تراجع المملكة المتحدة كوجهة سياحية لصالح الأوربيين.. مشكلات وحلول!!
تابعونا على:

أخبار لندن

تراجع المملكة المتحدة كوجهة سياحية لصالح الأوربيين.. مشكلات وحلول!!

نشر

في

154 مشاهدة

تراجع المملكة المتحدة كوجهة سياحية لصالح الأوربيين.. مشكلات وحلول!!

كتب: محسن حسن

خلال السنوات العشر الأخيرة ظهرت مؤشرات عديدة، ترجح مخاوف انخراط المملكة المتحدة في خسارة جاذبيتها السياحية لصالح دول أوربية مجاورة ممن ينافسونها على النمو السياحي والأرباح الاقتصادية القائمة على قدوم الزوار وزيادة نسبة وفادتهم إلى المرافق والمزارات المختلفة خلال العطلات الشخصية الدائمة أو خلال العطلات الموسمية المختلفة، الأمر الذي بدت معه قطاعات السياحة الأوروبية شاهدة على ارتفاع معدلات إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي لدولها، مقارنة بانخفاض معدل إسهام القطاع السياحي البريطاني في الناتج الوطني نظراً  لتراجع الوافدين الدوليين وتراجع إنفاقهم، ما يعرض بريطانيا إلى عجز كبير في إنفاق السائحين الأجانب قد يتجاوز حدود الـــ 2.5 مليار دولار سنوياً، أي بنسبة انخفاض تزيد على 7.5% من قيمة الإنفاق السياحي الإجمالي والسنوي للزوار والوافدين في هذا البلد.

وفي ظل عدم نجاح المخططين الاقتصاديين المسؤولين عن القطاع السياحي البريطاني في الحفاظ على مكتسبات هذا القطاع من ذروة الزوار الذين بلغت أعدادهم عام 2019 أكثر من 40.8 مليون سائح، تخلفت المملكة المتحدة فعلياً عن منافسيها كوجهة سياحية وفق التقييمات الصادرة عن كل من منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة (UNWTO – United Nations World Tourism Organization)، ومركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطاني (CEBR – Centre for Economics and Business Research). وهي التقييمات التي استندت إلى عدة مؤشرات دالة على التراجع ضمن سياق النمو السياحي؛ فعلى سبيل المثال انخفضت أعداد زوار البلاد خلال عام 2023 إلى 37.9 مليون سائح تقريباً، وهي نسبة انخفاض تزيد على 5.5% قياساً بمؤشرات العام 2019 المشار إليه، وكان التحسن خلال 2024 طفيفاً؛ حيث كان عدد الزائرين 38.7 مليون زائر، وكانت تقييمات المحاذير العامة للسياحة الدولية خلال عام 2023، قد وضعت المملكة المتحدة في مرتبة متأخرة من حيث النمو السياحي قياساً بباقي الدول الأوربية، فبعد أن كانت السياحة البريطانية تتفوق على نظيرتها في دول مثل ألمانيا وإيطاليا، إذا بها تهبط إلى مستوى أقل سياحياً من دول أوربية أخرى مثل اليونان وكرواتيا وفرنسا وتركيا.

تراجع منطقي

وبشيء من التدقيق، سنجد أن معاناة القطاع السياحي البريطاني من مهددات فقدان أو ضعف التنافسية الإقليمية والدولية، تحيط به مجموعة من العوامل المستدامة والطارئة، تجعل من بقاء تلك المهددات أمراً منطقياً؛ ولعل التناقض الواضح بين السياسات السياحية الرسمية التي تنتهجها الجهات والمؤسسات المعنية بتطوير هذا القطاع من جهة، والطموحات المعقودة على هذا التطوير من جهة ثانية، يأتي على رأس الأسباب التي تعرقل جهود النمو السياحي البريطاني؛ حيث تظل السياسات المتبعة ليست على قدر الطموحات والآمال السياحية المنشودة. ومن جهة أخرى، يشكل البعد الاقتصادي والمعيشي فوق الأراضي البريطانية، محوراً مهماً وأساسياً من محاور الحد من النمو السياحي في هذا البلد، وهو من بين أهم مسببات انحسار الرغبة الجماهيرية والدولية في قضاء العطلات السياحية بين جنبات المرافق والمزارات والمدن الإنجليزية؛ إذ يقف غلاء المعيشة ــــ وخاصة على مستوى النقل السياحي والغذاء والسكن ـــــ حجر عثرة أمام السائح الدولي، يمنعه من التفكير في زيارة المملكة المتحدة، والتي احتلت المرتبة 113 عالمياً من بين 119 دولة من حيث التنافسية السعرية للقطاعات السياحية، وفق تصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي.

