"في المراتب الأولى في التصنيفات الدولية".. موانئ الخليج العربي تهيمن عالمياً.. فكيف تستفيد بريطانيا من ذلك؟
تابعونا على:

مقالات

“في المراتب الأولى في التصنيفات الدولية”.. موانئ الخليج العربي تهيمن عالمياً.. فكيف تستفيد بريطانيا من ذلك؟

نشر

في

2٬067 مشاهدة

"في المراتب الأولى في التصنيفات الدولية".. موانئ الخليج العربي تهيمن عالمياً.. فكيف تستفيد بريطانيا من ذلك؟

“ميزة جغرافية إستراتيجية، قيادة ذكية، وإمكانيات اقتصادية هائلة” كل هذه العوامل فتحت الأبواب على مصراعيها لدول الخليج العربي وفي صدارتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ليس فقط ليصبحوا من أهم الدول عالمياً فيما يتعلق بقطاع الموانئ، بل ليهيمنوا تماماً على السوق.

كتبت: فاطمة عمراني

 

وعلى مدى السنوات الأخيرة، أثبتت دبي والرياض أنهما تشهدان نمواً مستمراً في مجال الموانئ حيث تم تطوير البنية التحتية لهذه الموانئ وزيادة قدرتها على استقبال وتفريغ السفن، وذلك بفضل التزام الحكومات المحلية بتطوير هذا القطاع، وتتصدر المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قائمة أكبر الموانئ في العالم، حيث تحتل موانئ جدة ودبي مراكز متقدمة في هذه القائمة، وتستمر هيمنة الرياض ودبي على قطاع الموانئ عالمياً، حيث تتميز هذه الموانئ بتقنيات حديثة وخدمات متطورة تلبي احتياجات العملاء وتجعلها مراكز جذب لشركات الشحن والتجارة العالمية.

 

وتحتل القارة الآسيوية مكانة رائدة في التجارة البحرية حول العالم، في الوقت الذي يتوسع فيه النفوذ الصيني لإحياء طريق الحرير عبر شبكة خطوط برية وبحرية لربط القارات الثلاث؛ آسيا وإفريقيا وأوروبا. بينما سارعت الدول بالانضمام إلى تحالفات دولية، مثل المحور الصيني الباكستاني القطري، والمحور الهندي الإيراني الإماراتي.

 

يتنافس على الملاحة في الخليج العربي ما يقارب 43 ميناء ما بين تجاري وصناعي وثانوي في 9 دول (الكويت، المملكة العربية السعودية، البحرين، قطر، عمان، الإمارات العربية المتحدة، إيران، الهند، باكستان)، ويُقدر حجم الاستثمارات في هذه الموانئ بين 100 مليار و150 مليار دولار حتى 2029، وهذا المبلغ الضخم والعدد الكبير من الموانئ كفيلان بأن يرسما شكل وحجم التنافس المستقبلي للملاحة البحرية في الخليج، فضلاً على أن جميع الموانئ قريبة بعضها من بعض، ما يجعل المنافسة بينها أكثر شراسة.

وتتسابق عدة دول للسيطرة على موانئ استراتيجية في منطقة الخليج، لا سيما لتفادي إرسال السفن عبر مضيق هرمز، حيث تلعب دول الخليج كافة دوراً في موازين القوى في المنطقة وتكرس موقفها كوسيط في النزاعات الإقليمية والدولية.

 

تُسلط هذه المنافسة الضوء على أهمية تطوير الموانئ لتحسين تنافسيتها وقدرتها على مواكبة التطورات العالمية، ومن هنا تأتي الأهمية الحاسمة لتدريب وتأهيل العاملين في المجال البحري، على سبيل المثال تلعب أكاديمية لندن البحرية London Maritime Academy “وهي أكاديمية تدريب مقرها لندن، تقدم برامج تدريبية في عدة مدن رئيسية حول العالم”، دوراً هاماً في تنمية قدرات الكوادر البشرية المتخصصة في قطاع الموانئ وتحسين الإدارة اللوجستية وتقديم الحلول التكنولوجية المبتكرة، يمكن لهذه المراكز التدريبية المتخصصة أن تساهم في تعزيز مهارات العاملين في الموانئ عموماً وزيادة جاذبيتها للشحن والتجارة الدولية.

