مقابلات
خبيرة شؤون الإرهاب الدكتورة شيماء سمير لأرابيسك لندن: ترويض الفكر المتطرف ممكن، والردع النووي يتآكل بتعدد الأقطاب!
نشر
منذ 7 ساعاتفي
188 مشاهدة

حاورها: محسن حسن
في ظل تشابك العلاقات الدولية المعاصرة، وتداخل الحدود السياسية والاستراتيجية بين القوى الساعية نحو الاستحواذ والهيمنة، يختلط السياسي والاقتصادي والديني، وتلعب عوامل الصراع المحلي والإقليمي والدولي دورها في تهيئة أجواء الصدام واشتعال حمى الاستقطاب الفكري والأيديولوجي، وفي الخلفية من كل ذلك، تظل الطاقات البشرية الشابة، مغلوبة على أمرها، معرضة لسوء التوظيف والاستغلال والتجنيد، ليس من قبل الجماعات المتشددة فقط، وإنما من عموم التكتلات النافذة في العالم، الأمر الذي أوجد بيئة دولية مفعمة بالصدام المسلح، تعاني حرباً تلو أخرى، وتنتقل خلالها الحراكات المشبوهة لتكريس ضبابية مستدامة يصعب معها فهم وتحليل الكثير من الملفات الباردة والساخنة، كما يسهل معها التغرير بالعقول والأفكار وإخضاعهما لتحقيق أهداف تخريبية عابرة للقارات والدول.. أرابيسك لندن توجهت بأسئلتها حول خلفيات المشهد السياسي والاقتصادي والأمني، للأستاذة الدكتورة (شيماء سمير) الخبيرة بالعلاقات الدولية وشؤون الإرهاب والجماعات المسلحة، لاستجلاء رأيها وتوقعاتها وتقييمها الخاص والموضوعي لقضايا عدة منها تحديات السلم والأمن الدوليين، والوضع في المملكة المتحدة، وخلفيات الصراع النووي وما يدور في فلكه من أهداف الردع والتوازن، إلى جانب محاور أخرى حول مستقبل التوافق الخليجي الإيراني، وحول ملامح الخريطة الدولية لانتشار جماعات العنف والتشدد، وهو ما تكشفه السطور القادمة من هذا الحوار.
الوضع الدولي الراهن
* بداية كيف تقيمين الوضع الدولي الراهن من وجهة نظرك ومن وجهة نظر الجماعات المتشددة؟
يواجه العالم الآن مرحلة شديدة التعقيد والحساسية؛ ما بين تحديات اقتصادية كالتفاوت فى الثروات وأزمات البطالة والفقر والانهيار الاقتصادى فى دول الصراعات والحروب، إلى جانب التوترات الجيوسياسية التي يغذيها تنافس القوى الكبرى وتدخلاتها الخارجية، إضافة للفراغ الأمني الذي خلفه انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، ناهيك عن ضعف الحكومات والمؤسسات الأمنية فى دول منطقة الساحل الأفريقي، وسطوة الأذرع الخارجية للدول الكبرى، والتى تتلاعب في كل مكان عبر شركات الأمن الخاصة ومرتزقة فاغنر، مثل هذه العوامل وغيرها، تنتج فوضى أمنية عالمية وتهدد الاستقرار وهو ما يعطي فرصة للتنظيمات الإرهابية والجماعات المتشددة لتعزيز النفوذ والسيطرة على المناطق الهشة والفقيرة، ومن ثم التجنيد للسكان في تلك المناطق عبر الإغراءات المادية، وكذلك عبر توظيف قضايا الصراع والهيمنة سعياً نحو تبرير هجماتها وأعمالها الإرهابية ودعم أجندتها، ما يساعدها فى استقطاب الجديد من العناصر.
