في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة المتحدة، يبرز حزب العمال بقيادة كير ستارمر برؤية جديدة تسعى لتحقيق النمو والاستقرار من خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية والخدمات العامة، فبعد مئة يوم مضطربة من توليه المنصب، يُظهر ستارمر إصراره على تغيير مسار البلاد، متعهداً بضخ مليارات الجنيهات في تحسين النقل، وتطوير المدارس، ودعم المستشفيات، لضمان بناء أسس صلبة لمستقبل أفضل.
وبينما تتعرض خططه لبعض الانتقادات، يتمسك ستارمر برؤيته، مؤكداً أن التركيز على الاستثمار طويل الأجل هو السبيل الوحيد لإنعاش الاقتصاد وتحقيق حياة كريمة للمواطنين.
مؤخراً، صرّح رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، بأنه سيتعهد بضخ مليارات الجنيهات في الاستثمار في النقل والمدارس والمستشفيات في ميزانيته الأولى، مؤكداً أنه لن يسمح للعوامل الجانبية بأن تشتت انتباهه بعد أول مئة يوم مضطربة له في المنصب.
وفي مقابلة مع صحيفة The Guardian البريطانية، أقر ستارمر بأن حكومته بحاجة للعودة إلى المسار الصحيح بعد الجدل حول الهدايا والمزايا المجانية، لكنه أبدى إصراره على عدم السماح بأن تؤثر هذه الأمور على خططه.
وقال ستارمر: «ستواجه عوامل جانبية طوال الوقت، إذا كنت لا تريد أن تنحرف عن المسار، يجب أن تعرف إلى أين أنت ذاهب»، موضحاً: «أنْ أسمح لنفسي بالانشغال بالعوامل الجانبية فهذه النقطة التي أخطأت فيها الحكومات السابقة في رأيي، لأنها فقدت رؤية الهدف الحقيقي».
اقرأ أيضاً: موجة جديدة من ارتفاع الأسعار تهدد ميزانية المستهلكين في المملكة المتحدة
ووفق ما يُطرح، فإن هدف زعيم حزب العمال الأساسي هو تحقيق نمو في الاقتصاد، إذ تعمل الحكومة على أمل أن مليارات الجنيهات من الاستثمارات العامة التي ستُعلن في الميزانية ستسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة إلى المملكة المتحدة.
ووفقاً لصحيفة The Guardian، ستُقدم الميزانية على أنها دفعة أولية لـ«إصلاح أساسات» الدولة، حيث تستخدم الحكومة جميع الأدوات المتاحة لها لدفع عجلة الاقتصاد، مع وضع الاستثمار الرأسمالي في قلب خططها، وأوضح زعيم العمال أن حكومته عازمة على الاستمرار في خططها لاقتراض عشرات المليارات من الجنيهات الإضافية للاستثمار في البنية التحتية، عبر تغيير الطريقة التي تُحسب بها القواعد المالية.
ومن جانبها، أكدت راشيل ريفز، وزيرة المالية، لمجلس الوزراء البريطاني أنها ترغب في تغيير طريقة حساب وزارة الخزانة للإنفاق الرأسمالي لتعكس فوائده، رغم المخاوف بشأن تزايد ديون الحكومة البريطانية.
هذا وأوضح مصدر حكومي كبير أن الاستثمار الرأسمالي سيوجه نحو تحسين المدارس والمستشفيات، وإصلاح المباني المتهالكة، والاستثمار في تحسين الأنظمة من خلال الأجهزة الطبية التشخيصية، ومن المتوقع أن تشمل مجالات الإنفاق الرأسمالي الأخرى السكك الحديدية والطرق، بالإضافة إلى استثمارات بجانب الشركات مثل مصانع البطاريات الضخمة (gigafactories) ومشاريع الطاقة المتجددة.
وأشار المصدر إلى أن الحكومة تسعى للدفاع عن الاستثمار طويل الأجل، لكن الوزيرة كانت واضحة جداً بأن وضع الاستثمارات يحتاج إلى رؤية سريعة لنتائج ملموسة في تحسين الخدمات وتوفير وظائف جيدة.
وردّ ستارمر على هذا الكلام بالقول: «من المنطقي الاستثمار والبناء.. إذا لم يتمكن الناس العاملون من الحصول على منزل لائق، فلن يستطيعوا بناء حياة ومسارات مهنية جيدة»، مضيفاً: «عندما لا يستطيع الناس الذهاب إلى العمل بسبب سوء النقل العام، يتأثر الإنتاج، وإذا كانت المدارس تنهار فوق رؤوس أطفالنا، كيف يمكننا أن نتوقع أن يتعلموا المهارات التي يحتاجونها؟»،وتابع: «بينما تقدمت دول أخرى، وبنت بشكل كبير واستفادت من التكنولوجيا الجديدة، تُركت بريطانيا لتعيش بأفكار وخدمات قديمة».
اقرأ أيضاً: هل ستغير زيارة ستارمر إلى بروكسل نهج «بريكست»؟
لكن بعض نواب حزب العمال يشعرون بالقلق بشأن ما إذا كانت الوعود طويلة الأمد بالاستثمار ستلقى قبولاً جيداً من الناخبين الذين يواجهون تحديات فورية مثل تكاليف التدفئة في الشتاء والقيود على الإعانات، إذ أعرب أحد النواب عن قلقه قائلاً: «لا شيء ممّا أسمعه يمكننا أن نستخدمه لنجذب الناخبين، لحسن الحظ أنه لا توجد انتخابات قبل أربع سنوات».
هذا ونوّه ستارمر إلى ضرورة وجود «بعض التفاؤل» لإعطاء الناس الأمل في المستقبل، بعد شهور من الأنباء السيئة من الحكومة حول الحالة الاقتصادية التي ورثوها من حزب المحافظين، وقال: «لا يمكننا تحقيق ما نحتاج إلى تحقيقه حتى نصلح الأساسات».
اقرأ أيضاً: نواب حزب العمال يحذرون من كارثة شتوية قريبة