المخرج السينمائي خالد الحجر لـ أرابيسك لندن: المهرجانات الدولية مسيسة وعلينا تصديق أنفسنا وصناعة سينما معبرة عن قضايانا وشعوبنا
تابعونا على:

إخترنا لكم

المخرج السينمائي خالد الحجر لـ أرابيسك لندن: المهرجانات الدولية مسيسة وعلينا تصديق أنفسنا وصناعة سينما معبرة عن قضايانا وشعوبنا

نشر

في

500 مشاهدة

المخرج السينمائي خالد الحجر لـ أرابيسك لندن: المهرجانات الدولية مسيسة وعلينا تصديق أنفسنا وصناعة سينما معبرة عن قضايانا وشعوبنا

رغم حصول المخرج المصري خالد الحجر على ماجستير الإخراج والكتابة من الكلية الوطنية للسينما في العاصمة البريطانية لندن، وانشغاله العميق على مدار سنوات عديدة بتحقيق أكبر قدر من الاحترافية والمهنية والتخصص في مجال الإخراج السينمائي عبر خبرات متراكمة مكنته من إنجاز أعمال متميزة ومتنوعة من الأفلام والمواضيع التي نال عليها جوائز كثيرة محلية وإقليمية ودولية، إلا أنه لا يزال حتى اللحظة، يدين بفضل كبير واعتزاز أكبر، لتلك الفترة المبكرة من حياته، والتي جمعته بالمخرج المصري والعالمي الكبير (يوسف شاهين)، وهي الفترة التي شهدت رسم الخطوط الدقيقة والعميقة الأولى والدائمة لشخصيته وتوجهاته وآلياته في التعاطي مع فنون وإبداعات الفن السابع.

فخلال حواره مع (أرابيسك لندن)، أكد المخرج المصري الكبير (خالد الحجر) أن رؤيته للسينما كرسالة شاملة لطرح قضايا الفرد والمجتمع، وكمسؤولية ناقدة ومستكشفة وملامسة للذات والآخر، وكأداة من أدوات التعبير العميق عن الواقع بعيداً عن مجرد الإبهار البصري والربح المادي، يعود الفضل في تكوينها ونضجها واستقرارها، لانتمائه إلى مدرسة شاهين السينمائية، وإلى بداياته الأولى معه كمساعد في الإخراج عبر فيلم (وداعاً بونابرت).

وتطرق الحجر خلال حواره إلى العديد من قضايا السينما ومحاورها في المنطقة العربية، وعن مستقبلها في المملكة العربية السعودية، وكذلك عن نشاطه السينمائي في المملكة المتحدة، وعن فرص التعاون الإنتاجي بين الرياض والقاهرة، بالإضافة إلى توقعاته وتقييماته الخاصة لملامح السينما الإقليمية والدولية ومهرجان البحر الأحمر السينمائي خلال العقد القادم.

محاورة خالد الحجر مع أرابيسك لندن

حاوره:محسن حسن

  •  بداية، متى بدأت تجربتك كمساعد مخرج للراحل الكبير يوسف شاهين؟

عملت مع يوسف شاهين وأنا في سن الحادية والعشرين، وكنت وقتها في السنة الجامعية الأولى لكلية الحقوق، وكان ذلك على سبيل التدريب من خلال فيلم (وداعاً بونابرت) الذي تم عرضه عام 1985.

ثم عملت معه كمساعد مخرج في فيلم (اليوم السادس) وفيلم (اسكندرية كمان وكمان)، ثم قام شاهين بإنتاج أول فيلم قصير لي وهو فيلم (انت عمري) بالتعاون مع معهد جوته، و من بطولة عبلة كامل وأحمد كمال.

ثم قام بإنتاج فيلمي الأول الطويل (أحلام صغيرة) عن نكسة 1967، وهو من بطولة ميرفت أمين وصلاح السعدني وتم تصويره في محافظة السويس، وهو إنتاج ألماني/مصري.

 

  •  ما ملامح الأثر الفني الدائم الذي تركته هذه التجربة مع مدرسة شاهين السينمائية؟

 مدرسة شاهين السينمائية تخرج منها كثيرون وأنا واحد منهم، وهي تحبب إليك السينما، وتجعلك تتعامل مع مواهبك من منطلق الواجب والتقدير.

