في مصر، وفي منطقة الحجاز غربي المملكة العربية السعودية، تحضر أطعمة وأشربة شتى، أبرزها السوبيا التي تصاحب الصائمين على موائدهم الرمضانية، وفي أمسياتهم بجوار الحرمين الشريفين، وفي الأحياء العتيقة في القاهرة مثل السيدة زينب.
ففي مكة المكركة ينطلق المكيون في طوابير طويلة جدا لأخذ حصتهم من السوبيا، التي تخصصت في صناعتها عائلات معروفة توارثت سرها.
فقليلون فقط يمكنهم زعم معرفة صناعتها، لكن الأمر يختلف في مصر حيث وجدت عشرات الطرق لصناعتها منزليا لصعوبة جلبها من الخارج بشكل يومي، فأصبحت كل أسرة تتباهى بطريقتها وبالسوبيا التي تصنعها وتضفي عليها نكهة خاصة.
في السعودية يندر من يصنع السوبيا لتوفرها بكثرة، وبجودة عالية جدا على يد عوائل احتكرت واحترفت هذه الصنعة لدرجة يصعب حتى تقليدها بسبب احتفاظها على “سر الصنعة”.
ولصعوبة الوقوف وطول الطوابير للصائمين، يلجأ بعض الفتيان لـ”تجارة بيضاء”، حيث يحضرون مبكرا لشراء أكياس السوبيا، بريالات معدودة، ليعيدوا بيعها بضعف سعرها لمن لا يريدون الوقوف في الطوابير.
وهذه الصناعة التي تخصصت فيها مكة والمدينة، واجه جميع من حاولوا تقليدها فشلا كبيرا في بقية المدن، إذ أثبتت العائلات المتخصصة فيها، أن لا أحد يمكنه تقليدهم، مما حدا ببعض أهل المناطق القريبة من مكة إلى الاضطرار لشراء السوبيا من مكة، ومن صناعها الأصليين.
شراب السوبيا الذي هو لذة الصائم الذي يروي عطشه ويمنحه الراحة من عناء يوم صيام طويل، عرفه المكيون كما عرفه زوار بيت الله الحرام، حتى أولئك القادمين من بلدان تصنع السوبيا مثل مصر، ممن أكدوا أن السوبيا المكية فريدة وذات مذاق لافت، ولا تشبهها أية سوبيا أخرى.
ويصنع شراب السوبيا من الشعير أو الخبز المجفف الناشف، أو الشوفان، أو الزبيب، وتضاف لهذه المكونات بعد تصفيتها مقادير من السكر وحب الهال والقرفة، وتخلط جميعها بمقادير متناسبة، ويضاف لها الثلج.
وتقدم السوبيا بألوان متعددة، منها الأبيض الذي يحمل لون الشعير، والأحمر الذي يقدم بنكهة الفراولة، والبني بالتمر الهندي. والسوبيا لا تخزن، إذ تفقد قيمتها الغذائية خلال يومين أو ثلاثة أيام. ولا تتوقف فوائد السوبيا في إطفاء عطش الصائم، إذ إنها مفيدة لحصوات المرارة والكلى.
وفي مصر التي تختلف فيها صناعتها، فإن اشهر مكونات السوبيا هي، اللبن، وبدرة الحليب، والسكر ونكهة جوز الهند، والفانيليا، وللبعض إضافات وطرق ومكونات أخرى، تختلف من شخص أو من بائع لآخر.
لكن يبقى السحر المشترك، هو أن مجرد ذكر اسم السوبيا في الشهر الفضيل هو أحد أسرار السعادة على المائدة أو في الجلسات الرمضانية أينما كان ذلك في السعودية أو في مصر.