في زوايا خفية من حياة المراهقين، تترصدهم لعبة خادعة تُغريهم بأحلام الربح السريع وتُسدل ستاراً على مخاطرها الحقيقية، فـ القمار في بريطانيا بات اليوم ضيفاً ثقيلاً على حياة الشباب، يتسلل بين الحوارات الخفية والأحلام الصغيرة.. كيف وصل بهم الحال إلى أن يختلط لهوهم بالمراهنات؟ وكيف أصبح سحر الآلات الإلكترونية ووعود المال السهل جزءاً من واقعهم اليومي؟
أرقام صادمة ودعوات جادة تستنهض من القلق تحذيرات تطالب بتشريعات صارمة، حيث تنمو الظاهرة كظل ثقيل، تكاد تقبض بيدها على مستقبل جيل يكافح لاستعادة براءة عيشه بعيداً عن فخاخ الإعلانات ودهاليز الربح الوهمي.. إليكم التفاصيل!
ارتفع عدد المراهقين الذين يعانون من مشكلات مرتبطة بالقمار في المملكة المتحدة بشكل ملحوظ وفقاً لتقرير جديد صادر عن «لجنة القمار» في المملكة المتحدة، إذ بيّنت اللجنة أن نسبة المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً ويظهرون علامات القمار الإشكالي قد تضاعفت بأكثر من الضعف مقارنة بالسنة الماضية.
ووفقاً للمسح الذي شمل 3869 مراهقاً من إنجلترا (England)، وإسكتلندا (Scotland)، وويلز (Wales)، فقد أظهر 1.5% من المشاركين علامات القمار الإشكالي، مقارنةً بـ 0.7% في مسح عام 2023.
اقرأ أيضاً: زهرة الخشخاش التي تزين ثياب البريطانيين في نوڤمبر ما قصتها؟
وأشارت الدراسة إلى أن القمار بين الشباب غالباً ما يكون عبر آلات الألعاب الإلكترونية وألعاب المراهنة مع الأصدقاء أو العائلة مقابل المال، ومن اللافت أن معظم هذه الأنشطة قانونية ولا تعتبر مخالفة، وقد صرّحت «لجنة القمار» أن العديد من الشباب باتوا يرون القمار نشاطاً يجعلهم سعداء، حيث ارتفعت هذه النسبة من 17% العام الماضي إلى 26% هذا العام، كما أن 82% من المراهقين أبدوا ثقتهم بمعرفتهم لمخاطر القمار.
ومع هذا، فإن تأثير القمار الإشكالي واضح بين المراهقين، فقد أفاد حوالي 10% منهم بأن القمار جعلهم يكذبون، بينما أفاد نحو 8% بأنه تسبب بحدوث مشادات ونزاعات مع الآخرين، وإضافة إلى ذلك، أعرب أكثر من واحد من كل 15 مراهقاً عن قلقه من القمار في محيط أسرهم.
وأشارت الدراسة أيضاً إلى ارتفاع في عدد الشباب الذين يتعرضون للإعلانات المرتبطة بالقمار، حيث وصلت نسبة من شاهد أو سمع عن إعلانات القمار إلى أكثر من 60%.
وفي تعليق له على نتائج الدراسة، دعا وزير الحكومة السابق إيان دنكان سميث (Iain Duncan Smith) إلى فرض قوانين أكثر صرامة لمواجهة تأثيرات القمار في بريطانيا، وأضاف: «شركات القمار تستغل التطبيقات ووسائل التكنولوجيا للوصول إلى الشباب بأسلوب جشع، والضرر الناجم عن ذلك مذهل حقاً».
كما أشار سميث إلى أن الحكومة السابقة وضعت مقترحات لتنظيم أقوى لشركات القمار في عام 2023، لكنها لم تكن كافية بسبب التراجع عن فرض قيود على الإعلانات.
اقرا أيضاً: «الطاغية» أصبح «كريماً».. لامي يسحب كلامه بعد فوز ترامب!
ومن جهته، أعرب متحدث حكومي باسم حزب العمال عن اعترافهم بالتأثير الصار لـ القمار في بريطانيا على الأفراد وأسرهم، مؤكدين التزامهم بتعزيز الحماية لأولئك المعرضين للخطر، وخاصة الشباب، وأضاف أن الوزراء يدرسون الأدلة المتاحة، بما في ذلك الإحصائيات الأخيرة للجنة القمار، لدراسة السياسات المناسبة والتي سيتم تحديثها قريباً.
ولتقليل وصول الشباب إلى القمار غير القانوني، أطلقت «لجنة القمار» في آب/أغسطس الماضي إجراءات جديدة تلزم جميع مقدمي خدمات القمار المرخصة بالتحقق من سن الأشخاص الذين يبدو أنهم دون الـ 25 عاماً.
وفي هذا السياق، أشار تيم ميلر (Tim Miller)، المسؤول عن الأبحاث في اللجنة، إلى أن اللجنة تعمل على تقوية الحماية ضد القمار المنظم، إلا أن الشباب غالباً ما ينخرطون في أنشطة قمار لا تتطلب رقابة قانونية، مثل الرهان مع الأصدقاء، وهي أنشطة قد تتسبب أيضاً بأضرار.
فيما أفاد أكثر من 5% من المشاركين الذين أنفقوا أموالهم الخاصة على القمار بأنهم يجدون صعوبة في التركيز على دراستهم في بعض الأحيان، ما يسلط الضوء على التأثير السلبي للقمار على الأداء الأكاديمي لدى الشباب.
اقرا أيضاً: 1.7 مليون أسرة بريطانية لن تشغل التدفئة هذا الشتاء!