كثيرة هي الأثمان التي ندفعها مقابل الحصول على ما نتمناه، أو الانتصار في المعارك التي نخوضها في حياتنا ضد الفشل وربما المرض، وقد تكون هذه الأثمان باهظة لدرجة تلزمنا بالتوقف عندها قليلاً لنشعر بنشوة انتصارنا ونحتفل بإرادتنا القوية التي حققت هذا الانتصار، كحال فاي لويز ومعركتها الشرسة ضد الورم المخاطي الصفاقي الكاذب .
تمكنت عارضة الأزياء البريطانية السابقة فاي لويز ذات 39 عاماً من التغلب على مرض السرطان بعد رحلة علاج طويلة، اضطرت فيها لاستئصال ثمانية أعضاء من جسدها، لتعود بعدها إلى عملها كموجهة رحلات في مطار غاتويك في العاصمة البريطانية لندن.
معاناة لويز بدأت عام 2023، عندما عانت من آلام في البطن قادتها لإجراء الفحوص الطبية التي كشفت عن وجود كيس على المبيض، ولكن مع استمرار الأعراض وإجراء التشخيصات المتطورة اكتشفت لويز أنها تعاني من ورم مخاطي صفاقي كاذب، وهو أحد أنواع السرطان النادرة التي غالباً ما تبدأ في البطن.
وعادة ما يرتبط الورم المخاطي الصفاقي الكاذب بانفجار في الزائدة الدودية، ويؤدي لانتشار الخلايا السرطانية في البطن، حيث يتطلب العلاج عادة جراحة مكثفة لإزالة الأنسجة والأعضاء المصابة.
رحلة علاج طويلة خاضتها عارضة الأزياء البريطانية السابقة بشجاعة وثبات، تضمنت الخضوع للجراحة المكثفة والعلاج الكيميائي، حيث أجرت عملية جراحية معقدة تضمنت إزالة الزائدة الدودية والمبيضين والرحم والطحال والمرارة وقناتي فالوب والسرة والفتق الكبير والصغير، كما اضطر الأطباء لإزالة أجزاء من كبدها، وكشط الحجاب الحاجز والحوض لتنظيف الخلايا السرطانية التي انتشرت في جسدها.
ورغم نجاح العمليات الجراحية التي خضعت لها لويز، وتعافيها من المرض وعودتها لمزاولة عملها بشكل طبيعي، إلا أنها ما زالت بحاجة لإجراء فحوص سنوية للتأكد من عدم انتشار الخلايا السرطانية في جسدها مرة أخرى.
لويز أكدت في مقابلة صحفية أنها مرت بلحظات كانت تشعر فيها بيأس شديد، لكن لم يكن من خيار أمامها سوى التحلي بالصبر والأمل لإكمال رحلة العلاج والتعافي، مشيرة إلى أنها استعادت حياتها المهنية كموجهة رحلات، ورغم أن مهنتها تحتاج مجهوداً جسدياً كبيراً، إلا أنها تحب الطيران وتشعر بالسعادة عندما تكون في عملها.
الورم المخاطي الصفاقي الكاذب هو سرطان غدي مخاطي يسبب تليف الأنسجة في البطن وامتلاءه بالمخاط، وهو ما يعرقل عملية الهضم، ويدمر وظيفة القولون أو الأمعاء الدقيقة أو المعدة أو الأعضاء الأخرى، وتشمل أعراض الورم ألماً في البطن أو الحوض أو انتفاخ واضطرابات الجهاز الهضمي والعقم وتغييرات الوزن وزيادة محيط الجسم.
ويعتبر سرطان الزائدة الدودية أحد أشهر أسباب هذا المرض، كما يمكن أن تسبب الأورام المخاطية المبيضية سرطان المبيض المتعدد الكيسات، وفي حالات نادرة، قد ينشأ من أورام مخاطية في أعضاء البنكرياس أو القولون.
وتتلخص عملية العلاج بعملية جراحية خلوية، يقوم بها أطباء جراحة الأورام المتخصصين لاستئصال الغشاء الصفاقي وأي أعضاء يتم الاشتباه بوجود الورم داخلها، كإزالة المبيضين وقناتي فالوب والرحم وأجزاء من الأمعاء الغليظة والدقيقة والمرارة والطحال والمعدة.
أما العلاج الكيميائي فيتم حقنه مباشرة في تجويف البطن بعد الجراحة لقتل الأورام السرطانية المجهرية المتبقية والخلايا العائمة الحرة، وقد يعود السرطان مرة أخرى بعد انتهاء عملية العلاج جراحية كانت أم كيميائية، وهو ما يستوجب إجراء فحوصات الأشعة ما بعد الجراحة والفحوص المخبرية لدلالات الورم لتحديد أي نمو جديد لخلايا الورم.
وفي حالة نادرة أنجبت امرأة بريطانية تبلغ من العمر 38 سنة طفلاً بعد استئصال مبيضيها كجزء من مرحلة علاج الورم المخاطي الصفاقي الكاذب ، حيث نجح الخبراء في مؤسسة كريستي التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا بشفاء المرأة التي خضعت لعمليات جراحية مصحوبة بالعلاج الكيماوي في البطن لقتل أي خلايا سرطانية متبقية، لتتمكن بعدها من الشفاء وتجميد بويضاتها، مما سمح لها بولادة الطفل.
وتشير الإحصائيات إلى أن المعدل الإجمالي لحدوث المرض هو حالة من بين 100 ألف شخص سنوياً، وهو أكثر شيوعاً عند النساء أكثر من الرجال، كما يبلغ متوسط العمر عند ظهور المرض 50 عاماً مع نطاق يتراوح بين 20 و25 عاماً.