استقطاب التيارات الفكرية العنيفة
* برأيك ما المنطقة الإقليمية أو الدولية المهيأة أكثر لاستقطاب التيارات الفكرية العنيفة؟
هناك عدة مناطق تمثل بيئة خصبة للتطرف ومنها القارة الأفريقية خاصة منطقة الساحل والصومال، نتيجة لعدة عوامل منها: الفساد وضعف الحكومات وعدم قدرتها على فرض سيطرتها على كامل أراضيها، كذلك الحروب الأهلية والنزاعات العرقية وهذا يضعف كيان الدولة ويجعلها عرضة للتنظيمات الإرهابية كالصراع فى دارفور وجنوب السودان والصراعات الطائفية التى تستغلها بعض الجماعات كجماعة بوكو حرام فى نيجيريا التى تستغل الانقسامات بين المسلمين والمسيحين أو بين الجماعات العرقية، بالإضافة إلى ضعف الأجهزة الأمنية المحلية وعدم قدرتها على إحكام قبضتها على الحدود أو السيطرة على عصابات الجريمة المنظمة؛ الأمر الذى يساعد فى دخول الأسلحة والهويات المزورة والعناصر الإجرامية عبر الحدود، كما أن التغيرات المناخية أيضا تخلف نوعا من الصراع على الموارد نتيجة التصحر والجفاف كالنزاعات فى وسط مالي وشمال نيجيريا، ما يخلق ظروفا مناسبة تستغلها الجماعات الإرهابية للتجنيد.
وبالانتقال إلى النموذج الآسيوي، تعد منطقة أسيا الوسطى خاصة أفغانستان وباكستان بيئة خصبة لانتشار التطرف والإرهاب لعدة عوامل منها: الطبيعة الجبلية لهذه الدول والتى تصعّب مهمة تتبع العناصر الإرهابية التى تسكنها، كذلك الحدود الطويلة بين أفغانستان وباكستان فيما يعرف بخط ديورند، والذى يسهل الحركة لتنظيمى القاعدة وداعش، كما أن هناك عدة مناطق قبلية فى باكستان كمناطق وزيرستان وخيبر بختونخوا، تقع خارج سيطرة الحكومة المركزية، ما يجعلها ملاذاً آمناً للجماعات المسلحة، هذا بالإضافة إلى الصراع السنى الشيعى ممثلاً فى جماعة لاشكر طيبة التى تستهدف الأقلية الشيعية فى باكستان وأفغانستان، وبصفة عامة تشكل الأزمات الاقتصادية في هاتين الدولتين، حافزاً لانضمام الفئات الشابة إلى الجماعات والتنظيمات المتشددة، سواء للعمل المسلح أو لممارسة أنشطة مشبوهة أخرى كتجارة الأسلحة أو تجارة المخدرات(أشهرها الأفيون الأفغانى).
وإجمالاً، لا نستطيع إغفال الحروب المتتالية التى شهدتها مناطق الصراع، والتى مكنت التنظيمات المتشددة من امتلاك حصيلة كبيرة من الأسلحة الثقيلة بخلاف الدعم الخارجى المباشر وغير المباشر والتدخلات الخارجية والصراعات بالوكالة، جنباً إلى جنب، مع انتشار مدارس الفكر المتطرف، والتي تنتشر أكثرها فى باكستان أو أفغانستان.
