تجميد البطاقات فوراً وغيرها، كإمكانية تقسيم الفاتورة بين الرفاق وتقديم صناديق توفيرية لأغراض متعددة والقدرة على التعامل بالعملة الرقمية.
كل ذلك كان بمثابة إنذار للبنوك التقليدية، فهي لطالما اعتمدت على منح عملاءها الدعم اللازم بشكل شخصي ضمن فروعها الفعلية، لكن المنافسة الرقمية مكنت العملاء من البقاء على رأس أموالهم إلى جانب التأقلم السريع مع متطلبات العملاء المتغيرة.
تعليقاً على ذلك، قال أندي ويب، مؤسس موقع (كن ذكياً في التعامل مع أموالك – Be Clever with your Cash) للتمويل الشخصي، “في كل مرة تحاول البنوك الموجودة إحداث ابتكار، عليها أن تأخذ بعين الاعتبار أنظمة موجودة منذ عقود كثيرة. بينما البنوك الجديدة التي بدأت من الصفر بإمكانها إضافة الخصائص بسهولة لأنها صُممت لتناسب الهاتف، ولا تحتاج لتراعي أنظمة قديمة”.
الآن، تخطوا الإمارات في خطى المملكة المتحدة، بعد الإعلان عن “زاند” أول بنك رقمي بالكامل في البلاد يمتلك ترخيصاً مصرفياً كاملاً.
وذلك وفقاً للسيد محمد العبار، مؤسس شركة إعمار العقارية ورئيس مجلس الإدارة في بنك “زاند” المنتظر، حيث قال: “(زاند) أول بنك رقمي مستقل تماماً يحظى بترخيص بنكي كامل في دولة الإمارات، كما سيوفر البنك الرقمي الجديد حلولاً مالية مبتكرة وفعالة تساعد على تسهيل الأعمال والحياة بشكل عام من خلال تلبية احتياجات العملاء، أفراداً كانوا أم شركات”
عام 2017، كان بنك الإمارات دبي الوطني – وهو الأكبر في دبي – أول مصرف إماراتي يدخل مجال الصرافة الرقمية عبر تطبيق ليف (Liv.)، الذي منح العملاء القدرة على إنشاء حسابات بشكل فوري، وتتبع النفقات وتقاسم الفواتير مع الأصدقاء وغيرها.
لكن علاوة على ذلك، زاند سيأخذ المصارف الرقمية خطوة إلى الأمام، حيث سيعمل بشكل مستقل عن المقرضين الموجودين بالفعل.
فماذا يمكن لزاند أن يكتسب من تجربة البنوك الرقمية في المملكة المتحدة؟
معاناة البنوك الرقمية خلال جائحة كورونا
رغم الانطلاقة الموفقة للبنوك الرقمية بصفتها النجوم المتألقة في مجال الأموال البريطاني، كتهافت الناس على قوائم الانتظار لحصولهم على بطاقة ائتمان بنك مونوز، إلا أن جائحة فيروس كوفيد-19 غيرت من ذلك كثيراً.
حيث كان كل من مونزو و ريفولوت وستارلنغ يعتمدون على تحصيل العملاء بدلاً من الربح، لكن الجائحة جبرتهم على تقليل التكاليف والبحث عن مصادر دخل جديدة.
فخسائر مونزو وصلت لـ113.8 مليون جنيه استرليني خلال ال12 شهراً المنتهية في فبراير 2020، بينما كانت 47.1 مليون جنيه في الفترة السابقة.
كما أدى تباطؤ نمو عدد العملاء إلى “شكوك مادية”، فالخسارة نتجت غالباً من قلة التعاملات المصرفية اليومية بسبب الجائحة، وانخفاض تكاليف التبادلات خاصة القادمة من خارج البلاد.
أما بنك ريفولوت فشهد انخفاضاً قدره 40 بالمئة في الإيرادات خلال نيسان أبريل العام الماضي، فركزت الشركة على تخفيض التكاليف وتحسين جودة المنتج. كما أطلق ريفولوت خدمته للصرافة المنظمة في 10 بلدان جديدة وقدم طلب للحصول على ترخيص في الولايات المتحدة.
فرصة لا تتكرر للمقرضين التقليديين
رحب المقرضون بالمشاكل التي واجهت البنوك الرقمية المتحدية، والتي منحتهم فرصة للترويج لأمان التبادل البشري الذي تقدمه فروع البنوك الفاخرة عندما يواجه العملاء مشاكل معقدة أو يحتاجون لإرشادات محددة.
مع ذلك، عملوا بجد على تطوير قنواتهم على الانترنت وطوروا تطبيقات تقدم كل ما يمكن للبنوك الرقمية تقديمه.
فماذا يجب على البنوك الرقمية أن تفعل لتلحق بالسباق؟
ربما عليهم أن يقدموا خدمات أكثر تنوعاً من مجرد أعمال الصرافة.
حيث ذكر أليكس نيكولاوس، مدير الثقافة والأفراد في شركة التكنلوجية المالية العالمية باي سيند (PaySend)، تطبيق Grab في سنغافورة، الذي يقدم خدمات مواصلات وتوصيل طلبات وأساليب الدفع، كلها في مكان واحد، بذلك يسيطر على كل ما يحتاجه المرء في يومه مشكلاً تطبيقاً خارقاً يخرج عن نطاق الصرافة وحسب.
فحسب نيكولاوس: “الجميع يمتلك حساباً بنكياً، لكن عليك أن تتوسع في مجالات مختلفة. ليكون لديك تطبيق واحد يسمح لك بعدة أشياء مختلفة عن الصرافة والتبادلات المالية”.
رغم معاناة البنوك الرقمية داخل المملكة المتحدة خلال الجائحة إلا أنها تشهد شهرة على الصعيد العالمي، لأن الجائحة نفسها أجبرت المستهلكين على التأقلم مع عادات صرف جديدة لعدم قدرتهم على زيارة البنوك شخصياً، حسب السيد نيكولاوس.