الاستثمار في بريطانيا بين سندان الاقتصاد الضعيف ومطرقة الضرائب
تابعونا على:

أعمال وإستثمار

 الاستثمار في بريطانيا بين سندان الاقتصاد الضعيف ومطرقة الضرائب

نشر

في

102 مشاهدة

 الاستثمار في بريطانيا بين سندان الاقتصاد الضعيف ومطرقة الضرائب

تعتبر بريطانيا من أبرز الوجهات الاستثمارية في العالم. ويرجع ذلك لمركزها المالي العالمي (لندن-London) وتمتعها بالبنى التحتية المتطورة، لكن هناك العديد من الصعوبات التي تحيط بها. والتحديات في السنوات الأخيرة، لعل أبرزها التباطؤ بالنمو الاقتصادي مع ارتفاع ملحوظ لمعدل الضرائب. وهذا ما يضع الاستثمار في بريطانيا والمستثمرين أمام معضلة صعبة، بسبب معاناة الاقتصاد البريطاني من تبعات البريكست-Brexit، إضافة لتراجع الاستثمار الأجنبي. إلى جانب السياسات الضريبية التي تفرضها الحكومة بشكل صارم من أجل تمويل الخدمات العامة، وعلى الرغم من وجود قطاعات أخرى جاذبة للاستثمار كالطاقة المتجددة والتكنلوجيا، لكن يبقى السؤال هل تسطيع بريطانيا تجاوز التحديات والبقاء كملاذ آمن لرؤوس الأموال؟

ضعف الاستثمار في بريطانيا

بعد عامين من النمو البطيء للاقتصاد البريطاني هناك ضعف في الاستثمار في بريطانيا. من الممكن زيادة فرص رفع الضرائب من قبل الحكومة البريطانية، وتحديداً  مع الحرب التجارية الحالية وحالة عدم اليقين بالقدرة السريعة على التعافي التي تشكل عبئاً إضافياً. ويكمن التعقيد اليوم بما تفعله الشركات البريطانية بالحد من استثماراتها خلال العامين المقبلين. ذلك يرجع لتقلبات الأسواق العالمية غير المتوقعة، وهذا بدوره ما ينعكس على مصرف إنكلترا في الحفاظ على استقرار السوق.

في حين يحافظ الاقتصاد على تباطؤه يبقى التضخم فوق التوقعات، وهذه الثنائية تشكل إنذاراً ينبأ بالركود التضخمي الذي يهدد القدرة على الدعم و النمو.

اقرأ أيضاً: اضطرابات الإمداد تكشف هشاشة الاقتصاد البريطاني بعد بريكست وكورونا!

الضرائب وانعكاسها على الاستثمار في بريطانيا

تواجه بريطانيا تحدي كبير في عملية تحقيق التوازن ما بين جذب الاستثمارات الأجنبية والحفاظ على العدالة الضريبية وتعزيزها، مع ازدياد المخاوف من تأثير السياسات الحكومية على الطبقات ذات المدخول القليل. هذا ما يهدد الاستثمار في بريطانيا.

فهجره الاثرياء وجّهت نظر الحكومة نحو تعديل قوانين الضرائب، حيث أكدت وزارة الخزانة البريطانية أنها ستجري تعديلاً تقتضي به تخفيف بعض التغييرات في قاعدة الضرائب غير المقيمة، ونظام (غير المقيم)هو نظام يسمح للذين يعيشون في بريطانيا ولكنهم مقيمون في مكان آخر، من تجنب دفع الضرائب على الدخل والأرباح الرأسمالية المكتسبة من الخارج لمدة تصل إلى ١٥ عاماً.

وهذا النظام المثير للجدل قد دفع وزيرة المالية للتأكيد على إلغاءه اعتباراً من شهر أبريل الماضي للعام الحالي. وكل المقيمين على المدى الطويل سيخضعون لضريبة الميراث على أصولهم العالمية. وطمأنت المستثمرين بأن التغييرات لن تطال اتفاقيات الازدواج الضريبي بين بريطانيا والدول الأخرى. وأن هذه التغييرات لن تؤثر على عائدات الضرائب التي تبلغ ٣٣٠٨ مليار جنية استرليني الموقع جمعها خلال 5 سنوات.

اقرأ أيضاً: هل ستنقذ زيارة ريفز للصين الاقتصاد البريطاني؟

الاقتصاد المتراجع و الحلول

لقد واجه الاقتصاد البريطاني تحديات جسيمة في بداية عام 2025، حيث شهدت مؤشراته الاقتصادية تراجعات ملحوظة وسط تطورات سياسية واقتصادية متشابكة .لا سيما بعد الإعلان عن زيادات ضريبية كبيرة في الموازنة، قد قوبلت بالرفض من بعض دوائر الأعمال. هذه الزيادة في الضرائب، التي ترافقت مع خطاب اقتصادي شديد اللهجة، نتج عنها تراجع في ثقة المستهلك والشركات، هذا بحد ذاته انعكاس للشعور العام بالقلق تجاه المستقبل الاقتصادي. في الوقت نفسه، كانت السياسات الاقتصادية للحكومة تتعرض للهجوم بشكل متكرر من قِبل المعارضة، وعلى رأس هذا الهجوم حزب المحافظين، الذين وجهوا التهم للحكومة الجديدة بتدمير وبتخريب الاقتصاد في بريطانيا عبر مدة زمنية قصيرة.

ومع أن الواقع الاقتصادي في بريطانيا يبدو أكثر تعقيداً ممّا عرضته الصحافة، إلا أن الاقتصاد البريطاني في النصف الأول من العام الحالي قد شهد تنامياً ملحوظاً مقارنة ببعض الاقتصادات الأخرى الكبيرة. وتأثر هذا النمو جزئياً بالانتعاش السريع من الركود الذي شهده الاقتصاد البريطاني في النصف الثاني من عام 2023، لكن هذا النمو لم يكن نمواً مستداماً بفعل التحديات المتعاقبة بمختلف القطاعات، كالخدمات العامة والتجارة الدولية.

وهناك تحليل من قبل شركة (كابيتال إيكونوميكس -Capital Economics) أظهر أن التراجع في النمو في الربع الثالث من العام  2024 كان بفعل عوامل دولية، كانخفاض التجارة الصافية، وليس فقط بسبب السياسات المحلية للحزب الحاكم. ولكن، لا يزال هناك نمو معتدل في الإنفاق الاستهلاكي، مترافق مع زيادة بالاستثمار التجاري. مما يعكس بعض التحسن في النشاط الاقتصادي على الرغم من العوامل السلبية.

العامل الأهم لجعل الوضع الاقتصادي أفضل في بريطانيا، هو ضبط حجم الإنفاق الحكومي، مما يتماشى مع قدرتها الاقتصادية. وأي استقرار مالي طويل الأمد يفرض ويتطلب تحقيق توازن بين الإنفاق والاستدانة.

ختاماً، الاستثمار في بريطانيا يحتم موازنه سياساتها الاقتصادية من أجل مواجهه التحديات المحدقة وللحفاظ على كونها واجهه جاذبة للاستثمار ورؤوس الأموال.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد البريطاني في مرمى التوقعات لعام 2025

X