أدوار الجهات الإغاثية الأممية
* إلى أي حد أنت راضية عن مآلات وأدوار الجهات الإغاثية الأممية وما يرتبط بها من اعتبارات أمنية؟
تتسم جهود الإغاثة الأممية بالإيجابيات والسلبيات؛ تتمثل الإيجابيات فى تقديم المساعدات الغذائية ضمن برنامج الأغذية العالمي فى دول مثل الصومال واليمن، وهو ما يقلل من تجنيد التنظيمات الإرهابية للشباب بدافع مادي، كذلك يساهم تقديم الدعم للنازحين واللاجئين بسبب الصراعات داخل دول مثل أفغانستان وسوريا، في الحد من تجنيد الفئات الشابة أو استهدافها من قبل التنظيمات الإرهابية، كما أن توفير برامج تعليم وتأهيل للأطفال وإطلاق مبادرات التوعية مثل مبادرة الوقاية من التطرف التابعة للأمم المتحدة، يقلل بدوره كذلك من خطر التجنيد لدى داعش وبوكو حرام وغيرهما، ويؤدي إلى تصحيح الأفكار المتطرفة إعلامياً، ومن جهة أخرى فإن مشاريع إعادة الإعمار بعد الصراعات، تسهم فى استعادة استقرار المجتمعات وتدعيم الأمن وهو ما يقوض نشاط التنظيمات الإرهابية.
أما عن السلبيات فتتمثل فى صعوبة الوصول أحيانا إلى مناطق تسيطر عليها الجماعات المسلحة مثل شمال مالي أو أجزاء من باكستان، حيث غالباً ما يواجه موظفو الفرق الأممية تهديدات بالخطف أو القتل، كذلك بعض المناطق تعاني من عدم التوازن فى التمويل فمثلاً تحصل بعض المناطق فى أوكرانيا على دعم أكبر من مناطق أخرى كمالي أو بوركينا فاسو، كما أن بعض المساعدات تقع أحياناً فى قبضة الجماعات المسلحة التى تقوم بفرض ضرائب عليها أو السيطرة عليها لتمويل أنشطتها، كما هي الحال مع طالبان والتي تتهمها بعض التقارير بالسيطرة على جزء من المساعدات الدولية، كما أن هناك أحيانا صعوبة فى الجانب البيروقيراطي تجعل هناك بطء فى وصول المساعدات كنموذج المجاعات فى الساحل الأفريقى مع عدم وجود تنسيق كافِ بين المنظمات الأممية والجهات المحلية.
العلاقات الدولية الأسيرة
* لماذا برأيك أصبحت العلاقات الدولية أسيرة فى أيدي نخبة محدودة من السياسيين؟ وهل من الممكن أن يدفع العالم ثمناً باهظاً لهذه الوضعية؟
للأسف ترتكز مقاليد السياسة الدولية فى يد مجموعة صغيرة من الدول الكبرى المهيمنة على المجتمع الدولي، والتى تملك الأدوات السياسية والاقتصادية والعسكرية؛ فهناك الدول صاحبة حق الفيتو كالولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا، وهي غالباً ما تضع مصالحها الوطنية فوق أي مصالح عامة أو اعتبارات إنسانية، كذلك هناك التكتلات الاقتصادية من دول مجموعة السبع أو صندوق النقد الدولي، والتى تسيطر بدورها على السياسات المالية العالمية دون أي تمثيل عادل يخدم صالح الدول النامية، كذلك هناك الأحلاف العسكرية كحلف الناتو مثلا، وهي أحلاف مؤثرة فى الصراع الدولي؛ فهي وإن كانت تزعم أنها تهدف إلى إقرار الأمن الجماعى، إلا أنها تساهم واقعاً في تصعيد التوترات وزيادة التسليح إلى حد اندلاع الحروب، وذلك من خلال خلق الأقطاب العدائية ودعم سباق التسلح وتقليل فرص الحوار وتقليص دور الدبلوماسية، وهو ما يقودنا إلى إجابة الجزء الأخير من السؤال: هل سيدفع العالم ثمناً باهظاً؟ نعم بالطبع، العالم لا يزال يدفع أثماناً باهظة للحرب على العراق منذ 2003، ويدفع حالياً ثمناً مشابهاً نتيجة لتوسع حلف الناتو نحو أوكرانيا، كذلك قضية الصراع الإسرائيلى/الفلسطينى وتآكل الشرعية الدولية وفقدان الأمم المتحدة مصداقيتها وقدرتها على حفظ الأمن والسلم الدوليين، وهو ما ينتج رفض شعبي وسخط على النخب الحاكمة تجسدت فى مظاهرات ضد الحكومات تعبر عن الصمت تجاه بعض القضايا أهمها صمت الغرب عن الجرائم الإسرائيلية فى غزة.
