مواجهة التغير المناخي وبريطانيا | أرابيسك لندن - بريطانيا
تابعونا على:

أخبار لندن

مواجهة التغير المناخي وبريطانيا

نشر

في

140 مشاهدة

مواجهة التغير المناخي وبريطانيا

مواجهة التغير المناخي أحد أعظم التحديات التي ممكن أن تواجه العالم اليوم، وتعتبر بريطانيا أحد هذه الدول التي تبذل جهوداً كبيرة لكي تخفف من آثاره. عبر سياسات طموحة واستثمارات في الطاقة المتجددة، تهدف بريطانيا إلى تقليل انبعاثات الكربون وتحقيق الحياد المناخي وتعتمد بريطانيا على الابتكار التكنولوجي إلى جانب التعاون الدولي المتزايد لمعالجة هذه المشكلة. مع تزايد الأحداث المناخية القاسية، يبقى الالتزام الجماعي للحكومات والشركات وحتى ضروري لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

مشاركة بريطانيا في مواجهة التغير المناخي

تعزز بريطانيا مكانتها كقائدة عالمية في مكافحة التغير المناخي، وذلك إدراكاً منها للأهمية الكبيرة والصارمة لمعالجة تغير المناخ، فكانت بريطانيا رائدة في الحد من الملوثات الفائقة حيث تولت دور الرئيس المشارك لتحالف المناخ والهواء النظيف (CCAC) في عام2025. يعكس هذا الدور سجلها في العمل المناخي الطموح، من استضافة مؤتمر الأطراف السادس والعشرين في غلاسكو- Glasgow، حيث تم إطلاق التعهد العالمي للميثان (GMP)، إلى التزامها بخفض الانبعاثات بنسبة 81% بحلول عام 2035 مقارنة بمستويات عام 1990، بما يتماشى مع أهداف اتفاقية باريس.

وأكدت وزيرة المناخ البريطانية كيري مكارثي- Kerry McCarthy أن هذا التعيين يعكس التزام بريطانيا الثابت بمعالجة الملوثات الخطيرة وتسريع التحول نحو الطاقة النظيفة، وصممت العمل مع الشركاء الدوليين للتوصل إلى حلول علمية فعالة وجريئة. والعمل على تشجيع البلدان الأخرى وحثها على زيادة طموحاتها المناخية، بفعل الحاجة الملحة لمعالجة هذه الأزمة العالمية.

إلى جانب التزاماتها الوطنية، دعمت العديد من المبادرات الدولية التي ترمي للحد من الملوثات الخطيرة، مثل برنامج الميثان التابع لوكالة الطاقة الدولية وإعلان المناخ والصحة الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP28). وخصصت أموالاً لمساعدة البلدان النامية على خفض انبعاثات غاز الميثان من قطاع الوقود الأحفوري، وكانت من المشاركين الأوائل في مبادرات مثل تحالف النفط والغاز والميثان.

كذلك كانت من أوائل الدول التي صادقت على تعديل كيغالي- Kigali لدعم كفاءة الطاقة في قطاع التبريد، كذلك شجعت ودعمت مبادرات تحسين جودة الهواء العالمية، بما في ذلك إدارة جودة الهواء ومنصات تبادل البيانات. حيث تبقى المملكة المتحدة شريكاً فعالاً في الجهود الدولية لضمان مستقبل منخفض الانبعاثات، مع التركيز على الابتكار والتعاون لتحقيق أهداف المناخ العالمية.

اقرأ أيضاً: خطة بريطانيا لمكافحة التغيير المناخي بزيادة التشجير مع عام 2024

تجربة حجب الشمس في بريطانيا

بدأ علماء بريطانيون في تنفيذ برنامج ممول من الحكومة بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني لإجراء تجارب “إدارة الإشعاع الشمسي”، والهدف منها تقليل كمية ضوء الشمس الواصل إلى الأرض وبالتالي تبريد الكوكب بشكل مؤقت. وتقود وكالة الأبحاث والابتكار المتقدمة (ARIA) هذه التجارب الصغيرة والصارمة، بحسب صحيفة الغارديان- The Guardian، بهدف دراسة فعالية هذه التقنيات وتأثيراتها المحتملة.

وأكدت الوكالة أن المشروع يتضمن تقييم بيئي كامل، ولن يجري استخدام مواد سامة، مع مشاركة المجتمعات المحلية في عملية التنفيذ. وأوضح البروفيسور مارك سيمز- Mark Sims، قائد البرنامج، أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية يزيد من خطر تجاوز نقاط التحول المناخية، مما أدى إلى تسريع البحث من قبل الباحثين. عن حلول قصيرة الأجل لتبريد الكوكب تحسباً لصدمات مناخية مفاجئة.

لكن حذر الخبراء من مخاطر هذه التقنيات التي تعتمد على عكس أشعة الشمس عن طريق رش الجسيمات في الغلاف الجوي أو تعديل سطوع السحب. وربما تؤثر هذه التقنيات على أنماط هطول الأمطار وتهدد الأمن الغذائي في بعض المناطق. لكن يزعم أنصار هذه التجارب أنها قد تكون بمثابة خطة طوارئ ضرورية في حال فشل العالم في خفض انبعاثات الكربون بالسرعة المطلوبة.