تراجع المملكة المتحدة كوجهة سياحية لصالح الأوربيين.. مشكلات وحلول!!

وهذه الوضعية السعرية المعوقة، تؤكدها أحدث مؤشرات الأسعار المحلية في بريطانيا؛ إذ ارتفعت المعدلات الإجمالية لتلك الأسعار خلال 2024 بنسبة تزيد على 23.3% تقريباً قياساً بمعدلات خمس سنوات سابقة، كما زادت كلفة السكن والإقامة بنسبة تزيد على 35.5%، جنباً إلى جنب، مع زيادة أسعار الغذاء بنسبة أعلى من 28.5%، بينما ارتفعت أسعار تذاكر الطيران والسفر بنسبة فاقت 47.5% ، وكل هذه المعدلات والتكاليف المرتفعة، ليست بالطبع في صالح السائح الدولي، كما أنها ليست في صالح القطاع السياحي البريطاني عند مقارنته بمعدلات الأسعار لدى قطاعات سياحية أخرى ونظيرة داخل القارة الأوربية أو خارجها. و هو ما يعني إجمالاً، أن ضريبة القيمة المضافة على الضيافة في المملكة المتحدة تعد هي الأعلى عند قياسها بأي مكان في أوروبا.

اقرأ أيضاً: كيف سيؤثر ارتفاع التضخم في المملكة المتحدة بنسبة 2.2% على تكاليف المعيشة؟

مخاوف وعراقيل

وفي واقع الحال، لا تقتصر معوقات النمو السياحي في المملكة المتحدة، على مجرد الارتفاع المطرد في الأسعار والتكاليف المرتبطة بمنطلقات الجذب/الطرد السياحي عموماً، وإنما هناك جملة من المخاوف والعراقيل المضافة، والتي تساهم بقوة في تقييد حركة السفر إلى هذا البلد، نظراً إلى أنها تجمع بين الاعتبارات الاجتماعية والإنسانية والأمنية من جهة، والاعتبارات الإدارية والتسويقية من جهة ثانية؛ فعلى مستوى النوعية الأولى من الاعتبارات، يساهم ارتفاع معدلات الجريمة، وخاصة جرائم الأسلحة الحادة والبيضاء كالسكاكين وغيرها في بريطانيا، والتي تتداولها منصات الأخبار والميديا المختلفة، في رفع وتيرة المخاوف لدى السائحين الدوليين من القدوم إلى هناك، كما أن مظاهر الفوضى والترهل المتداولة حول وسائل النقل الداخلية كالقطارات وحول البنى التحتية والمرافق المتهالكة مثل مرافق الصرف الصحي التي شاهد كثيرون تسريباتها الخام تنتشر على بعض الشواطيء البحرية والسياحية، ساهم كذلك في نقل صورة سلبية عن الواقع المتردي و المعاصر للسياحة في بريطانيا.

تراجع المملكة المتحدة كوجهة سياحية لصالح الأوربيين.. مشكلات وحلول!!

أما على مستوى النوع الثاني، وهو الاعتبارات التسويقية والإدارية، فلا يزال القطاع السياحي البريطاني، يعاني التجهيل وضعف الترويج والتسويق في أعين السائحين عموماً، والدوليين خصوصاً، كما أن معدلات سلوك الترحيب المحلي لدى الشعب البريطاني بالسائحين، تعد متدنية جداً بالقياس إلى سلوك مجتمعات وشعوب مجاورة أخرى، بحيث يمكن التأكيد على أن (تجربة السائح الدولي) في بريطانيا، تظل منقوصة من حيث درجة التفاعل الإيجابي مع السكان المحليين، ومقدمي الخدمات في المطارات والفنادق والمطاعم ووسائل المواصلات، وكل هذا، مجتمعاً، يقلل الثقة الجماهيرية في السياحة البريطانية، خاصة إذا ما أضيف سلبيات أخرى إدارية مثل قيام المملكة المتحدة مثلاً  منذ عام 2021 بإلغاء ميزة الإعفاء الضريبي على التسوق، بحيث أصبحت بريطانيا هي الوجهة الأوروبية والسياحية الوحيدة التي لا تقدم هذه الخدمة للسائحين، وهو ما بدت آثاره واضحة في الاقتصاد السياحي البريطاني؛ بحيث خسرت السياحة البريطانية عوائد مالية تزيد على ثلاثة ملايين دولار، كما تراجعت حركة التجارة داخل شركات البيع بالتجزئة وشركات الضيافة والسياحة، وتحولت دفة الزيارات والنفقات السياحية من المدن البريطانية إلى مدن وعواصم أوربية أخرى. و هناك أيضاً اشتراط جوازات سفر على القادمين من الاتحاد الأوروبي، ما يضع عراقيل سياحية أمام سفر الشباب والطلاب، وتفقد معه السياحة البريطانية حصة مالية معتبرة، الأمر الذي يجعل من تطبيق نظام تفويض السفر الإلكتروني حلاً جيداً، ربما يعيد بعض ملامح الوضع السابق، عندما كان يُسمح لطلاب الاتحاد الأوروبي بدخول بريطانيا عبر بطاقة الهوية فقط.