الردع النووي الراهن
*وفق أية منطلقات تحليلية يمكن تقييم مفهوم الردع النووي فى الوقت الراهن؟ وما الذي طرأ على هذا المفهوم من وجهة نظرك؟
المفهوم التقليدي للردع النووي يقوم على أساس مبدأ منع الحرب عبر إقناع الخصم بأن أي هجوم سيواجه تدميراً من خلال توازن القوى عدم استحواذ طرف واحد على التفوق النووي، ولكن فى الوقت الراهن هناك عدة تغيرات طرأت على مفهوم الردع النووي أهمها تعدد اللاعبين النوويين ونهاية احتكار القوى الكبرى؛ فكوريا الشمالية مثلاً تمتلك صواريخ بعيدة المدى تصل للعمق الأمريكي، وإيران على وشك امتلاك السلاح النووي ما يهدد التوازن فى الشرق الأوسط، ناهيك عن أن الصراع النووي بين باكستان والهند غير خاضع للمعاهدات الدولية، وكل هذا يؤكد صعوبة تحقيق الردع الشامل فى نظام متعدد الأقطاب، صحيح أن الردع النووي ما يزال قائماً، ولكنه لم يعد يعمل بنفس قوته وقت الحرب الباردة، لا سيما وأن الوضع سوف يزداد خطورة فى ظل تملك التنظيمات الإرهابية التى تسعى إلى ذلك السلاح، حيث يسعى تنظيم داعش ـــ وفق تقارير منسوبة للاستخبارات الألمانية ــــ لشراء مواد نووية عبر مهربين فى أوروبا الشرقية، كما كشفت بلجيكا عام 2016 عن مخطط لداعش لسرقة مواد مشعة من أحد المفاعلات النووية، ومثل هذه الأمور يكون لها الكثير من المخاطر خوفا من احتمالية تصنيع التنظيمات الإرهابية للقنبلة القذرة التى تسبب ضررا فادحا وقد تستخدمها التنظيمات للمساومة وتهديد الحكومات والمجتمعات.
بين المحافظين والعمال
* من واقع متابعاتك الأكاديمية للوضع في بريطانيا: ما تقييمك للفوارق الإصلاحية بين حكم المحافظين والعمال في هذا البلد حالا ومستقبلاً؟
في السنوات الأخيرة، واجه كلا الحزبين تحديات اقتصادية كبيرة، مثل التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة. ومستقبلاً، ستعتمد الفوارق الإصلاحية لدى كل منهما على التوجهات السياسية لكل حزب، والظروف الاقتصادية والاجتماعية التي ستواجهها البلاد، كما أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤثر بشكل كبير على تلك التوجهات. ولكن بشكل عام، يميل المحافظون إلى إصلاحات تركز على السوق الحرة وتقليل تدخل الدولة، بينما يميل حزب العمال الحالي إلى إصلاحات تركز على العدالة الاجتماعية ودور أكبر للدولة.
خسائر الخروج من الاتحاد الأوروبي
* ما مدى رضاك عن جهود حكومة حزب العمال البريطانية حتى اللحظة؟ وهل بإمكان هذه الحكومة تجنب الخسائر الناجمة عن الخروج من الاتحاد الأوروبي؟
كما أشرت منذ قليل، تتميز سياسات حزب العمال بالتركيز على العدالة الاجتماعية، وتقديم الخدمات العامة، وتوفير فرص متكافئة لجميع المواطنين، ولكن في ظل ما يواجهه الحزب من تحديات اقتصادية كبيرة، بالإضافة إلى التحديات الناتجة عن الخروج من الاتحاد الأوروبي، يرى البعض أنه يبذل قصارى جهده لتقليل الأضرار وإيجاد الحلول للمشكلات، بينما ينتقد البعض الآخر سياسات الحزب ويعتبرها غير كافية، ولكنني، على كل حال، أرى أن الحكومة الحالية تسعى إلى الحفاظ على علاقات تجارية قوية مع الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه تعمل على استكشاف فرص تجارية جديدة مع دول أخرى لتعويض خسائر الخروج من الاتحاد الأوروبى.
