تستمر بريطانيا العمالية بالعمل على الوفاء بعهود الحكومة في الوصول إلى صفر انبعاثات مع حلول العام 2050، وتتخذ كل ما يلزم من إجراءات لتحقيق الهدف المنشود، فبينما تتجه حكومات الحلفاء الغربيين في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وكندا إلى فرض رسوم جمركية عالية، تحتفظ الحكومة البريطانية بتحركاتها في هذا الشأن بحالة من الثبات المرتبط بالتأني، واتخاذ الإجراء الذي يصب في مصلحتها حتى ولو تناقض مع سلوك الحلفاء.
بريطانيا العمالية تخرج من نافذة الصين
يبدو أنّ الصين هي نافذة الخروج القادمة أمام بريطانيا العمالية من محاولاتها اليائسة والبائسة في التقليل من انبعاثات الكربون، والاعتماد على وسائط النقل العاملة على الطاقة المتجددة، والتي تنتجها الصين وفق خطوط إنتاج كبرى تنبئ بأنّ الاقتصاد الصيني سيشهد حالة ازدهار كبرى تجعله يحقق قدم السبق على الاقتصادات الدولية الأخرى لاسيما الأمريكية والتي ظلت مهيمنة على الاقتصاد الدولي لعقود مضت، وعلى الجانب الأوروبي تسعى حكومات هذه الدول بشكل دائم لدعم الصناعات المحلية، ونتيجة لهذا اعتمدت سياسات الحلفاء خلال الفترة الماضية على فرض الرسوم الجمركية المرتفعة جداً على واردات السيارات الصينية وهو إجراء يرى مراقبون أن الحكومة البريطانية الحالية لن تتخذه بالمطلق.
وتترافق النية غير المعلنة للحكومة العمالية بمجموعة من المخاوف من رد فعل صقور بريطانيا، الذين يشعرون بالقلق الشديد من الاعتماد بنسبة عالية على بكين في حركة الاقتصاد البريطاني،
لاسيما في قطاع مهم مثل استيراد السيارات الكهربائية، حتى ولو كان هذا الإجراء يدعم تحركات بريطانيا في مسألة التغير المناخي.
فمن وجهة النظر أنّ زيادة واردات السيارات الكهربائية الصينية إلى المملكة المتحدة سيثير ردّ فعل عنيف من جانب الصقور، لكن بالتزامن مع هذا القلق أكد مسؤول في شركة تصنيع سيارات بريطانية موجهة للبيع داخل السوق الدولي، أنّ الحكومة البريطانية تدرس بالفعل عدداً من البدائل لتحويل الدعم المخصص لقطاع النقل، وهو ما أكده مسؤول آخر يعمل بصفة مستشار لدى إحدى شركات تصنيع السيارات في بريطانيا ورفض الإفصاح عن هويته.
إقرأ أيضاً: بريطانيا تستأنف مفاوضات التجارة الحرة مع الخليج قريباً
وعلى الصعيد الرسمي، قال المتحدث باسم وزارة التجارة الدولية، أنّ الحكومة متيقظة للتطورات الحالية على الصعيد الدولي، وستعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة في حال كان هناك مخاوف تستدعي التحرك فيما يتعلق بقطاع صناعة السيارات في المملكة المتحدة، بدورها أكدت الحكومة البريطانية أنها تحلل عن كثب الدور المتنامي للصين في قطاع صناعة السيارات العالمية.
وفي سياق مواز يعتمد الاقتصاد البريطاني بنسبة كبيرة منه على صادرات السيارات، والتي تعتبر من أهم المنتجات المصدرة إلى الخارج في البلاد، فمن جملة ما يتم إنتاجه تصدّر المملكة المتحدة (80%) من السيارات المصنعة على أراضيها.
وتشير الأرقام إلى انخفاض إنتاج السيارات في بريطانيا بنسبة (7.6 %) خلال العام الجاري مقارنة مع العام 2023، وبلغ عدد السيارات التي صنعتها المصانع البريطانية خلال النصف الأول من العام 2024 حوالي 35 ألف سيارة، وأوضحت جمعية مصنعي وتجار السيارات (SMMT) البريطانية، وهي بمثابة لوبي السيارات في بريطانيا الموقف، وقالت أنّ السرّ وراء انخفاض حجم الإنتاج يعود ببساطة إلى اتجاه أغلب المصانع في بريطانيا إلى إعادة تجهيز خطوط الإنتاج كي تتوافق مع صناعة النماذج الكهربائية المعتمدة دولياً.
اقرأ أيضاً: هيئة الضرائب والجمارك البريطانية تستخدم التكنولوجيا لضبط التهرب الضريبي
مخالفة الوعود الإنتخابية
وعلى صعيد آخر أصبحت حكومة بريطانيا العمالية بقيادة كير ستارمر في موقف لا تحسد عليه، فقد تضمنت وعود برنامجها الإنتخابي العمل على منع بيع السيارات العاملة على حرق الوقود نهائياً مع حلول العام 2030، وهو استحقاق قد لا تتمكن من الوفاء به في ظل التطورات الحالية وتمسك كل طرف بدعم مصلحته.
وفي ذات السياق ردت بكين على الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضتها حكومات الحلفاء الغربيين على سياراتها الكهربائية، بفتح تحقيق شامل حول المنتجات المستودرة من هذه الدول إلى الصين، ومن بين مستهدفات الدراسة منتجات الألبان ولحم الخنزير ومشروب البراندي.