"بدعوة من لندن".. ما وراء زيارة الأمير محمد بن سلمان المرتقبة لبريطانيا؟
تابعونا على:

بريطانيا

“بدعوة من لندن”.. ما وراء زيارة الأمير محمد بن سلمان المرتقبة لبريطانيا؟

نشر

في

1٬307 مشاهدة

"بدعوة من لندن".. ما وراء زيارة الأمير محمد بن سلمان المرتقبة لبريطانيا؟

تحظى الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للندن، باهتمام إعلامي كبير في بريطانيا، بسبب أهميتها، خصوصاً أنها تأتي بعد أزمة عاشها البلدان عقب آخر زيارة قام بها في عام 2018.

 

وبدأ بن سلمان بسلسلة زيارات كان آخرها إلى باريس في يونيو الماضي، ليأتي الحديث مؤخراً حول زيارة جديدة لأوروبا، وهذه المرة إلى لندن التي مر أكثر من 5 سنوات على زيارته لها.

ويُنظر إلى هذه الزيارة على أن لها أهمية كبيرة من قبل الجانبين، فبينما تبحث السعودية عن تصويتٍ بريطاني لصالح ملف استضافة إكسبو 2030، تبحث بريطانيا عن استثمارات سعودية والحصول على مزيد من الاستثمارات لتعويض خسارتها بخروجها من الاتحاد الأوروبي.

 

زيارة مرتقبة
عبر وسائل إعلام بريطانية كـ”التايمز”، و”فايننشيال تايمز” و”الغارديان” وموقع “ميدل إيست آي”، انتشر خبر توجيه بريطانيا دعوة لولي العهد السعودي، لزيارة لندن، التي يتوقع أن تتم قبل نهاية العام الحالي، مع توقعات بأن تشمل اتفاقات قد تصب في مصلحة الطرفين.

وكتبت صحيفة “التايمز” البريطانية (17 أغسطس 2023)، مقالاً أشارت فيه إلى أن زيارة ولي العهد السعودي ستتم هذا الخريف، وستستغلها الحكومة البريطانية لعقد اتفاقيات اقتصادية مهمة.

وأوضحت الصحيفة أن لندن وجهت الدعوة إلى بن سلمان من أجل زيارتها، في الوقت الذي تسعى فيه للاستفادة من برنامج الاستثمار السعودي الذي تبلغ قيمته تريليون جنيه إسترليني لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، إضافة إلى السعي للحصول على دعم سعودي لإبرام اتفاق تجاري مبكر مع مجلس التعاون، الذي تؤدي المملكة دوراً رئيساً فيه.

وكانت صحيفة “فايننشيال تايمز” نقلت في (14 يوليو 2023)، عن مصادر مطلعة، قولها إن الزيارة من المتوقع أن تتم في أكتوبر أو نوفمبر، إذ تم توجيه الدعوة، لكن لم يتم الاتفاق على التجهيزات الدقيقة لها.

كما أكد مسؤول بريطاني أن حكومة المملكة المتحدة قدمت دعوة إلى ولي العهد السعودي، لكنه قال إن الخدمات اللوجستية الدقيقة لم يتم الاتفاق عليها بعد، وفق الصحيفة.

ورداً على سؤال حول ما الذي سيحدد توقيت الزيارة، قال مسؤول حكومي بريطاني: “الأمر متروك لهم؛ نظراً إلى أننا نحتاجهم أكثر مما يحتاجون إلينا”.

وتقول الصحف البريطانية إن هذه الزيارة ستكون “أحدث علامة على ترحيب الدول الغربية بعودة الأمير محمد بن سلمان، لتطوي حادثة مقتل خاشقجي”، على الرغم من “المخاوف حول سجل حقوق الإنسان في السعودية”.

 

من يحتاج إلى الآخر؟
ولعل مجموعة من الأسباب ربما هي التي تدفع إلى تعزيز العلاقات بين الرياض ولندن مؤخراً، حيث تأتي في مقدمتها محاولة بريطانيا البحث عن تعزيز الاستثمارات، خاصة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، حيث تتجه أنظارها نحو دول الخليج بشكلٍ كبير.

وفي 17 أغسطس أيضاً، أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، خلال اتصاله بولي العهد السعودي، رغبة بلاده في تعميق العلاقات مع الرياض، مؤكداً تطلع بلاده إلى تعميق علاقات طويلة الأمد بينهما.

كما شدد سوناك على التزام بريطانيا بدعم أمن السعودية والاستقرار الإقليمي، لافتاً إلى أن “السعودية قامت بدور بناء وإيجابي تجاه أوكرانيا، خاصة بعد استضافة محادثات جدة”.

في حين أشار البيان إلى أن رئيس الوزراء البريطاني وولي العهد السعودي اتفقا على الاجتماع في أقرب فرصة.

وفي 20 أغسطس، أعرب حزب العمال البريطاني عن دعمه المحادثات المرتقبة بين رئيس الحكومة البريطانية وولي العهد السعودي خلال زيارته المنتظرة للعاصمة لندن، مشيراً إلى أنه مع دعوة بن سلمان إلى زيارة المملكة المتحدة؛ لكونه يؤمن بأن من الضروري أن يكون هناك حوار مع جميع البلدان.

وخلال العامين الماضيين، تعهدت الإمارات وقطر باستثمار 10 مليارات جنيه في بريطانيا من خلال الصناديق السيادية، في حين أعلنت البحرين مؤخراً عن استثمارٍ قيمته مليار جنيه هناك.

وقاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي تحالفاً لشراء نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، في عام 2021، في حين افتتح مكتباً بلندن، العام الماضي.