العنصر النسائي إقليمياً ودولياً
*على مستوى العنصر النسائي إقليمياً ودولياً هل تتوقعين توسعا أم انحسار للاستقطاب المتطرف لهذا العنصر ضمن مسارات وتوجهات العنف المتصاعد والعابر للقارات والدول؟
التنظيمات الإرهابية يقوم لديها العنصر النسائي بدور حيوي؛ نظراً للمهام المتعددة التى يقوم بها ومنها: سهولة التحرك عند نقاط التفتيش، كذلك استخدامهن فى الجانب الدعوي والتجنيد الرقمى عبر مواقع التواصل الاجتماعى والمنصات التقنية للتنظيمات، واستخدامهن كذلك كزوجات لعناصر التنظيم وكمربيات للأطفال الذين يتم استقطابهم كجيل جديد من الجهاديين، وبالتالي فستستمر التنظيمات الإرهابية فى استثمار العنصر النسائي بما يخدم أهدافها، وذلك من خلال استغلال الأزمات الإنسانية من كوارث طبيعية أو حروب وصراعات كالحال فى أفريقيا أو الشرق الأوسط من أجل تجنيد النساء، وبالتالي نستطيع أن نقول إن هناك توسعاً نسبياً يركز على الأدوار غير المباشرة للنساء بسبب الضغوط الأمنية مع التركيز على النشاط فى الفضاء الرقمي .
المملكة المتحدة والولايات المتحدة
*كيف ترين العلاقات التاريخية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة؟ وهل ثمة تنازلات بريطانية مخلة فى هذا الإطار؟
العلاقات البريطانية الأمريكية من العلاقات القوية ومن أكبر التحالفات ولكنها شهدت تقلبات وتنازلات من الجانب البريطاني مع تراجع النفوذ العالمي للمملكة المتحدة وصعود الولايات المتحدة كقوة عظمى، حيث أصبحت بريطانيا الذراع الأوروبية للولايات المتحدة فى الحرب الباردة والشريك الأقوى لواشنطن فى حروب العراق وأفغانستان، وفي مرحلة ما بعد الحرب الباردة، إلى أن تحولت إلى تابع من خلال عدة تنازلات تمثلت في: التبعية الأمنية من خلال استخدام بريطانيا لقواعد عسكرية أمريكية دون القدرة على الاعتراض على سياسات واشنطن، كذلك تسليم جواسيس إلى الولايات المتحدة الامريكية دون سند قانوني أو محاكمات بريطانية مثلما حدث في قضية أسامة حسين عام 2023، كذلك المشاركة فى حروب أمريكية دون تحقيق مصالح واضحة لبريطانيا، وبالتالى فهي تنازلات مخلة حولت بريطانيا من إمبراطورية عظمى إلى دولة تابعة.