يبقى هذا الإجراء مثيراً للجدل، لكنه يعكس توجهات بعض الحكومات للعمل على استكشاف حلول جذرية من أجل مواجهة التغير المناخي، وسط تحذيرات متزايدة بشأن عواقب ارتفاع درجات الحرارة العالمية.

اقرأ أيضاً: وزير بريطاني يرحب باستضافة الإمارات لمؤتمر المناخ “Cop 28”.. ويعتبرها رسالة تحمل أهمية للعالم

استراتيجيات المملكة المتحدة في مواجهة التغير المناخي

وافقت المملكة المتحدة على تمويل يصل إلى 50 مليون جنيه إسترليني (نحو 66 مليون دولار) لدعم تجارب ميدانية الهادفة إلى تقليل أشعة الشمس الواردة إلى الأرض، في خطوة تُعد من بين أكبر الاستثمارات العالمية في أبحاث “الهندسة الجيولوجية” من أجل مواجهة تغير المناخ.

قال البروفيسور مارك سايمز-Mark Symes، مدير برنامج وكالة الأبحاث والاختراعات المتقدمة (ARIA)، حسب ما أوردت صحيفة “تليغراف” البريطانية، أن التمويل سيجري توجيهه إلى “تجارب خارجية صغيرة مُحكمة” على أساليب محددة، مشيراً إلى أنه سيتم الإعلان عن الجهات المستفيدة من التمويل خلال أسابيع قليلة.

وهناك معايير صارمة للسلامة، حيث شدد سايمز على أن جميع التجارب ستكون قابلة للانعكاس ولن تتضمن إطلاق أي مواد سامة في البيئة، وقد أكد أن الوكالة تلتزم بمتطلبات صارمة في ما يتعلق بالمدة والمخاطر البيئية المحتملة لأي تجربة تُجرى.

أثارت تلك المشاريع جدل واسع، إذ يرى بعض العلماء تشتت الانتباه عن الجهود الأساسية لتقليل الانبعاثات الكربونية، رغم الاعتراف المتزايد بأن خفض ثاني أكسيد الكربون لا يتم بالسرعة الكافية.

كما ركّز التقرير على تقنية “انعكاس ضوء الشمس” (SRM)، وخاصة طريقة “حقن الهباء الجوي الستراتوسفيري” (SAI)، والتي تتضمن إطلاق جزيئات دقيقة في طبقة الستراتوسفير لعكس أشعة الشمس، حسب الصحيفة، أظهرت دراسات حديثة أن السحب فوق طرق الشحن كانت أكثر سطوع بسبب التلوث الناتج عن أبخرة السفن، مما ساعد على تقليل حرارة الأرض بشكل غير مقصود، لكن مع سن لوائح الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت في عام 2020، تم ملاحظة ارتفاع في معدلات الاحترار العالمي، فدفع ذلك بعض العلماء إلى النظر بجدية في دور هذه الظواهر في تنظيم حرارة الكوكب.

قال البروفيسور جيم هايوود -Jim Haywood من جامعة إكستر- University of Exeter: “إذا حقنتَ جزيئات صغيرة في السحب، يمكنك زيادة سطوعها، وبالتالي عكس المزيد من ضوء الشمس إلى الفضاء، ما قد يساهم في التبريد المؤقت للمناخ.”

والهندسة الجيولوجية التي تشير إلى تدخلات تقنية واسعة النطاق تهدف إلى تعديل المناخ والحد من الاحتباس الحراري، إما من خلال إزالة الكربون من الغلاف الجوي أو تقليل الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى سطح الأرض، وتُعد هذه الأساليب مثار جدل عالمي، إذ يرى منتقدوها أنها قد تُستخدم كذريعة لتقليل الجهود الحقيقية في تقليص الانبعاثات، بينما يدافع عنها مؤيدوها باعتبارها أدوات طارئة لإنقاذ الكوكب من الاحترار الكارثي.

كانت بريطانيا أول دولة في العالم تضع هدف قانوني لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وقد أقرّت حكوماتها المتعاقبة سلسلة من السياسات الطموحة لتقليل الانبعاثات، شملت التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة، وإغلاق محطات الفحم، وتشجيع السيارات الكهربائية. وفي الداخل، أطلقت الحكومة خطة “الصفر الصافي” (Net Zero Strategy) التي تضمنت استثمارات ضخمة في تقنيات الطاقة النظيفة، وزيادة كفاءة المباني، وتشجيع الابتكار البيئي.

ختاماً، مواجهة التغير المناخي ليست خياراً، بل ضرورة ملحة لضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة. إن التعاون العالمي والابتكار هما مفتاح النجاح في هذه المعركة الحاسمة.

اقرأ أيضاً: الإعفاءات الضريبية في المملكة المتحدة للنفط والغاز قيد التدقيق من نشطاء المناخ

X