كما تركز هذه المدرسة الإخراجية على الاختيار الحر والجيد للمواضيع بعيداً عن مجرد الإبهار البصري، وبحيث تحمل الأفلام تحليلاً لقضايا اجتماعية مهمه، وهو ما قمت بتطبيقه شخصياً في أفلام مثل (الشوق) و(حرام الجسد)، وأيضاً تعلمك سينما يوسف شاهين تقديم السعادة للمشاهد من خلال اختياراتك ومواضيعك، وهو ما قدمته مثلاً من خلال أفلام (حب البنات) و (مفيش غير كده) وهي أفلام رومانتيك كوميدي أو غنائية.

 وإجمالاً علمني شاهين حب السينما والإخلاص لها، واتخاذها كرسالة قبل أن تكون مشروعاً ربحياً، كما علمني التركيز وعدم اليأس أو الاستسلام لقسوة الأوضاع والظروف المحيطة.

ولذلك فأنا أدين له بالفضل في وجودي السينمائي، وعندما فزت بجائزة أحسن إخراج في مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم (الشوق)، أهديت لروحه الجائزة تقديراً لأثره في مشواري ومشوار جيلي من كبار المخرجين السينمائيين.  

اقرأ أيضًا: مهرجان غلاستونبري يبيع بطاقات الحضور قبل عام لكنه مهدد بالإلغاء لهذا السبب!

  •  بعد مشاركات عديدة في المهرجانات الدولية، ما الثابت والمتحول في قناعاتك كمخرج سينمائي؟

 قناعتي الراسخة بعد هذه المشاركات العديدة، أن مهرجانات السينما الدولية الكبيرة مثل مهرجان كان وفينيسا وبرلين وروتردام وغيرها، هي مهرجانات مسيسة، وغالباً ما تكون العروض خلالها بحسب الموضة.

بمعنى أنه لو كان في بلدك حرب أو كارثة ما، ساعتها تكون أنت وأفلامك موضة هذه المهرجانات؛ فمرة أفلام أوروبا الشرقية ومرة الأفلام السورية ومرة غيرها أفلام البوسنة والهرسك، والأفلام الفلسطينية وهكذا.

ولذلك لا يجب علىّ كمخرج أن أقوم بتفصيل أفلامي بحسب المهرجانات، وإنما يجب أن تكون أفلامي ذات مخزون جماهيري وطني ومحلي، أي أنها تكون معنية باهتمام جمهورها الداخلي قبل أن تكون معنية بجمهور المهرجانات، وفي ظني أن هذا هو الأولى، لأن المهرجانات طارئة ومؤقتة بينما الجمهور المحلي هو الأساس وهو الأبقى على المدى البعيد، بدليل ما حققه مؤخراً فيلمي ُب البنات) من انتشار في دور العرض المصرية وفي المنصات الإلكترونية وغيرها، رغم أن الفيلم تم إنتاجه وإخراجه منذ عشرين عاماً، وهذا لأنني حرصت خلاله على مناقشة قضية تهم مجتمعي وليس مجتمع المهرجانات.

 

  • هل هذا يعني أنك لست من هواة الحصول على الجوائز الدولية؟

 على العكس تماماً، أي مخرج يحب أن تحصل أعماله على جوائز محلية داخل وطنه، ودولية خارجه، وإذا حدث وحصل المخرج على الجوائز فهذا شيء طيب ومطلوب، ولكن ليس على حساب المعايير المميزة للعمل للسينمائي، فكما قلت ربما تحصل الأعمال على جوائز مسيسة، ولن يكون ذلك دليلاً أبداً على جودة العمل أو قدرته على البقاء أو تميزه بالجماهيرية، وحتى المخرجين العالميين يدركون هذا جيداً؛ لذا فهم يصنعون أعمالهم لمخاطبة شعوبهم أولاً، وليس للفوز خصيصاً في المهرجانات، ومن ثم، علينا تصديق أنفسنا والاهتمام بصناعة سينما معبرة عن قضايانا الداخلية وعن شعوبنا، حتى نفرض على مهرجانات السينما في العالم، أن تكيف نفسها هي على ما نقدمه نحن من أفكار وأعمال وقضايا مستقلة، فأن تصنع فيلما يراه المهرجان ولا يراه أهل بلدك فهذه كارثة!!