 

السعودية

يعد تطوير قطاع الشحن والخدمات اللوجستية ركيزة أساسية في استراتيجية النقل ولا سيما البحري في السعودية خطة التنمية لرؤية المملكة العربية لعام 2030 بقيادة الأمير محمد بن سلمان والتي تتمثل في أن تصبح مركزاً لوجستياً إقليمياً لدول الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، وتشهد الموانئ السعودية زيادة في الحركة البحرية بسبب فتح المنطقة مؤخراً أمام استثمارات أجنبية جديدة. وقد سمح ذلك للمملكة العربية السعودية بتطوير بنية تحتية حديثة لجذب المزيد من الحركة التجارية إلى موانئها.

تم تطوير هذه الموانئ لتلبية احتياجات مشغلي الشحن الحديث، وهي الآن تخدم العديد من الشركات الصناعية والتجارية من جميع أنحاء العالم. وقد مكن ذلك المملكة العربية السعودية من أن تصبح مركزاً تجارياً رئيسياً للتجارة الإقليمية والدولية. 

تهدف الاستثمارات إلى تحسين البنية التحتية للموانئ، بما في ذلك بناء موانئ جديدة وتحديث الموانئ القائمة، ورفع مستوى التكنولوجيا الأمنية. بالإضافة إلى ذلك، يتم إجراء استثمارات ضخمة في قطاع الخدمات اللوجستية، بما في ذلك بناء مستودعات جديدة وتطوير تقنيات جديدة لتحسين إدارة سلسلة التوريد.

"في المراتب الأولى في التصنيفات الدولية".. موانئ الخليج العربي تهيمن عالمياً.. فكيف تستفيد بريطانيا من ذلك؟

الإمارات

احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى عربياً والرابعة عالمياً في جودة البنية التحتية للموانئ، وفقاً لتقرير صناعة اللوجستيات الصادر عن شركة موردور إنتليجنس، وهي تمتلك أقوى شبكة ربط مع الموانئ البحرية مع بقية دول العالم في دول المنطقة، انطلاقاً من موانئ الدولة التابعة لكل من «موانئ أبوظبي»، و«موانئ دبي العالمية» وقد حافظت على مركزها الأول عربياً في الربط البحري مع الموانئ العالمية منذ سنة 2018 وحتى 2022، وفي غضون ذلك، أصبحت موانئ دولة الإمارات العربية المتحدة مركزاً إقليمياً لجذب الاستثمارات الدولية، وتعزيز النمو المستدام في قطاع الخدمات اللوجستية باستخدام التكنولوجيا والابتكار. 

سلطنة عمان والكويت والبحرين وقطر

تتميز سلطنة عُمان بوجود شبكة متكاملة من الموانئ تنتشر على طول السواحل العُمانية، وتضم شبكة الموانئ التجارية الرئيسية: ميناء صحار وميناء صلالة الحاصل على المركز الثاني في ترتيب موانئ الحاويات الأكثر كفاءةً في العالم وميناء الدقم، كما توجد موانئ أقل حجماً في ولايات السويق وشناص وخصب، وتم تخصيص ميناء السلطان قابوس بمحافظة مسقط لخدمة القطاع السياحي.

وبالإضافة إلى دورها الاقتصادي الهام، فهي تلعب دوراً سياسياً لا سيما بعد أن منحت مسقط الجيش الأمريكي تسهيلات أكبر للاستفادة من موانئ الدقم وصلالة، وساهمت بضبط توازن القوى في المنطقة.