سلام بارد روسي أمريكي
* البعض يحار من حالة الصعود والهبوط فى العلاقات الأمريكية الروسية.. برأيك ما مصدر هذه الحيرة؟ وهل نحن الآن بصدد سلام بارد بين الدولتين أم ماذا؟
مصدر الحيرة هو فترات التقارب والتباعد فى العلاقات بين الدولتين؛ فهناك مراحل تقارب مثل التعاون الروسي الأمريكي بعد 11سبتمبر أو فى اتفاقيات نزع السلاح وفي أزمات مثل التدخل فى جورجيا 2008 أو ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، كذلك التضارب على مستوى الخطاب الإعلامي والواقع؛ فمثلا الخطاب الإعلامي الغربي يصور روسيا كعدو والخطاب الروسي خاصة بعد 2022 يصور الغرب كعدو، على الرغم من استمرار العلاقات الدبلوماسية والتعاملات الاقتصادية غير المباشرة، كذلك فإن التنافس فى أوكرانيا أو روسيا لا يلغي التعاون فى ملفات وقضايا أخرى كالتي تتعلق بمكافحة الإرهاب والحد من انتشار الأسلحة النووية وهو ما يفسر حالة الحيرة لدى المحللين، أما مصطلح (سلام بارد) فنعم؛ فالوضع الآن يشهد تنافساً شديداً أقرب إلى التوتر منه إلى التعاون بسبب الأزمة الأوكرانية وسباق التسلح.
الرياض وطهران
* بأية عين تنظرين إلى العلاقات المهادنة بين الرياض وطهران حاليا؟ وهل ستتمكن الرياض يوماً من تحقيق معادلة الردع النووي مع طهران؟
فى الغالب ننظر إلى تلك العلاقة بعين الحذر والترقب؛ حيث إن تاريخ التوتر بين البلدين يصعّب من استدامة فترة الهدنة، كذلك لازالت هناك أجندات تسعى إيران لتحقيقها فى المنطقة، ما يجعل الثقة بين البلدين متأرجحة، خاصة فى ظل وجود ملفات إقليمة مثل اليمن وسوريا ولبنان، يمكن القول إن تحقيق معادلة الردع النووي بين الرياض وطهران ليس بالأمر السهل، ويتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة وتوافقًا دوليًا، خاصة فى ظل امتلاك إيران القدرة على تطوير السلاح النووي بما يشكل تهديداً لأمن المنطقة.
النمور الآسيوية من جديد
* بناء على تحليلك الخاص: هل سيفاجأ العالم بانقلاب موازين القوى العسكرية والاقتصادية لصالح نمور آسيا الصاعدين؟ وماذا تتوقعين في حالة حدوث ذلك؟
تشهد دول آسيا نمواً اقتصادياً وعسكرياً سريعاً فى المرحلة الراهنة، ورغم أن هذا النمو لا يزال فى مراحله الأولى، ولكنه ربما ينذر بتحول فى موازين القوى مستقبلاً، وفى حال حدوث ذلك، ربما يشهد العالم تعدداً فى الأقطاب على المستوى السياسي وتغيرات فى التحالفات العسكرية والتكتلات الاقتصادية نحو التعاون مع الدول الأسيوية الصاعدة على المستوى العسكرى والاقتصادي، وربما نشهد كذلك مزيداً من الصراعات حول مناطق النفوذ والسيطرة، حيث ستسعى الدول الآسيوية الصاعدة إلى تدعيم نفوذها هى الأخرى لضمان الاستمرارية.
صناعة التطرف
* ما رأيك في صناعة التطرف إقليمياً ودولياً؟ وهل لديك قناعة بجدوى وإمكانية الترويض الناعم لعناصر الفكر المتطرف؟
هناك أبعاد إقليمية لصناعة التطرف، والذى غالباً ما تعد الاضطرابات والصراعات والنزاعات أحد أسباب نشأته، وهناك بعض القوى الإقليمية التى تسعى لتغذية الظروف المسببة للتطرف لتحقيق أغراضها، كما أن هناك بعض الدول التى تسعى لدعم التنظيمات المتطرفة بشكل مباشر أو غير مباشر لتحقيق أهداف جيوسياسية، ما يزيد من حدة التوتر والصراعات الإقليمية، كذلك هناك أبعاد دولية؛ فقد تقوم بعض القوى الدولية باستخدام التنظيمات المتطرفة ودعمها مادياً ولوجيستياً من أجل زحزحة أنظمة حكم غير متوافقة مع مصالح وسياسات وأغراض تلك القوى.