اقرأ أيضًا: مهرجان هاي للأدب والفنون: رحلة ثقافية مميزة في قلب ويلز

  •  إلى أي حد أنت راض عن مخرجات السينما العربية من حيث حجم الإنتاج وعمق التناول للموضوعات القومية المشتركة؟

 الوضع السينمائي العربي متغير دومًا، وهذا التغير مرهون بالتمويل وتوجهاته، والجديد حالياً هو دخول المملكة العربية السعودية في الإنتاج المباشر والصريح لعدد كبير من الأفلام، وأنا شخصياً قمت بعمل فيلم سعودي هو(شيهانة)، وقد أتاح هذا فرصاً أكبر لتقديم أفلام ممولة تمويلاً جيداً.

ورغم أن جودة الأفلام المقدمة حالياً أقل من الأفلام القديمة، إلا أن العدد الكبير من الأعمال وضخ دماء جديدة من الكتاب والمخرجين وصناع السينما، أتمنى أن يعيد الأمور إلى نصابها، وبحيث لا تصبح الأعمال المقدمة تشبه الأفلام الأمريكية المبهرة من حيث الشكل، الفارغة من حيث المضمون.

 وللعلم الأمريكان فقط هم من يجيدون ذلك على مستوى العالم، ومن ثم فكلما اقتربت أكثر إلى واقعك وابتعدت عن تقليد السينما الأمريكية، تصبح الأمور أفضل بكل تأكيد، وبصفة عامة أنا من هواة الأفلام المصنوعة بحرفية في بلادها سواء في السعودية أو اليمن أو الأردن أو في مصر والإمارات وسوريا و لبنان وفلسطين، بغض النظر عن حجمها.

وأتوقع خلال السنوات القادمة أن تهدأ وتيرة المبالغة في مستويات الإنتاج والصناعة بشكل يفضي إلى استقرار المعايير السينمائية الأصيلة، وتلاشي ما عداها من اعتبارات ومظاهر دخيلة على الصناعة.

 

  •  برأيك هل تؤدي ضخامة التمويل السينمائي دوما إلى أعمال وصناعة جيدة؟

في رأيي أن التمويل الضخم لا يؤدي بالضرورة إلى نتائج جيدة على مستوى الصناعة والأعمال المقدمة، وهناك بالفعل أرصدة مالية كبيرة متداولة حالياً في السينما العربية، ولكن ليس هذا هو الصواب في كل الأحوال، خاصة إذا ما كانت البيئة الحاضة للسينما في بداياتها وانطلاقتها الأولى؛ لذا فهناك عناصر يجب الاهتمام بها قبل مسألة التمويلات الضخمة، منها إعداد وتربية جمهور سينمائي شاب محب للسينما المحلية، وهو ما تحتاج إليه المنطقة العربية بشدة، في ظل توجه أغلب الشباب نحو السينما الأوروبية والأمريكية، طبعاً باستثناء مصر التي تمتلك أجيالاً متتابعة من جماهير السينما المحلية على مدار أكثر من 100 عام، وكما تعود الجمهور العربي على السينما المصرية عليه أن يتعود أيضاً على السينما السعودية والتونسية وغيرها، لأن السينما بلا جمهور تتحول إلى مجرد تلفزيون.

اقرأ أيضًا: عميدة المسرح السعودي ملحة عبدالله لأرابيسك لندن: ولي العهد هو صانع الرؤية ومبدعها.. وكل الخيارات مفتوحة لنرى تحت كل حجر مسرحاً

  •  ماذا تمثله المملكة المتحدة بالنسبة لك كمخرج سينمائي؟ وهل هناك مشاريع فنية قادمة في أي من المدن البريطانية؟  

 بريطانيا هي بلدي الثانية، وأنا حامل لجنسيتين مصرية وبريطانية، وأعيش في لندن منذ خمسة وثلاثين عاما، وزوجتي هي مصممة الملابس والفنانة التشكيلية Janice Rider وابني آدم الحجر يعمل ممثلاً في لندن.

وتقريباً أنا أناوب بين القاهرة ولندن منذ العام 1989، وفي المملكة المتحدة اكتسبت خبرات كبيرة جداً في مجال الإخراج السينمائي وحصلت على درجة الماجستير في الإخراج من الكلية الوطنية للسينما هناك.