"في المراتب الأولى في التصنيفات الدولية".. موانئ الخليج العربي تهيمن عالمياً.. فكيف تستفيد بريطانيا من ذلك؟

أما الكويت فهي تستورد أكثر من 80% من احتياجاتها عن طريق الموانئ، في حين تستورد نحو 20% من منافذها البرية والجوية، لذلك ارتبطت الكويت منذ نشأتها بالموانئ الحيوية لها، وظلت لسنوات عديدة موقعاً تجارياً هاماً بين بلدان المنطقة. لذلك فإن تطوير الموانئ التجارية الكويتية يعد أحد ركائز تطوير مشروع “كويت جديدة 2035”، ويسهم في تحقيق إيرادات خارج نطاق الإيرادات النفطية، والتي تساهم بنسبة 92٪ من الإيرادات العامة. الموازنة العامة للدولة.

وفي دولتي قطر والبحرين يوجد العديد من الموانئ التي تعد العمود الفقري لنظام التجارة وتقدم هذه الموانئ خدمات النقل البحري والخدمات الملاحية والخدمات اللوجستية على مستوى عال ووفقا لأعلى المواصفات والمقاييس والمعايير الدولية المعمول بها في هذا الشأن.

هل يهيمن الخليج على قطاع الموانئ عالمياً؟

 احتلت الموانئ في الشرق الأوسط أربعة من المراكز الخمسة الأولى في الإصدار الثاني من مؤشر أداء ميناء الحاويات العالمي (CPPI) الذي طوره البنك الدولي.

وأيضاً يُظهر مؤشر البنك الدولي ومعلومات الأسواق الصادرة عن وكالة ستاندرد أند بورز العالمية عن أداء موانئ الحاويات أن موانئ الشرق الأوسط وشرق آسيا كانت الأفضل من حيث الاستجابة للنمو الكبير في حجم الأنشطة، وتفوقت الموانئ الخليجية بمراحل عن الموانئ البريطانية على وجه التحديد.

خسائر بريطانيا فادحة بعد بريكست

أبرزت إحصاءات الشحن من وزارة النقل البريطانية تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والوباء على الموانئ البريطانية، حيث انخفض إجمالي حمولة الشحن بنسبة 9٪، بينما انخفضت حركة المرور بنسبة 13٪ – حيث تضررت الوحدات الداخلية بشدة بانخفاض 17٪ بين عامي 2020 و2021.

وبينت المحللة الاقتصادية فيبي طومسون أن: “هذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها الصناعة ككل من رؤية التأثير الكلي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على أحجام الموانئ”.

ولكن الحكومة البريطانية لم تسمح لتأثير بريكست في أن يتمدد أكثر، حيث قال الرئيس التنفيذي لمجموعة الموانئ البريطانية الكبرى، تيم موريس، فقد تغيرت الأمور بالنسبة للموانئ، ولكن ليس بالطريقة الدراماتيكية التي تم توقعها، لقد كانت موانئنا بالفعل تتعامل مع كميات كبيرة من المواد التجارية مع بقية المواقع في العالم، لذا فإن فكرة القدرة على نقل البضائع عبر الحدود لم تكن شيئًا جديداً، هذا ليس عالمياً، كما هو الحال بالنسبة لبعض الموانئ التي يتم تداولها فقط مع الاتحاد الأوروبي ، إنه تغيير جوهري أكثر.”

وفي الوقت الذي تواجه فيه موانئ المملكة المتحدة تكلفة مالية بسبب الارتباك المتعلق بمراقبة الحدود بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لا بد من أهمية توجه لندن لدول الخليج العربي وزيادة تكريس وتشبيك العلاقات والاتفاقيات في قطاع الموانئ.

وتبدو المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجهتين مثاليتين لكي تستفيد بريطانيا من تفوقهما في مجال الموانئ مع تبوئهما المراكز الأولى عالمياً في التصنيفات، ولا سيما في ظل التقارب السعودي البريطاني والزيارة المرتقبة للأمير محمد بن سلمان إلى لندن قريباً.

إترك تعليقك

إترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

X