أثارت الرسوم الجديدة المتعلقة بـ “الهواء النظيف” على مواقف السيارات في إنجلترا (England) موجة غضب واسعة بين السائقين، حيث أدت الزيادات غير المعلنة، التي وصلت في بعض الأحيان إلى ثلاثة أضعاف، إلى استياء كبير، وبينما تؤكد المجالس المحلية أن الهدف هو تحسين جودة الهواء، يعتبرها السائقون ومنظمات حماية المستهلك بمثابة “ضريبة خفية” تزيد من الأعباء عليهم.
وبدأ حوالي 20% من المجالس المحلية في إنجلترا بتطبيق هذه الرسوم الإضافية على سيارات البنزين والديزل، سواء للمقيمين الحاصلين على تصاريح وقوف أو لمستخدمي المواقف العامة، لكن المشكلة الأكبر تكمن في طريقة تطبيقها؛ إذ تضاف الرسوم تلقائياً عند استخدام تطبيقات الدفع عبر الهاتف الذكي، مما يفاجئ السائقين الذي يعتمد 80% منهم على هذه التطبيقات، بالتكلفة النهائية دون إعلان واضح عبر اللافتات أو أجهزة الدفع التقليدية.
معايير متفاوتة ورسوم “غير مرئية”
تختلف معايير فرض الرسوم بشكل كبير بين المناطق؛ فبعضها يستهدف سيارات الديزل تحديدًا، والبعض الآخر يعتمد على حجم المحرك أو معدل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مما خلق عشرات الشرائح السعرية المختلفة للموقف الواحد.
وتعتبر لندن (London) الأكثر تشددًا، حيث تفرض ثلثا مجالسها رسومًا بيئية متباينة، ولا تستثني حتى السيارات الحديثة المطابقة لمعيار الانبعاثات “EURO 6″، التي وضعها الاتحاد الأوروبي للسيارات، بهدف تنظيم وتقليل مستويات الملوثات الضارة المنبعثة من السيارات، وفي مقدمتها تلك ذات محركات الاحتراق الداخلي، والتي تنطبق على كل من السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل، والتي تعفى عادةً من رسوم مناطق الانبعاثات المنخفضة (ULEZ).
ووصفت جمعية السائقين البريطانية (AA) هذه الممارسة بأنها “استغلال ممنهج” و”ضريبة خفية”، مشيرة إلى تأثيرها غير المتناسب على الأسر ذات الدخل المحدود التي قد لا تستطيع تحمل تكاليف سيارات أحدث وأقل تلويثًا.
وأكد متحدث باسم الجمعية أن “الرسوم يجب أن تعكس تكلفة الخدمة فقط، وأي زيادة تتجاوز ذلك هي ضريبة مقنعة لتمويل المجالس وليس لحماية البيئة”.
اقرأ أيضاً: تغييرات ضريبية تطال السيارات في بريطانيا.. إليك التفاصيل كاملة
تفاوت صارخ وأعباء إضافية
تتجلى حدة المشكلة في مناطق مثل لامبيث (Lambeth) جنوب لندن، حيث قفزت تكلفة تصاريح الوقوف السنوية بنسبة تصل إلى 400% منذ عام 2023، ليجد العاملون في قطاعات حيوية أنفسهم يدفعون قرابة 1000 جنيه إسترليني سنويًا، وفي المقابل، لا تتجاوز تكلفة التصريح المماثل في منطقة بروملي (Bromley) المجاورة 150 جنيهًا.
وقد عبر السكان عن إحباطهم من غياب الشفافية والمهل الانتقالية، ويقول ويل فريمان (Will Freeman)، أحد سكان لامبيث، إن تكلفة تصريح سيارته (المطابقة لمعيار يورو 6) تضاعفت مرتين خلال عامين لتصل إلى 795 جنيهًا، متسائلاً عن كيفية التخطيط المالي في ظل هذه التغييرات المفاجئة.
ولم تسلم حتى السيارات الكهربائية من الرسوم في بعض المناطق؛ ففي ويستمنستر (Westminster)، تفرض رسوم إضافية عليها بناءً على حجم البطارية، مبررة ذلك بالبصمة الكربونية لتصنيعها وتأثير وزنها على الطرق.
دفاع المجالس والجدل القانوني
تدافع المجالس المحلية عن سياستها بأن الإيرادات تستخدم لتمويل مشاريع تحسين جودة الهواء والبنية التحتية، وتؤكد أن التطبيقات تسهل ربط بيانات السيارة المسجلة لدى هيئة التراخيص الحكومي (DVLA) لتطبيق الرسوم بدقة، مشيرة إلى وجود لافتات توضيحية (رغم شكاوى السائقين)، ومع ذلك، يثير إعفاء مستخدمي آلات التذاكر التقليدية من هذه الزيادات تساؤلات حول عدالة النظام.
وكانت لجنة النقل بمجلس العموم قد شككت سابقًا في قانونية استخدام رسوم المواقف لغير أغراض تنظيم الوقوف، معتبرة أن فرض رسوم إضافية على سيارات معينة يعد ضريبة تتطلب موافقة برلمانية، بينما يبقى تقديم خصومات للمركبات النظيفة مقبولاً.
وبدورها، أكدت الحكومة البريطانية على ضرورة أن تكون الرسوم “معقولة” وتوازن بين احتياجات السكان والشركات، مع ترك تحديد الإجراءات للسلطات المحلية لكونها الأدرى بظروفها.
ويبقى الجدل قائمًا حول ما إذا كانت هذه السياسة ستحفز تغيير سلوك السائقين نحو خيارات أنظف، أم أنها ستفاقم الأعباء الاقتصادية دون تحقيق الأهداف البيئية المرجوة، خاصة في ظل غياب بدائل نقل فعالة ومنخفضة التكلفة.
اقرأ أيضاً: أفضل السيارات الصينية التي يمكنك شراءها في بريطانيا لعام 2025