تخيل فجأة أن تُتهم بالسرقة ظلماً، وتُسجن وتُفقد وظيفتك ومالك وسمعتك، كل ذلك بسبب نظام كمبيوتر معطل.
هذه ليست قصة خيالية، بل هي الحقيقة المُرّة التي عاشها أكثر من 900 مدير بريد في المملكة المتحدة في فضيحة هوريزون (Horizon) المُروعة.
ماذا حدث؟
في هذه المقالة، سنُسلط الضوء على تفاصيل هذه الفضيحة المدمرة، وكيف تحوّل نظام هوريزون من أداة لخدمة البريد إلى فخ يُدمر حياة الأبرياء.
ما هي فضيحة مكتب البريد هوريزون (Horizon)؟
اتُهم أكثر من 900 مدير فرعي للبريد البريطاني بالسرقة ظلماً، وذلك بناءً على معلومات خاطئة صادرة عن نظام كمبيوتر معطل يُسمى هوريزون (Horizon).
وقامت جهة البريد نفسها برفع قضايا ضد العديد من مديري البريد، حيث تمت مقاضاة 700 شخص بين عامي 1999 و2015.
بالإضافة إلى ذلك، تم رفع قضايا أخرى من قبل جهات أخرى مثل دائرة الإدعاء العام (CPS) ضد 283 مدير فرعي.
لم تقتصر تبعات فضيحة هوريزون على السجن فقط، بل امتدت لتشمل خسارة مديري البريد لأموالهم ووظائفهم، بالإضافة إلى تدمير سمعتهم وانهيار حياتهم الأسرية.
اقرأ أيضًا: هل ستجري الانتخابات العامة في بريطانيا في يناير 2025؟
ما هو نظام هوريزون (Horizon) في مكتب البريد؟
نظام هوريزون هو برنامج كمبيوتر تم تطويره من قبل شركة فوجيتسو خصيصًا لمكتب البريد البريطاني لإدارة عمليات المحاسبة والجرد.
رغم أن مديري البريد الفرعي قدموا شكاوى متكررة حول وجود أخطاء فادحة في النظام منذ بدايته، إلا أن مكتب البريد تجاهل مخاوفهم تمامًا.
وأدت هذه الأخطاء في نظام هوريزون (Horizon) إلى ظهور نقصان وهمي في الحسابات، مما أدى إلى توجيه اتهامات باطلة بالسرقة لمديري البريد الفرعي.
فقد لعب آلان بيتس، وهو ناشط من مديري البريد الفرعي، دورًا محوريًا في كشف فضيحة هوريزون.
قاد بيتس حملة قوية ضد مكتب البريد لسنوات طوال، مُطالبًا بإعادة النظر في قضايا مديري البريد المُدانين ظلماً.
وبفضل نضال بيتس، تم إعادة النظر في قضايا مديري البريد، مما يمثل انتصارًا للعدالة وإنصافًا لضحايا نظام هوريزون الفاسد.
اقرأ أيضًا: هل ستحدث زيادة ائتمان المعاشات التقاعدية في بريطانيا فارقًا حقيقيًا في حياة المتقاعدين؟
ما هو تأثير فضيحة هوريزون (Horizon) على الضحايا؟
كشفت العديد من مكاتب البريد ومديري مكاتب البريد السابقين عن حجم الدمار الذي لحق بحياتهم نتيجة فضيحة هوريزون.
واضطر بعض الضحايا لاستخدام أموالهم الخاصة لتغطية “نقص” وهمي في الحسابات، تماشياً مع عقودهم التي حمّلتهم مسؤولية الخسائر غير المبررة.
كما واجه العديد من الضحايا الإفلاس وفقدان سبل عيشهم، مما أدى إلى انهيار حياة العديد من أسرهم.
وتعرضت زوجات مديري مكاتب البريد لضغوط نفسية هائلة، كما عانت العديد من العائلات من ضغوط نفسية أدت إلى حالات صحية خطيرة.
وتُظهر هذه القصص المأساوية حجم التأثير المدمر لفضيحة هوريزون (Horizon) على حياة الضحايا، وتُؤكد على ضرورة تقديم تعويضات عادلة لهم وإنصافهم.
اقرأ أيضًا: وزارة الخارجية البريطانية تحذر من السفر إلى 18 دولة
الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في فضيحة هوريزون (Horizon) وآخر المستجدات:
أدركت الحكومة خطورة فضيحة هوريزون على حياة الضحايا، فبادرت في عام 2021 إلى فتح تحقيق عام شامل لكشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين.
وفي خطوة هامة لتصحيح الظلم، أقرّت الحكومة تشريعًا جديدًا في 13 مارس 2024، يُهدف إلى تطهير أسماء الضحايا وإعادة الاعتبار لهم، بالإضافة إلى تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم.
يُعد هذا التشريع خطوة هامة نحو إنصاف ضحايا فضيحة هوريزون، وإعادة الثقة في النظام القضائي.
وعُقدت جلسة استماع جديدة يوم الثلاثاء 9 أبريل، وكان الناشط آلان بيتس أول من أدلى بشهادته.
ومن المتوقع أن تستمر هذه المرحلة الخامسة من التحقيق لعدة أسابيع، حيث من المقرر أن يقدم رؤساء سابقون لمكتب البريد مثل باولا فينيلز وآدم كروزير إفاداتهم.
كما سيستمع التحقيق إلى اللورد أربوثنوت، عضو مجلس استشارات تعويضات هوريزون، بالإضافة إلى عدد من السياسيين الذين أشرفوا على عمل مكتب البريد.
يُذكر أن آلان بيتس هو من ألهم المسلسل التلفزيوني “السيد بيتس ضد مكتب البريد” الذي عُرض على قناة ITV في يناير 2024.
وبعد أيام قليلة، أعلنت الحكومة عن خطط جديدة لتبرئة وتعويض المتضررين من الفضيحة.
واتهم السيد بيتس مكتب البريد خلال التحقيق بأنهم حاولوا “تشويه سمعته وإسكاته” لمدة 23 عامًا.