و جميع ما سبق من اعتبارات سلبية، يعد مساهماً بقوة، في زيادة معدلات الركود السياحي داخل المدن والمناطق البريطانية، إلى الدرجة التي نالت، حقيقة لا خيالاً، من سمعة المملكة المتحدة السياحية على المستوى الدولي، ووضعتها في مكانة سياحية متراجعة أمام منافسيها المباشرين في أوروبا الغربية، وذلك على الرغم مما تمتلكه من عوامل جذب تاريخية وتراثية وثقافية، لكنها تفتقد إلى إيجابية أكثر في تقديرها وتوظيفها لصالح الحضارة والاقتصاد معاً، وخاصة من قبل الساسة والمسؤولين الحكوميين المعنيين بإحياء وتيرة النمو والتعافي والانتعاش السياحي، والذين إذا استطاعوا استعادة إيجابيات الجذب السياحي وخاصة لدى الفئات الشابة الدولية، بما في ذلك مواطني الاتحاد الأوروبي، فإن المردود الاقتصادي والسياحي سيكون واعداً، حيث يمكن أن تضمن الخزينة الضريبية عوائد سنوية تصل إلى أربعة مليارات دولار، إضافة إلى تحقيق عوائد سياحية متنوعة تتجاوز الــــ 10 مليارات دولار. وهذه الاستعادة للإيجابيات والجذب السياحي، سيقتضي بالتأكيد العمل الجاد على إصلاح نظام الضيافة وصناعتها، والكفيلة وحدها بتوظيف أكثر من أربعة ملايين بريطاني وبريطانية، إلى جانب قدرتها على دعم النشاط الاقتصادي الوطني سنوياً بأكثر من 125 مليار دولار، وكذلك لابد من إصلاح نظام التأشيرات السياحية وجعلها أكثر قدرة على المنافسة من خلال تقنين وازن لأسعارها واختصار مدروس للوقت الطويل الذي يستلزمه الحصول عليها وإتمامها. كما سيكون من الجيد التغاضي عن شرط التقدم بطلب الحصول على تأشيرة جديدة، بما في ذلك إلغاء تكلفة العشرة دولارات الأولية الواجب دفعها عند التقدم بهذا الطلب، والمضي قدماً في إنجاز خطة عملية للنمو السياحي المستدام، تضع ضمن أهدافها تجنب عوائق التنقل والسفر بهدف الترفيه أو العمل أو التجارة، بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، وزيادة ميزانية التسويق والاستثمار السياحي التي تقف فقط وحالياً عند حدود الـــــ 17.5 مليون دولار سنوياً تقريباً، مقابل أكثر من 65 مليون دولار لدى أيرلندا مثلاً.