وتجمعني علاقات صداقة وثيقة بفناني لندن وبريطانيا عموماً، وتوجد مشاريع دائمة لي في المملكة المتحدة بخلاف قيامي من حين إلى آخر بالتدريس وإلقاء محاضرات هناك حول الإخراج والسينما.

 

  • على ذكر أصدقائك من فناني بريطانيا.. لماذا تعد نفسك أكثر حظاً منهم في مجال الإخراج السينمائي؟  

 لأنهم لم يتمكنوا مثلي من امتلاك فرصة إخراج أعمال سينمائية عديدة؛ فقد كنت أكثر حظاً من المخرجين الإنجليز أنفسهم الذين تخرجوا معي في نفس الكلية.

فقد أخرجت عشرة أفلام روائية طويلة وأربعة مسلسلات كبيرة كل مسلسل مكون من ثلاثين حلقة، مقابل أعمال قليلة جداً لمعظمهم، وقد قمت هناك بإخراج فيلم Room to Rent وهو فيلم كبير من إنتاج القناة الرابعة الإنجليزية و Canal+الفرنسية، و الذي بلغ حجم تمويله عام 2000 خمسة ملايين جنيه استرليني، وبمشاركة عدد كبير من الممثلين أمثال Rupert Gravesو Saïd Taghmaoui و Flaminia Cinque و Clémentine Célarié وغيرهم.

وقد تم عرض الفيلم في انجلترا وفرنسا وتم توزيعه لأكثر من 25 دولة حول العالم، وحصل على جوائز عديدة، وهو أكثر فيلم حصل على جائزة الجمهور خلال المهرجانات، وكنت محظوظاً به كأول فيلم بعد تخرجي وكأول مخرج عربي يخرج فيلما إنجليزياً في انجلترا وفرنسياً في فرنسا، لأن الفيلم كان إنتاجاً مشتركاً بين الدولتين.

اقرأ أيضًا: ثلاثة أفلام سعودية في مهرجان مالمو السويدي للسينما

  •  كيف تنظر إلى حالة الانفتاح السعودي على صناعة السينما؟ ومتى يمكن الجزم بوجود صناعة سينمائية سعودية بالمعنى الهوياتي والوطني؟

 هو انفتاح إيجابي جداً سيكون له أثر كبير على صناعة السينما في السعودية وفي الوطن العربي كله، وهذا الانفتاح السعودي يساهم حالياً في صناعة جيل جديد من السينمائيين الوطنيين، ومن خلال تواجدي هناك لاحظت إقبالاً كبيراً على الأفلام السعودية، وقد لمست هذا شخصياً من خلال فيلم(شيهانة) عام 2019.

فرغم قسوة القصة التي تعالج حادثة وقعت بالفعل، وتحكي عن مأساة طفلة سعودية مخطوفة هي وشقيقها من أمها التي ذهبت بهما إلى داعش في سوريا، إلا أن الفيلم حقق إيرادات كبيرة وظل في دور العرض فترات طويلة نظراً لإقبال الجمهور السعودي على رؤيته لأنه يناقش قضية الإرهاب والمجتمع؛ و لذلك أستطيع بمنتهى القناعة التأكيد الآن على وجود سينما سعودية وهوية سينمائية سعودية مستقلة، وأتوقع نضجاً مستقبلياً كبيراً في هذه الصناعة خلال السنوات القادمة.

 

  •  إلى أي حد ترى المملكة العربية السعودية قادرة على توظيف السينما فنياً واقتصادياً وكقوة ناعمة؟

إلى حد بعيد، فبالطبع تستطيع السعودية ذلك، وهذا مرتبط عموماً بنوعية الأفلام المقدمة في دور العرض، ومن المعروف أن السينما قادرة على طرح وعلاج مشكلات وقضايا عديدة كالإرهاب والتطرف مثلاً.

وباعتبار أن السينما مؤثرة جداً في حياة الشعوب، فإن الفرصة ستكون متاحة دوماً أمام المملكة لتوظيف السينما فنياً واقتصادياً وكقوة ناعمة، وعندنا في مصر هناك أفلام أدت إلى تغيير بعض القوانين، ففيلم (جعلوني مجرماً) لفريد شوقي أدى إلى تغيير عقوبة الأطفال في قضايا السرقة، وفيلم (أريد حلاً) لفاتن حمامة أدى إلى تغيير قوانين المرأة والطلاق.

