رسوم ترامب، بعدما خلقت فوضى بسبب عشوائية فرضها على عدد من دول العالم من بينها بريطانيا، وإجحافها بحق تلك الدول، تم استثناء المملكة المتحدة مؤقتاً من الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب بمضاعفة التعريفات الجمركية على الصلب والألمنيوم، وخفضها من نسبه 50% إلى 25%.
ومع ذلك، قد ينتهي الأمر بالمملكة المتحدة إلى مواجهة سعر أعلى إذا لم تدخل صفقتها الموقعة مع إدارة ترامب الشهر الماضي، والتي ستشهد إلغاء تعريفات الصلب والألمنيوم، حيز التنفيذ، حيث تخضع واردات الصلب البريطاني إلى أمريكا حالياً لتعريفات جمركية، لكن حكومة المملكة المتحدة قالت إنها تريد تنفيذ الاتفاقية لإزالتها “في أقرب وقت ممكن”.
بداية فرض رسوم ترامب على المملكة المتحدة
ترامب يعلن عن تعريفات جمركية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة، بدأت الرسوم الجديدة في 12 مارس 2025.
بعدها في 2 أبريل ترامب تم الإعلان أن معظم الدول، بما في ذلك المملكة المتحدة ستواجه تعريفة جمركية “أساسية” بنسبة 10% على جميع السلع المرسلة إلى الولايات المتحدة، لكن في 8 مايو اتفقت كل من المملكة المتحدة وأمريكا على خفض أو إزالة بعض الرسوم ما بين البلدين.
وفي تاريخ 4 يونيو، قامت الولايات المتحدة برفع ضرائب الاستيراد على الصلب والألمنيوم إلى 50% مع دول عديدة، مع إبقاءها مؤقتاً عند نسبه 25% للمملكة المتحدة.
اقرأ أيضاً: كيف تهدد تعريفات ترامب الجمركية اقتصاد المملكة المتحدة؟
رأي الحكومة بشأن رسوم ترامب
قال متحدث باسم الحكومة إن الحكومة “ملتزمة بحماية الأعمال والوظائف البريطانية”، لكن المحافظين قالوا إن الأمر يمثل “ضربة تعريفية جديدة” واتهموا حزب العمال بترك “الشركات في طي النسيان”.
لكن قال ترامب إن المملكة المتحدة بحاجة إلى “معاملة مختلفة” بسبب اتفاق الازدهار الاقتصادي بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة (EPD) الموقع في 8 مايو 2025.
ومع ذلك، أضاف ترامب في وقت لاحق أن الولايات المتحدة قد تزيد التعريفة الجمركية على المملكة المتحدة “في 9 يوليو 2025 أو بعده” في حال لم تمتثل بريطانيا للجوانب ذات الصلة من EPD.
وتم اقتطاع المملكة المتحدة للأمر التنفيذي وخفض نسبه الضرائب من النصف إلى الربع، بعد لقاء وزير الأعمال جوناثان رينولدز Jonathan Reynolds مع الممثل التجاري الأمريكي جاميسون جرير Jamison Greer في باريس.
كما أنه، في الشهر الماضي، اتفقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على صفقة لخفض أو إزالة التعريفات الجمركية على بعض السلع، والتي تضمنت خفض التعريفات الجمركية على الصلب والألمنيوم في المملكة المتحدة إلى الصفر وخفض ضرائب الاستيراد على السيارات إلى 10%. لكن لم يدخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد.
يجدر التنويه أن، الولايات المتحدة هي أكبر مستورد للصلب في العالم، بعد الاتحاد الأوروبي، حيث تحصل على معظم المعادن من كندا والبرازيل والمكسيك وكوريا الجنوبية، وفقاً للحكومة الأمريكية، وعندما يتعلق الأمر بالمملكة المتحدة، فإن أمريكا هي الوجهة لحوالي 7% من صادرات الصلب في البلاد التي تزيد قيمتها عن 400 مليون جنيه إسترليني، مما يعني أن التعريفات الجمركية لها تأثير كبير على الصناعة.
وتعد المملكة المتحدة أيضاً موطناً لموردي منتجات الصلب المتخصصة، الذين يشحنون معظم سلعهم إلى العملاء عبر المحيط الأطلسي.