اقرأ أيضاً: أرخص مدينة في بريطانيا للتملك العقاري.. دليل المشترين لأول مرة

تقصير حكومي

و يبدو من تتبع الموقف الرسمي للحكومات البريطانية المتعاقبة، وجود تقصير رسمي مستمر في الاهتمام الإيجابي المستدام بالقطاع السياحي، ما خلف إرثاً بيروقراطياً في هذا القطاع تسلمته حكومة حزب العمال الحالية، ربما يترتب عليه ــــ على المدى الطويل لا القصير ــــ أن تصبح العوائد المالية للسياحة المفتقدة بالمملكة المتحدة، والمقدرة بأكثر من 60 مليار دولار، مهددة بالضياع، وهو ما لم يجد معه المجلس العالمي للسفر والسياحة بداً من تحذير دوانينج ستريت، بشأن توقعاته السلبية تجاه صناعة السياحة والسفر البريطانية، والتي باتت ـــ من واقع تقييمات المجلس ــــ مهيأة لأن تفقد مكانتها العالمية بوضوح على مدار السنوات العشر القادمة، إذا لم تسع الحكومة الحالية لاتخاذ خطوات حمائية وإصلاحية مشفوعة بتسهيلات جديرة بإحداث التغير الإيجابي المطلوب للحفاظ على زخم الجذب السياحي، وأنه إذا كانت الحكومة البريطانية الجديدة قد وضعت يدها على أول الطريق نحو اكتشاف الخلل، عبر جهودها الإصلاحية من خلال مجلسها الاستشاري المتخصص في الاقتصاد السياحي واقتصاد الزوار ، فإن عليها أن تدرك أهمية القطاع السياحي في إنعاش باقي منظومات الاقتصاد الوطني للمملكة المتحدة ككل، بما في ذلك محاربة البطالة وتحريك دولاب التوظيف؛ فخلال عام 2024 المنصرم، ساهم القطاع السياحي في تعزيز وإيجاد أكثر من أربعة ملايين وظيفة مباشرة للبريطانيين، كما أن النمو المتوقع لحركة السياحة والسفر الدولية خلال العقد القادم، والذي ستزيد نسبته على 3.5% سنوياً، يحتم على القطاع السياحي البريطاني، توظيف هذا النمو الكبير لصالحه، بحيث يصبح هذا القطاع في قلب أولويات صنع القرار الرسمي والحكومي، خاصة بعدما ساهم خلال 2024 بأكثر من 275 مليار دولار في الاقتصاد الوطني للمملكة المتحدة.

تراجع المملكة المتحدة كوجهة سياحية لصالح الأوربيين.. مشكلات وحلول!!

وبالإضافة إلى بعض المشكلات والعوائق السياحية التي تمت الإشارة إليها، يتوجب على الحكومة البريطانية ــ إلى جانب حل تلك المشكلات والعوائق ـــ العمل بجد على رفع الأعباء التأمينية المفروضة على شركات السفر والسياحة الوطنية، جنباً إلى جنب، مع رفع معدلات التمويل الرسمي والاستثمار الحكومي المقدم لهيئة التنشيط السياحي البريطانيةVisit Britain  والتي عانت على مدار السنوات الماضية من ضعف حاد في التمويل مقارنة بنظيراتها على مستوى العالم، ومن جهة أخرى مقاربة، وبحسب التقييمات الصريحة والمعلنة لمركز التجارة العالمي، فإن عموم ما تفرضه عشوائياً وزارة الخزانة البريطانية من الضرائب الفندقية والوظيفية والاستثمارية، لا تزال تساهم في وجود بيئة سياحية طاردة وخانقة للزوار ولكبار المستثمرين الفندقيين الراغبين في إطلاق المشاريع السياحية والخدمية داخل هذا القطاع، وهذه البيئة الطاردة تدفع كل هؤلاء جميعاً إلى تغيير وجهتهم بعيداً عن المملكة المتحدة، باعتبار أن الأخيرة، باتت من وجهة نظرهم، مكلفة جداً، سواء بالنسبة للعمل أو حتى للزيارة.

