شوارع قوس قزح تأتي حتى لو كانت المجالس البلدية تميل في عموم لندن البريطانية الى الحفاظ على النمط الفيكتوري والكلاسيكي لواجهات المباني بغض النظر عن ارتفاعها وعدد الطوابق واستخدامها السكني أو التجاري أو حتى الحكومي، غير أن “كلاسيكية” تصاميم المباني لا يعني بالضرورة التمسك بالألوان الرتيبة والتقليدية.
لكن سكان أحياء عدة في قلب لندن غيروا المعادلة، والأصح غيروا ألوان المعادلة. وكثير منهم تجرأ على اختيار ألوان تحولت لاحقا إلى وجهة جاذبة لهواة كسر النمطية.
في مناطق “نوتينغهيل غايت” و”تشلسي” و”كامدن” و”برايمروز هيل” وغيرها من عشرات الأحياء، لا يمكنك أن تغفل الألوان الجذابة للمباني التي يتسابق سكانها على اختيار الأجمل والأكثر جرأة.
ويطلق البريطانيون تسمية “شوارع قوس قزح” على تلك الشوارع التي تضم 3 مبان ملونة أو أكثر خصوصا إذا كانت الألوان براقة أو مختلفة عن تلك المعتمدة بها في المنطقة.
لا شيء يضاهي الألوان الزاهية خلال يوم مشمس، فكيف إذا كانت الجدران من حولك تنبض بالألوان؟” هكذا كان الانطباع الأول للكاتبة الفرنسية وصانعة المحتوى إيلودي خلال جولتها بين المباني الملونة في شوارع تشلسي.
وتضيف إيلودي في أحد منشوراتها أنها تكاد تستنشق عبق الصيف في مدينة الضباب بمجرد أن تلمح ألوان “شوارع قوس قزح”.
بداية فكرة شوارع قوس قزح
يشير تقرير موقع “The Londonist” إلى أن الفكرة انطلقت أول مرة قبل قرابة 4 سنوات وتحديدا مع سيدة تدعى جودث وهي عازفة تسكن منطقة “كنتش تاون” ,قررت جودث وبعد السكن في المنزل ذاته طيلة 25 عاما أن تقوم بطلائه وتغيير الواجهة. وكانت جميع الدور آنذاك مطلية باللون الأبيض. وأشركت جودث جيرانها في التصويت على اختيار الألوان قبل أن يقع الاختيار النهائي على اللون الفيروزي. وخلال أقل من 5 سنوات تلونت 3 منازل أخرى قريبة بألوان جريئة وغير تقليدية.
وذكر جون ستوري في مقابلة مع “الغارديان” أن جارته جودث ألهمت أغلب سكان الحي بإعادة طلاء منازلهم وترميمها مختارين ألوانا مغايرة آنذاك قبل أن يصبح الحي موقعا يجتذب الزوار ومحبي التقاط الصور.
تقول سارا، التي تسكن “البيت الأصفر” في شارع بورتبيلو، أن الجيران يسمونه “بيت الليمون”، مضيفة أن اللون الأصفر الفاقع هو لونها المفضل في الملابس وأرادت أن يكون ذلك واضحا على منزلها.
وليس بعيدا عن “بيت الليمون” تتلون عمارة أخرى بلون التوت البري وألوانه الزرقاء، وعمارة ثالثة تصفها كارلا، الزائرة من أيرلندا بأنها أقرب إلى ألوان المثلجات، تجاور عمارات أخرى بألوان ثمار الكيوي والبطيخ والعنب الأسود.
ويقول زوار منطقة “نوتينغهيل” إن الشوارع الملونة تكمل هوية لندن التي تعتني بالمساحات الخضراء النابضة بالحياة. مشيرين إلى أن أغلب الألوان تم اختيارها بذكاء لتلائم مزاج صاحب البيت وذوقه بطريقة تتناغم مع باقي ألوان الجيران.
استوقفنا كونر، الأربعيني الذي يعمل في مجال التصميم الداخلي، وسألناه عن رأيه في اختيار الألوان فأجاب بالقول: “إن جمال المباني لا يتوقف عند ألوانها فحسب بل يعتمد على عوامل أخرى من بينها “تأطير” الأبواب والشبابيك باللون الأبيض الذي وصفه بأنه “صديق” استثنائي لباقي الألوان في التصاميم الداخلية والخارجية.
وتحولت “شوارع قوس قزح” في لندن إلى مواقع لالتقاط الصور حتى أن كثيرين من داخل بريطانيا يختارونها كوجهة للسياحة القصيرة وخصوصا خلال فصل الصيف.