أعلنت محكمة العمل في بريطانيا عن فصل عاملة نظافة في مستشفى “رويال لانكستر” (Royal Lancaster Infirmary)، لأسباب تتعلق بالصحة العقلية، وتم وصف قرار فصل العاملة بأنه إجراء غير عادل، وأنّ العاملة كانت قد وقعت ضحية للتنمر بسبب المشاكل العقلية التي تعاني منها.
والعاملة التي جرى فصلها هي “زوي كيتشينج” (Zoe Kitching)، وكانت قد عانت لفترات طويلة من مشاكل ذات صلة بالصحة العقلية، مثل القلق والاكتئاب واضطراب ثنائي القطب، كما أنها تغيبت عن العمل لأيام عديدة خلال الفترة بين عامي 2019 وحتى العام 2023.
ويشير ملف العمل الذي أدى إلى فصل عاملة نظافة في مستشفى رويال لانكستر التابع لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، إلى أنها تغيبت عن العمل لمدة 400 يوم تقريباً، وكانت أسباب الغياب بنسبة (85%) ذات صلة بالصحة العقلية، لا سيما بعد وقوعها تحت تأثير نوبات نفسية شديدة، وفي إحدى المرات تغيبت عن العمل لمدة 130 يوماً متواصلة، تم تحديدها بين سبتمبر 2020 ويناير 2021.
وفي تفاصيل معاناة “زوي كيتشينج”، تبين أنها كانت قد توجهت بطلب رسمي للمسؤولة عنها “روث برادبورن” (Ruth Bradburn)، بتخفيض عدد ساعات عملها، لكن للأسف قوبل الطلب بالرفض، وتجدر الإشارة إلى أنّ برادبورن تتولى منصب مديرة خدمات موقع بيئة المرضى في جناح لانكستر.
وفي ذات السياق، وعلى الرغم من الاعتراف بكيتشنج على أنها تعاني من مشاكل في الصحة العقلية، إلا أن تقرير الصحة المهنية، والذي صدر في يناير 2021، لم يقبل أن يعتبر كيتشنج تعاني من أي إعاقة، استناداً إلى قانون المساواة الصادر في العام 2010، الأمر الذي أدى إلى فصل عاملة النظافة كيتشينج.
وكانت المديرة المباشرة لعاملة النظافة التي تعرضت للفصل، قد عقدت اجتماعات عدة لمعالجة غياباتها المتكررة، وتلخيص أهداف الأداء لديها، وذلك للحد من غياباتها المتكررة، وبالفعل استطاعت العاملة المفصولة بعد هذه الاجتماعات أن تحسن من حضورها.
ولكن مع حلول يونيو 2023، تعرضت كيتشنج للفصل على يد “ديفيد باسانت” (David Passant)، الذي يتولى إدارة قسم المرافق، وكان السبب وراء القرار غياباتها المتكررة، واستند باسانت في قراره إلى البلاغ الذي ورده من “كريستوفر بريسلي” (Christopher Brisley)، شريك الأعمال في الموارد البشرية عن قسم الموظفين والتطوير التنظيمي، والذي أوضح من خلاله أن كيتشينج لم تستوفي معايير الإعاقة المحددة في تقرير الصحة المهنية.
أيضاً قال قاضي التوظيف “تشايلد” (Childe)، أن هيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS) لم تتصرف بشكل منطقي حيال كيتشينج، ولكن نظراً لأن الهيئة لم توافق على اعتبار كيتشينج شخصاً معاقاً، فهذا يعتبر سبباً كافياً لفصلها من العمل، وتابع قائلاً لم توافق هيئة الخدمات الصحية الوطنية في أي وقت أثناء اجتماع الفصل واجتماع الاستئناف على اعتبار كيتشينج شخصاً معاقاً، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ القرار بفصلها، وهو قرار غير عادل وتميزي أن يتم فصلها من العمل.
وجاء فصل عاملة النظافة كيتشينج بعد أن تقدمت بطلب لإعطائها فرصة ثانية، علماً أنها أوضحت أسباب غيابها، بأنها تعود لمشاكل في صحتها العقلية، وعبرت عن مدى أسفها وانزعاجها الشديد من القرار الأخير بفصلها، على الرغم من تقدمها باستئناف تأملت من خلاله أن يعدل المسؤولون عن قرارهم.
وعلّق مراقبون بأنهم انتظروا من هيئة الخدمات الصحية الوطنية، أن تسمح لعاملة النظافة كيتشينج، بالتغيب المرضي لأسباب تتعلق بصحتها العقلية، ولكن امتناع الهيئة عن اعتبار العاملة خارج منطقة الإعاقة بسبب التزامها بمعايير محددة للإعاقة يعتبر بمثابة فشل، وأن اتخاذ قرار بأن كيتشينج ليست معاقة، هو قرار غير منطقي وخاطئ، لأن الأدلة الطبية تشير إلى عكس القرار.
وفي الختام تجدر الإشارة إلى أنّ فصل عاملة النظافة، أحدث ضجة في الأوساط البريطانية، والبعض نظر إليه على أنه فشل ذريع، ويشير إلى خلل في الأداء عند هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، التي تجاهلت الأدلة الكثيرة على صحة ادعاء العاملة بمعاناتها من أمراض عقلية، وتمسكت بقرار الفصل بناءاً على عدد أيام غيابها، وكانت كيتشينج حصلت على تعويض عمل وقدره 50 ألف جنيه إسترليني.