نظراً لأن الأمن الإلكتروني يمثل مسألةً وطنية وعالمية على حد سواء، اختارت منطقة الخليج شراكة واسعة النطاق مع بريطانيا – الرائدة العالمية في مجال الأمن الإلكتروني – للمساهمة في تعزيز صمود شبكاتها الحكومية والتجارية في مواجهة الهجمات الإلكترونية.
وتمتلك بريطانيا قطاع دفاع إلكتروني ابتكاري راسخ قُوامه أكثر من 1,000 شركة، وبلغت قيمة صادراته 4 مليارات جنيه إسترليني في عام 2020، بزيادة تجاوزت 44 في المئة عن العام الذي سبقه.
وفي الوقت الذي تسعى فيه دول مجلس التعاون الخليجي حثيثاً إلى تعزيز نظام دفاعها الإلكتروني حفاظاً منها على سلامة اقتصادها الرقمي، فإن مجموعة كبيرة من الشركات البريطانية – من صغيرة ومتوسطة إلى كبيرة – تسخّر قوتها للمساعدة في تنمية النظام المتكامل للأمن الإلكتروني في المنطقة.
شركات رائدة
وفي الشرق الأوسط تنشط شركات عملاقة مثل برييتش تيليكوم (BT) التي يرجع وجودها في المنطقة إلى ثمانينات القرن العشرين، وهي تدير مركز الإمارات للابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أبو ظبي، بالتعاون مع “اتصالات” وجامعة خليفة. ويشهد ذراع بريتيش تيليكوم للأمن الإلكتروني – BT Security – توسّعاً سريعاً في المنطقة – مع تركيز على حماية سلامة عملائها، وتمكينهم في الوقت ذاته من التحول الرقمي واعتماد التكنولوجيا الجديدة.
كذلك تعمل شركة نومينت Nominet البريطانية – التي تدير أحد أكبر هيئات سجلات الإنترنت في العالم – على تسخير خبرتها في بناء حلول وقائية من نظام أسماء النطاقات (DNS) لتمكين حكومات العالم وحكومات الشرق الأوسط من خفض مستوى التهديدات الإلكترونية التي تنطلق من مواقع إلكترونية خبيثة وتنتشر على المستوى الوطني.
وهناك شركات أخرى متخصصة في هذا المجال، مثل SaltDNA ومقرها أيرلندا الشمالية، تساعد حكومات الخليج عبر حلول للبنية التحتية الحيوية، مثل أدوات الاتصال المشفّرة عالية المستوى لوزارات العدل واجتماعات القيادة. ومع اتباع الأعداء الرقميين الخبثاء لوسائل تزداد تعقيدا أكثر من أي وقت مضى، بات من الضروري للغاية وجود مجموعات اتصالات مغلقة وتمنع بشكل تلقائي انتشار تبعات أية أعطال.
المراكز الإلكترونية الوطنية البريطانية
في عام 2016 دشّنت بريطانيا المركز الوطني للأمن الإلكتروني الرائد عالمياً، بدعم قدره 1.9 مليار جنيه استرليني من الاستثمارات التحويلية. وبينما يظل المركز جزءاً من مجتمع الأمن القومي في المملكة المتحدة، فإنه الهيئة التي تتواصل مع عامة الناس، وتسعى إلى دعم أفضل الممارسات في جميع القطاعات، ومساعدة المستخِدِمين في تحمّل المسؤولية عن شبكاتهم الخاصة. ولا شكّ أنه يمثّل نموذجاً ممتازاً تحذو حكومات الشرق الأوسط حذوه في قطاع تبيّن فيه أن الأساليب المجرَّبة والمختبرة تعتبر فعالة وقابلة للتحويل.
وعلى هذا النحو، تساعد الشركات البريطانية في تسليح المراكز الإلكترونية الوطنية الخليجية بالمهارات الإلكترونية الأساسية. وعلى سبيل المثال، عملت شركة لمعلومات الإلكترونية PGI ومقرها لندن مع سلطات ومراكز الأمن الإلكتروني الوطنية في جميع دول الخليج الست لتصميم برامج تدريب وطنية للأمن الإلكتروني.
وعملت شركة PGI أيضاً بالشراكة مع المكتب الأردني للتصميم والتطوير لتصميم وتدشين أكاديمية وطنية للأمن الإلكتروني. وعلاوة على ذلك، ساعدت هذه الشركة المعنية بالتدريب والمهارات البنوك المركزية الخليجية في تصميم وتقديم برامج تدريب محدّدة الأهداف لبناء قدرات الأمن الإلكتروني وتعزيز القدرة على درء المخاطر في القطاع المالي.
بالإضافة إلى طرح واستخدام برامج الأمن القومي، فإن إنشاء نظام متكامل مزدهر لدعم الشركات الناشئة، إلى جانب تأسيس تجمعات من المواهب من الخبراء المحليين سيكون أمراً ضرورياً لكي يصمد قطاع الأمن الإلكتروني في المنطقة في وجه أي صدمات قد يتعرض لها في المستقبل.
كما إن شركة Cylon البريطانية التي هي مُسرّع للشركات الناشئة بمجال الأمن الإلكتروني ناشطة في كل من الكويت وسلطنة عُمان، حيث تدعم العديد من الشركات الناشئة المحلية التي ما زالت في بداياتها لتطوير أفكارها، وذلك بالشراكة مع وزارة الخارجية والتنمية البريطانية والشركاء المحليين في كل منطقة. وتأمل هذه الشركة في المساعدة على توسيع نطاق الشركات الناشئة ودعمها في السنوات القادمة لتكون نماذج يحتذى بها في المنطقة.