كما أن بريطانيا تسعى لإبرام اتفاقية تجارة حرة مع مجلس التعاون الخليجي؛ إذ إنها أجرت عدة جولات مفاوضات في هذا الإطار، وفي حال التوصل إلى الاتفاق، قد يعني ذلك زيادة التبادلات بـ16٪ على الأقل، ما يعني ارتفاع إيرادات الاقتصاد البريطاني بأكثر من 1.6 مليار جنيه، بحسب تقرير نشرته صحيفة “الغارديان”.

وبلغت قيمة التبادلات التجارية بين المملكة المتحدة ودول الخليج أكثر من 30 مليار جنيه إسترليني عام 2020، وفقاً للحكومة البريطانية التي تعتبر أن “اتفاقاً تجارياً موسعاً سيسمح لعلاقاتنا بالارتقاء”، بحسب وكالة “فرانس برس”.

وفي الجانب الآخر، يعتقد أن السعودية قد تكون لها مصالح لإتمام هذه الزيارة، وفي مقدمتها سعي الرياض إلى كسب تصويت بريطانيا، في نوفمبر المقبل، على استضافة معرض “إكسبو 2030” التي تنافسها عليها إيطاليا.

ويشكل عام 2030 نقطة تحوُّل مهمة للسعودية، حيث ستتحقق فيها “رؤية السعودية 2030” التي تعتمد على تنويع مصادر الدخل والاقتصاد بعيداً عن إيرادات النفط.

 

بحاجة للسعودية
يرى المحلل السياسي السعودي أحمد الشهري، أن الاتصالات البريطانية مع السعودية وترتيب زيارة لولي العهد السعودي “يأتيان في إطار إنقاذ لندن نفسها من ورطة الغرب”.

ويوضح في حديثه لقناة “بي بي سي عربية”، بقوله: “أدركت بريطانيا ومثلها دول الغرب الورطة التي وقعت فيها بانسياقها خلف أمريكا في عدائها لروسيا والصين، والتخندق في أوكرانيا وصب الزيت على النار لاستمرار الحرب”.

وإلى جانب ذلك، يرى أن بريطانيا “بحاجة ماسة للسعودية”، من خلال دعم اقتصادها، مشيراً إلى أن ذلك الدعم سيأتي عبر “تعاون في مجال الطاقة والشراكات الاقتصادية”.

ويضيف: “بريطانيا تمر بصعوبات اقتصادية وتضخمية كبيرة، في ظل معاناة تعيشها القارة العجوز في الطاقة عقب حرب أوكرانيا”.

وعن أهمية الزيارة بعد مرور نحو 5 سنوات من آخر زيارة، خصوصاً مع أصوات تطالب برفض استقبال ولي العهد السعودي بسبب قضية خاشقجي، يقول الشهري: “هناك أصوات يمينية متطرفة ما زالت تعزف الأسطوانة المشروخة في ما يسمى حقوق الإنسان وقضية خاشقجي لتوتير العلاقات السعودية البريطانية”.

ويعلق بقوله: “هذا دأب اليمين الليبرالي الذي يرفع شعارات مزيفه لم يعد لها مستمع”.

 

5 أعوام من الانقطاع
كانت آخر زيارة لولي العهد السعودي للندن في مارس عام 2018، أي قبل نحو ستة أشهر من مقتل خاشقجي (أكتوبر 2018)، والتي صاحبتها مشاركة نحو 200 شخص في تظاهرة احتجاجية أمام مقر رئاسة الحكومة البريطانية؛ احتجاجاً على الزيارة؛ بسبب الحرب التي قادها التحالف العربي بقيادة السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن.

وحينها التقى بن سلمان الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، وتوجت اللقاءات بتفاهمات لبناء علاقات تجارية واستثمارية أوسع نطاقاً، كما اتفق البلدان على زيادة التعاون في أمن الطيران.

وأعربت لندن حينها عن تقديرها للدور الذي لعبه تبادل المعلومات المخابراتية مع السعودية، في إنقاذ أرواح بريطانيين، ووافقت على بيع أسلحة وذخيرة بمليارات الجنيهات للرياض.

كما توجت الزيارة بتوقيع مذكرة إعلان نوايا عن رغبة لندن والرياض في استكمال المناقشات بينهما للتوصل إلى اتفاق لحصول المملكة على 48 طائرة “تايفون” إضافية.

وعقب التوتر الذي حدث بعد زيارة بن سلمان بعدة أشهر، تحسنت العلاقات السعودية البريطانية، رغم دعم بريطانيا مواقف واشنطن والغرب في ما يتعلق بمسألة خفض إنتاج النفط ضمن “أوبك+” وانتقاد الدور السعودي عقب قرار خفض الإنتاج بنحو مليوني ونصف مليون برميل يومياً في سبتمبر الماضي.

كما تشعر لندن بقلق شديد من التقارب السعودي الروسي رغم الجهود التي تبذلها القوى الغربية لعزل موسكو دولياً على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير 2021.

ورغم تلك الملفات الخلافية، فإن موقف السعودية منها بات بعيداً عن الانحياز، حيث رعت مؤتمر جدة مؤخراً سعياً للوصول إلى حل في أوكرانيا، كما توقفت عملياتها القتالية في اليمن منذ عام تقريباً، وهو الملف الذي تسبب بانتقادات غربية سابقاً، في حين تؤكد مراراً أن مواقفها النفطية تراعي احتياجات السوق ولا تنحاز إلى أحد، وهو ما بات مقنعاً للغرب، وفقاً لمواقفها المتقاربة مع الرياض.

إترك تعليقك

إترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

X