دعت شركات المياه في جنوب شرق إنجلترا المستخدمين إلى ترشيد استهلاك المياه واعتماد استخدام أكثر حكمة، نظراً للظروف المناخية القاسية والجفاف غير المسبوق الذي يضرب المنطقة منذ بداية الربيع، ويهدد بحدوث أزمة مياه غير متوقعة.
ورغم تأكيد معظم الشركات عدم نيتها فرض حظر رسمي على خراطيم المياه خلال عام 2025، فإن التحذيرات تتزايد بشأن احتمال فرض قيود صارمة إذا استمر الوضع المناخي الحالي دون تحسن واضح.
معدلات هطول الأمطار و أزمة المياه
كشف المدير العام لشركة ساوذرن ووتر (Southern Water)، تيم ماكماهون (Tim McMahon) في تصريح له، أن خطر الجفاف سيظل قائمًا ما لم تشهد المنطقة هطول أمطار غزيرة على مدار الأشهر الثلاثة المقبلة، مشيرًا إلى أن المملكة المتحدة شهدت أحد أكثر فصول الربيع جفافًا منذ أكثر من قرن، حيث تم تسجيل شهر أبريل 2025 كأكثر الشهور إشراقاً في السجلات المناخية.
وأضاف ماكماهون، أن معدل هطول الأمطار في بعض المناطق، بلغ 42% فقط من المعدل الطبيعي، مما دفع العديد من الشركات إلى الإعلان عن انخفاض في تدفقات الأنهار التي توفر 70% من إمداداتها.
وأكد، أنه وبالرغم من أن البيانات تشير إلى أن مستويات المياه الجوفية لا تزال أعلى من المتوسط في أجزاء من المنطقة، إلا أن ذلك لا يضمن توفير إمدادات كافية لمواكبة الطلب المتزايد، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة واستمرار الطقس الجاف غير المعتاد.
من جانبها، حذرت وكالة البيئة مؤخرًا من وجود “خطر متوسط” لحدوث جفاف صيفي، مشيرة إلى أن تغير المناخ سيجعل هذه الظروف أكثر شيوعًا خلال العقود القادمة.
اقرأ أيضاً: مواجهة التغير المناخي وبريطانيا
شركات المياه والتحديات اليومية
رغم التحذيرات المتزايدة، تؤكد شركات المياه أنها تعتمد خططًا مدروسة لضمان استقرار الإمدادات، ويشير رئيس إدارة الموارد المائية في شركة ساوث إيست ووتر(South East Water)، نيك برايس (Nick Price)، إلى أن الطلب على المياه بلغ أعلى مستوياته لهذا الوقت من العام، نتيجة الطقس الدافئ وغير المعتاد، مؤكدًا أن الوضع المائي للشركة لا يزال جيدًا، لكنه شدد على أهمية تعاون المواطنين في ترشيد الاستخدام.
وفي السياق ذاته، أعلنت شركة سيس ووتر (SES) أنها مستعدة بالكامل لفصل الصيف، مشيرة إلى قوة مواردها المائية رغم الإقرار بأن العامل الوحيد الذي يبقى خارج السيطرة هو الطقس.
من جهتها، أكدت أفينيتي ووتر (Affinity Water) أنها لا تعتزم فرض قيود على استخدام الخراطيم في الوقت الراهن، لكنها أوصت باللجوء إلى حلول أكثر استدامة، مثل استخدام عبوات الري لتقليل الهدر.
أما شركة يونايتد يوتيليتيز (United Utilities)، المالكة لخزان بلاكستون إيدج (Blackstone Edge) الذي يعاني من الجفاف، فقد كشفت أن نسبة امتلاء الخزانات المحلية تراجعت إلى 69% مقارنة بـ90% في الفترة نفسها من العام الماضي.
ويصف المدير التنفيذي للعمليات، مات هيمينغز (Matt Hemmings)، الوضع بأنه يتطلب تضافر جهود الجميع لضمان استمرار توفر المياه، ليس فقط للاستهلاك اليومي، ولكن أيضًا للحفاظ على البيئة والحياة البرية.
ماذا بعد؟ دعوات للتغيير الفوري قبل فوات الأوان
تتصاعد الانتقادات بين المسؤولين والمستهلكين حول الحاجة الملحة لترشيد الاستهلاك والحد من الهدر، وذلك بعد ارتفاع فواتير المياه بنسبة وصلت إلى 26% في بعض المناطق، وارتفاع كبير لدى ساوذرن ووتر (Southern Water) بنسبة 47%.
وقد حث قسم البيئة والغذاء والشؤون الريفية (Defra) شركات المياه على تكثيف جهودها لتحسين البنية التحتية ومعالجة التسربات، بينما دعت المجموعة الوطنية للجفاف (National Drought Group) إلى اتخاذ تدابير استباقية لحماية الموارد المائية.
ومن جانبه، أوضح نائب مدير المياه في وكالة البيئة (Environment Agency)، ريتشارد تومبسون (Richard Thompson)، أن ازدياد عدد المستهلكين الذين يسعون لتقليل استهلاكهم يمثل خطوة إيجابية، لكنه شدد على ضرورة إحراز تقدم أكبر من جانب شركات المرافق.
ويرى الخبراء أن تعزيز الوعي المجتمعي وتغيير أنماط السلوك، مثل الحد من استخدام الخراطيم والاستحمام المطول، أصبح ضروريًا، إذ بات واضحًا أن هذه العادات اليومية تؤثر بشكل مباشر على الأمن المائي.
ومع تصاعد تحديات التغير المناخي، يبدو أن الاختيار بين “الاستخدام الحكيم” و”القيود الصارمة” بات أكثر واقعية من أي وقت مضى.
اقرأ أيضاً: بريطانيا: “الأثرياء” في مؤتمرات المناخ يطالبون “الفقراء” بدفع ثمن أخطائهم