أما عن إمكانية الترويض الناعم للفكر المتطرف، فهو أمر ممكن، ولكنه يحتاج إلى استراتيجيات طويلة الأمد ونهج شامل يتضمن تضافراً للجهود الدولية على المستوى الاقتصادى والفكرى والتعليمي، من أجل معالجة العوامل الدافعة نحو التطرف من الجذور، ومعالجة الأسباب التى تدفع الشباب إلى الانضمام للتنظيمات الإرهابية، مع العمل على تطبيق برامج الاستتابة للعناصر التى تم استقطابها بالفعل من قبل التنظيمات الإرهابية ثم انسلخت عنها.
الحلقة المفقودة في الخليج
* من واقع المعطيات التاريخية المستقرة والطارئة: ما مستقبل التماسك السياسي والاقتصادي والأمني بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي من وجهة نظرك؟ وما الحلقة المفقودة أو المفتقدة ضمن هذا السياق؟
دول مجلس التعاون الخليجى تواجه عدة تحديات؛ منها التحديات الاقتصادية والحاجة إلى تنويع مصادر الدخل بدلا من الاعتماد فقط على النفط، وهناك التوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، وزيادة التحديات الأمنية فيما يخص الجريمة المنظمة ومكافحة التطرف والإرهاب. ومستقبل التماسك لدول الخليج يتوقف على قدرة كل دولة على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية جنباً إلى جنب، مع تعزيز التكامل وتوحيد الجهود وتجاوز أي خلافات، أما عن الحلقة المفقودة فى هذا السياق فهى ضرورة السعي إلى تعزيز التعاون بين الدول على المستوى الشعبي وليس الحكومات فقط، ويمكن تفعيله من خلال تبادل الخبرات الثقافية والتعليمية إلخ.
بريكس والمستقبل
* في الختام، هل سينمو تكتل بريكس ويتمكن مستقبلاً من تحقيق أهدافه الاستراتيجية أم سينكمش ويتلاشى لصالح الهيمنة الأمريكية؟
مستقبل بريكس يتوقف على استغلال العوامل التي تساهم فى نموه، ومن أهمها التوسع الجغرافى بانضمام دول جديدة للتكتل تمنحه ثقلاً أكبر، ومن المرجح أن يستمر بريكس في النمو كلما كانت قدرته على التصدى للتحديات التى تواجهه كبيرة، فمستقبلاً وعلى المدى الطويل ربما يشهد العالم تعدد في الأقطاب يساعد على لعب بريكس دوراً ذا أهمية.
اقرأ أيضاً: كيف تهدد تعريفات ترامب الجمركية اقتصاد المملكة المتحدة؟
اقرأ أيضاً: بعد انسحاب ترامب.. بريطانيا تتحالف مع الصين!
اقرأ أيضاً: هل تزايدت رغبة يهود بريطانيا في الانتقال إلى إسرائيل؟

خبيرة شؤون الإرهاب الدكتورة شيماء سمير لأرابيسك لندن: ترويض الفكر المتطرف ممكن، والردع النووي يتآكل بتعدد الأقطاب!

بريطانيا ترد على روسيا.. نجاح اختبارات صواريخ فرط صوتية!

نونو سانتو ونوتينغهام فورست وحلم التأهل مرة أخرى لدوري الأبطال

200 جنيه إسترليني دعم معيشة.. متى يمكن لسكان برمنغهام التقديم؟

منتدى الاستثمار الرياضي (SIF) يُطلق فعالياته غداً في الرياض

الروضات المدرسية نحو الازدياد وسط دعم حكومي ب 300 روضة

ثورة خضراء صامتة تغيّر وجه المملكة المتحدة

صدمة في بريطانيا.. المنشآت الصحية تحت رحمة الفئران والصراصير!

المسدس العاري The Naked Gun يحقق صدى واسع بعد العرض الترويجي
