تترك بعض السلوكيات في بيئة العمل في بريطانيا العديد من الوافدين الجدد في حيرة من أمرهم، وخاصة تكرار استخدام عبارة “من فضلك”، وكثرة الذهاب إلى الحانات. وفي ما يأتي ثلاث نصائح تساعدك على التكيف مع بيئة العمل البريطانية.
إذا كنت من الوافدين الجدد للعمل في المملكة المتحدة للمرة الأولى، فينبغي عليك أن تتأقلم مع غالبية الزملاء الذين لديهم ولع باحتساء الشاي، واستخدام عبارات مثل “عطلة البنوك”، وكثرة استخدام كلمة “لوو” للإشارة إلى المرحاض.
كما سيكون عليك التكيف مع تكرار عبارات مثل “من فضلك”، و”شكرا لك”، وأن تحضر اجتماع الساعة العاشرة صباحا في الموعد المحدد، وهي كلها جوانب تميز حياة العمل في بريطانيا، وتختلف عما اعتاد عليه المغتربون في بلدانهم الأصلية، حتى لو كانوا من الولايات المتحدة الناطقة بالإنجليزية أيضاً.
“شكرا لك، من فضلك”
هناك مثل بريطاني يقول إن الأخلاق الحسنة لا تكلف شيئا، ولذا، فإن استخدام تعبيرات مثل “من فضلك” أو “شكرا لك” في الحوارات اليومية يمكن أن يجعل الأمور تسير بشكل أكثر سهولة، لكن طريقة استخدام هذه الكلمات، وطريقة استقبال الآخرين لها، تعتمدان على المكان الذي نأتي منه.
وقد أجرى باحثون من جامعتي ساسيكس ولندن كوليدج دراسة حول وجود وغياب عبارة “من فضلك” في 1,350 رسالة بالبريد الإلكتروني داخل شركات حكومية بريطانية وأمريكية. وتوصل الباحثون إلى أن البريطانيين استخدموا هذه الكلمة أكثر من 50 في المئة من نظرائهم الأمريكيين.
ويبدو أن هذه الدراسة، التي تنشرها دورية “بولايتنيس ريسيرتش”، تدعم الحكمة التقليدية التي تقول إن البريطانيين أكثر لطفا وتأدبا من نظرائهم الأمريكيين، لكن مع ذلك، لا تعد الإجابة التي تقدمها هذه الدراسة قاطعة في هذا الإطار، ولا يمكن الاعتماد عليها بمفردها.
وتقول لين ميرفي المؤلفة المشاركة في هذه الدراسة والمحاضرة في علم اللغة في جامعة ساسيكس “لقد وجدنا أن الأمريكيين يستخدمون كلمة ‘من فضلك’ أقل بكثير من البريطانيين، لكن مع ذلك لا يرى الأمريكيون أنفسهم أقل تأدبا من البريطانيين”.
وفي ثقافة العمل البريطانية، من المهم استخدام الكلمات المناسبة في المواقف المناسبة، كما تقول ميرفي. فعلى سبيل المثال، يستخدم البريطانيون في رسائلهم الإلكترونية عبارة “من فضلك، يمكنك أن تجد في المرفقات…”، أكثر من الأمريكيين بمعدل عشرة أمثال.
لكن ميرفي توصلت إلى أن من المرجح أكثر بالنسبة للأمريكيين أن يستخدموا عبارة “من فضلك” عندما يشعرون بعدم وجود توازن بين طرفين، مثلما هو الحال بين الوالدين والأبناء. وفي المقابل، يقدر الأمريكيون بصورة أكبر قيمة كلمة “شكرا”.
وتضيف ميرفي “ينسجم ذلك مع فكرة أن ثقافة الأدب واللطف الأمريكية ترتبط بشكل كبير بفكرة إظهار التضامن مع الآخرين، كما أنها تجعل الناس يشعرون بالرضا عن أنفسهم وعن بعضهم البعض”.
وبينما كان البريطانيون متشابهين في ذلك الأمر أيضا، تقول ميرفي إن من المهم أن يعترف البريطانيون بوجود مسافة محددة، وأدوار معينة بين الناس، على الرغم من أن هذا قد تغير في القرن الحادي والعشرين، لكن ليس بالسرعة التي كنا نعتقدها.
فماذا يمكنك أن تفعل كوافد جديد إلى بريطانيا؟ إعلم جيدا أن أي شخص يقوم بأمر ما تراه أنت غير مناسب أو غير مريح بالنسبة لك، ربما يكون ذلك غير مقصود تماما، نظرا للاختلاف الثقافي بين الناس. وكما تقول ميرفي “في كثير من الأحيان، يكون الأمر متعلقا بكيفية تواصل الناس مع بعضهم بعضا”.
لكن الأدب البريطاني لا يقتصر فقط على تعبيرات “من فضلك”، و”شكرا لك”، فهناك العديد من الجوانب الأخرى الأكثر تعقيدا والمتعلقة بلغة الحوار وحل المشكلات في بيئة العمل، والتي ينبغي على الوافدين الجدد أن يتعلموها.
وفي عام 2015، توصل استطلاع شمل 1,000 مدير بريطاني إلى أن المبالغة في إظهار الأدب واللطف يمكن أن تكلف الشركات البريطانية الملايين. فعلى سبيل المثال، أشار نحو 20 في المئة من المديرين المشاركين في الاستطلاع إلى أنهم لم يتقدموا بطعون ضد مصروفات كانوا يعتقدون أنها تنطوي على احتيال.
التزم بالمواعيد
قد يشعر الوافدون الجدد الذين يدخلون سوق العمل البريطاني قادمين من بلدان ذات نهج متراخ في مواعيد الاجتماعات، والمواعيد النهائية، بأنهم في حالة صدمة.فالمملكة المتحدة تعد واحدة من أكثر الدول انضباطا في المواعيد في العالم، وذلك وفقا لما تقوله أيرين ماير، الأستاذة بالمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال، ومؤلفة كتاب “خريطة الثقافة”.
فالظهور في الاجتماعات في وقت متأخر عن الموعد المحدد لا ينظر إليه بصورة إيجابية على الإطلاق في بريطانيا. وقد توصل باحثون في الفترة الماضية إلى أن النظرة إلى الأشخاص غير الملتزمين بالمواعيد تعد نظرة سلبية دائما، بغض النظر عن النوايا الطيبة للمتأخرين.
الشراب بعد الخامسة مساء
كان الإسراف في تناول الكحوليات منذ فترة طويلة جزءا من ثقافة العمل البريطانية، لدرجة أن شركة لويدز للاستثمارات في لندن تصدرت عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم في الأشهر القليلة الماضية عندما حظرت على موظفيها تناول المشروبات الكحولية في نهار يوم العمل.
وبينما أصبح تناول تلك المشروبات في النهار أقل شيوعاً في غالبية قطاعات الصناعة البريطانية، ومع تراجع معدلات تناول الكحوليات بين الشباب البريطانيين عموما مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عقد من الزمن، فإنك إذا نظرت إلى معظم حانات المدينة خلال أيام العمل الأسبوعية بعد الساعة الخامسة مساء، من المحتمل أن تجد بعض الزملاء يتناولون المشروبات الكحولية معا.
وبينما يمكن لمشروب البيرة بعد العمل أن يشجع على إقامة صداقة وطيدة، وأن يساعد المديرين وأعضاء مجلس الإدارة على التجمع والتواصل معا، لا تزال هناك مخاطر تتعلق بالمبالغة في ذلك الأمر، وخاصة بالنسبة للوافدين الجدد الذين لا يعرفون ثقافة أماكن العمل في بريطانيا بشكل كاف.