وسط دوامة الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط، تقف بريطانيا بين حدّي الدعوة لضبط النفس، والقلق من امتداد الشرارات إلى مجتمعها المحلي، فمع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على بيروت وغزة، يزداد الخوف من أن يتحول هذا النزاع إلى نقطة اشتعال إقليمية تلتهم المنطقة بأسرها، فيما تتباين الآراء حول كيفية التصرف، وتتزايد الأصوات المطالبة بالحلول السياسية لإنهاء هذا الصراع.
بدورها، تواصل الحكومة البريطانية دعواتها لإسرائيل لضبط النفس، إذ أشار زعيم حزب العمال، كير ستارمر بصورة واضحة ومباشرة، إلى أن «شرارة» هذا الصراع قد تؤدي إلى إشعال «النزاعات في المجتمع الداخلي».
وفي مقال له نُشر في صحيفة “Sunday Times“، أعرب رئيس الوزراء عن قلقه من أن المنطقة «على شفا الهاوية» بعد الردّ الصاروخي الإيراني على إسرائيل، مضيفاً: «النيران من هذا الصراع المميت تهدّد الآن باجتياح المنطقة، والشرارات تُشعل النزاعات في مجتمعاتنا هنا في الوطن»، معبراً عن وجهة نظره بأن «الكراهية تجاه اليهود والمسلمين ازدادت منذ طوفان الأقصى في 7 أكتوبر».
اقرأ أيضاً: آلاف المتظاهرين بلندن لوقف تسليح إسرائيل وإنقاذ غزة
ومن جهته، لم يستبعد وزير العلوم البريطاني بيتر كايل، احتمال تقديم المساعدة العسكرية البريطانية لإسرائيل في مهاجمة إيران، مشيراً إلى أن اتخاذ أي «قرار عملياتي» سيتم بناءً على «مفاوضات دقيقة».
وأكد “كايل” أن رئيس الوزراء البريطاني تحدث مع حلفاء المملكة المتحدة في الأيام القليلة الماضية، بما في ذلك جو بايدن، إيمانويل ماكرون، وأولاف شولتس، وبعدها قدّموا نصيحة «إجماعية» لإسرائيل بممارسة «ضبط النفس» في المنطقة، لكن مع ذلك، أشار “كايل” إلى أن الحكومة البريطانية «لا يمكنها أن تأمر إسرائيل كدولة ذات سيادة بأي شيء» حسب تعبيره.
وخلال ظهوره على برنامج “Sunday with Laura Kuenssberg” على قناة “BBC One”، قال كايل: «ندرك بعمق ما عانته إسرائيل هذا العام، ولكن الطريق الوحيد للمضي قدماً هو ضبط النفس والتوصل إلى وقف إطلاق النار لتهيئة الظروف لحلّ سياسي، لأن الوضع يزداد تعقيداً، والحرب تتعمق ولا تتجه نحو السلام الذي نحتاجه».
اقرأ أيضاً: الحكومة البريطانية: ضرورة وقف النار الإسرائيلي على غزة
وفي سياق متصل، أعرب وزير الدولة لشؤون التنمية والشؤون الافريقية البريطاني أندرو ميتشل، خلال ظهوره على برنامج “Sunday Morning with Trevor Phillips” على قناة “Sky News”، عن قلقه من التصعيد في المنطقة، مشيراً إلى أن القوات البريطانية كانت قد شاركت في محاولة مساعدة إسرائيل في مواجهة الهجمات الإيرانية السابقة.
أمّا النائبة زارا سلطانة، التي علّقت عضويتها من حزب العمال، وتجلس حالياً كعضو مستقل، فقد انتقدت أي تدخل بريطاني في هجوم على إيران، مشيرةً إلى أن «السياسة الخارجية البريطانية في الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين كانت مليئة بالإخفاقات»، وأن 56% من البريطانيين يؤيدون حظر مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، بينما يعتقد 67% أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب.
اقرأ أيضاً: خلود وتار لأرابيسك لندن: لبنان ليست دولة مارقة.. والمرأة اللبنانية قادرة على صنع السياسات في المجتمع
وفي هذا السياق، دعا وزير الخارجية البريطاني الأسبق، مالكوم ريفكيند، إلى قيادة جديدة من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني تكون مستعدة للانتقال إلى الحوار السياسي رغم التحديات التاريخية.
وتأتي هذه الدعوات البريطانية في وقت تصاعدت فيه الهجمات الإسرائيلية على العاصمة اللبنانية، بيروت، بعد أيام من قصف الضواحي التي يُعتقد أنها معاقل لـ«حزب الله» المدعوم من إيران.
فيما أكدت وزارة الخارجية والتنمية البريطانية أن أكثر من 250 شخصاً تمكنوا من مغادرة لبنان عبر ثلاث رحلات جوية مستأجرة انطلقت من بيروت، مع عدم وجود خطط لرحلات أخرى في الوقت الحالي.
اقرأ أيضاً: ستارمر يحذر من حرب خارج السيطرة في لبنان