اقرأ أيضاً: رمضان في لندن رحلة بين الأطباق وأضواء المدينة

خطوات إيجابية

وحتى لا نكون مبالغين في التشاؤم بشأن القطاع السياحي البريطاني، لابد من التأكيد هنا، على أن ما يمتلكه هذا القطاع من مقومات نجاح ظاهرة/كامنة، يشكل بحد ذاته إمكانية دائمة ومهيأة لاستعادة التنافسية الدولية في أي وقت شريطة اتخاذ الإجراءات التنشيطية والترويجية والإصلاحية اللازمة لتحقيق تلك الاستعادة، وإذا كانت حكومة حزب العمال الجديدة في البلاد، قد وضعت على عاتقها مهمة الوصول بعدد الزائرين الدوليين إلى أكثر من 50 مليون زائر بحلول عام 2030، فإن الخطوات الإيجابية الكفيلة بتحقيق هذا الهدف، لابد وأن تبدأ أولاً بتغيير السياسات والآليات البيروقراطية المهيمنة على القطاع السياحي، وأن يتزامن مع هذا التغيير، إحياء الأنماط السياحية النوعية التي يمكنها إنعاش هذا القطاع في أعين جميع الزوار في العالم، وليس في عين الزائر الأمريكي فحسب، فمن المعرف أن الاقتصاد السياحي البريطاني، ظل على مدار سنوات عديدة، يعتمد على إنفاق السائح الأمريكي؛ حيث تستقبل البلاد سنوياً أكثر من خمسة ملايين سائح، في حين أن عدم استهداف جذب سائحين متنوعين على مستوى العالم، من شأنه تنميط القطاع السياحي في المملكة المتحدة، وتعريضه لأمراض السوق السياحية الواحدة، والحرمان من الاستدامة والنمو والتنوع السياحي الدولي، نؤكد على هذا، رغم أن حجم إنفاق الزوار الأمريكيين في المملكة المتحدة خلال العام الحالي 2025، يمكن أن يتجاوز حدود الــ 6.5 مليار جنيه استرليني، وذلك لأن تنويع مصادر الدخل السياحي مطلوب ويمثل ضرورة صحية قصوى لإنعاش أي قطاع سياحي يبحث عن تحسين مركزه في سلم التنافسية السياحية الدولية؛ ومن ثم، فمن الجيد وجود توجه لدى الحكومة الحالية نحو تسهيل دخول الزوار الأوربيين وغيرهم من الصين والشرق الآسيوي و استراليا ومنطقة الخليج ومناطق أخرى. إلى جانب التركيز على خيارات السائح وتجربته وعلى نوعية الأنماط السياحية الغالبة على رغباته والتي يفضلها ويحبها وتحفزه دائماً على زيارة مدن ومناطق ومقاطعات المملكة المتحدة سواء في لندن العاصمة أو خارجها. وبالطبع لن تكون المهمة سهلة في استعادة زخم الصدارة السياحية، خاصة مع اتساع الفارق مع المتنافسين الأوربيين؛ ففي حين يصل عدد الزوار الدوليين لدى فرنسا(الأولى عالمياً) إلى مائة مليون زائر سنوياً، يبقى زوار بريطانيا عند حدود الــ 41.5 مليون زائر تقريباً.

ما المطلوب؟

وختاماً، السياحة البريطانية بخير، لكنها تحتاج إلى سياسات مختلفة وغير تقليدية لتسترد ريادتها الإقليمية والدولية، فالقطاع يساهم حالياً بأكثر من 250 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة، ويمنح وظيفة واحدة من كل عشرة وظائف في القوى العاملة المحلية، و لكن المطلوب من الحكومة البريطانية الحالية، إطلاق استراتيجية سياحية محكمة ومستدامة وكفيلة بالتوزيع المتوازن للزوار السياحيين على مناطق الجذب السياحي، وتيسير إصدار التذاكر الذكية، وسهولة وصول الزائر إلى بيانات الحجوزات والسفر، و تحسين البنية التحتية للنقل وللمناطق الأكثر جذباً، هذا بالإضافة إلى أهمية سنّ المزيد من التشريعات والقوانين الضامنة لتحصين الاقتصاد السياحي واقتصاد الزوار ضد سلبيات ظهور العلامات التجارية عبر الإنترنت، وبالشكل الذي يحول دون هيمنة هذه العلامات على توجيه السوق السياحية بعيداً عن صالح الاقتصاد السياحي الوطني. و إضافة إلى ذلك، يحتاج قطاع الضيافة البريطاني إلى ضخ أكثر من مليون ونصف المليون من الأيدي العاملة والماهرة لسد النقص وزيادة الكفاءة النوعية في الخدمات المقدمة، ولابد هنا من التوسع في نطاق الدور الجامعي وفتح المجال أمامه للإسهام في تلبية الطلب على احتياجات القطاع السياحي وأسواق السياحة الإقليمية والدولية، إلى جانب أهمية استلهام التجربة الأسكتلندية الرائدة في التطوير السياحي للاستفادة بها والوقوف على أهم محاورها العملية والتطبيقية والتقنية.

اقرأ أيضاً: جزيرة السعديات أبوظبي: أيقونة السياحة الفاخرة على شواطئ الخليج

اقرأ أيضاً: بلاكبول المدينة الساحلية ذات أدنى متوسط عمر، والسبب؟

اقرأ أيضاً: تحذيرات للسياح البريطانيين في إحدى المدن الإسبانية 

X