اقرأ أيضاً: بريطانيا تقترب من اتفاق مع الولايات المتحدة لإنهاء الرسوم الجمركية على صادرات الصلب
آراء رؤساء الشركات وحالة من عدم اليقين تسيطر على المشهد
قال غاريث ستايس Gareth Stace، الرئيس التنفيذي لشركة UK Steel، إنها كانت ” بمثابة رحلة أفعوانية من عدم اليقين في الأشهر والأسابيع والأيام الماضية”، لكن الصناعة يمكن أن “تتنفس مشهداً مؤقتاً من الارتياح” لأن المملكة المتحدة واجهت تعريفات جمركية بنسبة 25%، بدلاً من 50%.
وقال: “ما نريد حقاً الوصول إليه هو إزالة تلك التعريفات” على النحو الذي اتفقت عليه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في مايو”، وأضاف: “نأمل أن يتم إبرام هذه الصفقة قريباً بما فيه الكفاية”.
وقال إنه إذا تجاوزت هذه الصفقة الخط، فإن صناعة الصلب في المملكة المتحدة ستستفيد من اضطرار المستوردين الأمريكيين إلى عدم دفع أي رسوم جمركية مقارنة بمنتجات الاتحاد الأوروبي ودول أخرى.
ومع ذلك، فإن التأثير غير المباشر هو أن الفولاذ المعاد توجيهه من الولايات المتحدة إلى المملكة المتحدة والأسواق الأخرى يمكن أن “يحل محل المنتجين المحليين”، على حد قوله.
وقال روان كروزييه Rowan Crozier، الرئيس التنفيذي لشركة برانداور Brandauer لختم المعادن في برمنغهام Birmingham، إن الاقتطاع يعني أن الشركات التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها لن ترى نفس تعريفات الاستيراد مثل المنافسين العالميين، وأضاف: “هناك شيء واحد تواصل إدارة ترامب القيام به، هو خلق الارتباك، على أمل التوصل إلى اتفاق”. ومع ذلك، قال إنه بصفته مدير شركة تصنيع متخصصة، لم يكن أمام عملائه الأمريكيين خيار سوى دفع التعريفات الجمركية في الوقت الحالي.
فرض الرئيس ترامب رسوماً جمركية على العديد من البلدان منذ عودته إلى البيت الأبيض في محاولة لتشجيع الشركات والمستهلكين على شراء المزيد من السلع الأمريكية الصنع.
التعريفات الجمركية هي الضرائب التي تدفعها الشركات التي تستورد البضائع من دول أجنبية، ويأمل ترامب من ذلك أن تعزز سياسته التصنيع والوظائف الأمريكية، لكن العديد من الاقتصاديين حذروا من أنها قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين.
وقال آلان أورباخ Alan Auerbach، مدير السياسة الضريبية والمالية العامة بجامعة كاليفورنيا University of California، إن المزيد من إنتاج الصلب الأمريكي “لن يحدث بين عشية وضحاها”، وقال: “على المدى القصير، سيتعين على المشترين ببساطة دفع المزيد مقابل الفولاذ الذي يشترونه من مصادر أجنبية”.
وأضاف أورباخ أنه قد يكون هناك المزيد من الإنتاج الأمريكي في نهاية المطاف، لكن عدم اليقين بشأن الشكل الذي ستبدو عليه التعريفات الجمركية في المستقبل “يقوض هدف الحصول على المزيد من الإنتاج الأمريكي”، لأن الشركات تحتاج إلى هذا اليقين لاتخاذ قرارات استثمارية.
وقال وزير الأعمال في حكومة الظل أندرو جريفيث Andrew Griffith: “لقد تركت مفاوضات حزب العمال الفاشلة الشركات في طي النسيان ولا يمكن لهذا البلد ببساطة تحمل فشلها المستمر”.
ختاماً، رسوم ترامب الجمركية يمكن اعتبارها بداية لحرب اقتصادية عالمية تصنف على أنها الأولى، فلا يعقل فرضها بهذه الطريقة العشوائية على مختلف دول العالم، وخنق الاقتصاد العالمي بهذا الشكل، وحالة عدم اليقين أمر مبرر بفعل هذا النوع من السياسات.
اقرأ أيضاً: صناعة السينما البريطانية في خطر بعد الرسوم الجمركية الأمريكية