 ومن جهة أخرى فإن السينما لها تأثير كبير كقوة ناعمة في تغيير نظرة المجتمع الدولي للبلد صاحبة الصناعة، وهو ما تدركه المملكة جيداً، ولدينا مثلاً الأفلام الأمريكية التي تقدم الولايات المتحدة دوماً في صورة البلد المنتصر والمستهدف بالعداء من قبل أعدائه، وكثيراً ما وظفت أمريكا الأفلام في تقديم الأمريكيين باعتبارهم محبين للحياة والأمل والأسرة.

فكل هذه أفكار والقيم يتم وضعها داخل الأفلام الأمريكية لتؤدي هدفها، على الرغم من إمكانية عدم وجودها واقعاً في حياتهم، ومع ذلك يتأثر المشاهد ويقتنع، وهذا ينطبق على الأفكار السياسية أيضاً.

وبرأيي أننا سنكون أفضل من الأمريكان في تناول قضايانا عبر السينما بعيداً عن الخداع الثقافي الأمريكي للشعوب، وبالطبع يمكن للسينما إيصال رسائل قوية على كل المستويات، وهو ما ستنجح فيه السعودية بكل تأكيد.

اقرأ أيضًا: الصناعة الموسيقية.. ما هي قصة فيلم أندرقراوند (Underground) السعودي؟

  • برأيك، من أين تكون البداية الصحيحة لتطوير صناعة السينما في السعودية؟ وأيهما أولى بالاهتمام، الأفلام القصيرة أم الطويلة؟

 بداية أنا شاهدت تطوراً كبيراً في السينما والأفلام السعودية، وبرأيي أن النوعين أولى بالاهتمام، لأن العبرة ليست بطول أو قصر الفيلم بقدر ما تكون العبرة بمراعاة المعايير السينمائية العميقة من حيث الكتابة والتناول والإخراج والأداء التمثيلي وباقي العناصر، وما يهمني هنا هو أن صناعة السينما انطلقت بالفعل داخل المملكة العربية السعودية، بل وتجاوزت مراحل لا بأس بها من التحديث والتطوير، ويتبقى الاستمرار على ذات النهج بتلقائية وشغف، وبحيث لا يكون الأمر مجرد طفرة وتنتهي، وفي الحقيقة لابد من وجود مواسم ومناسبات سينمائية سعودية متتابعة على مدار العام، لاستمرار زخم العروض السينمائية؛ ففي مصر مثلاً هناك الموسم الرمضاني وبعده موسم العيد الصغير ثم العيد الكبير وأعياد أخرى كثيرة تحفز صناع السينما على تقديم موضوعات وأفلام عديدة ومتنوعة، كما تجعل الجمهور شغوفاً ومتشوقاً ومنتظراً لكل فيلم جديد، وهو ما أتمنى أن أراه في المملكة أيضاً.

 

  •  البعض يرى أن مجالات التعاون السينمائي بين مصر والمملكة مشرعة الأبواب.. هل تتفق مع هذا الرأي؟ وما أوجه التعاون الممكنة؟

 في الواقع تعد السعودية من أكبر داعمي صناعة السينما في مصر، وجميع القنوات السعودية تقوم منذ سنوات عديدة بإنتاج أفلام مصرية مثل قناة ART و MBC، وفيلمي (مفيش غير كده) كان من إنتاج الشيخ صالح كامل رحمه الله، وفيلمي (شيهانة) عام 2019 هو من إنتاج التليفزيون السعودي والأستاذ دواود الشريان، والمنتج المنفذ له هو الأردني الأستاذ ألبير حداد، وتم عرضه عام 2000 ولاقى نجاحاً كبيراً، وحصل على المركز الثاني على منصة شاهد عام 2001 كأعلى مشاهدة، وهو من بطولة ممثلين سعوديين، وهذا الفيلم يعد أحد أوجه التعاون السينمائي بين مصر والسعوديةوالأردن، والمجال مفتوح ومهيأ لتعاون سينمائي كبير بين مصر والسعودية على مستوى المخرجين والممثلين وطواقم العمل المختلفة، وهناك مبادرات حالية لتأسيس شراكة سينمائية متطورة بين البلدين، سيتم بموجبها إنتاج عدة أفلام مشتركة، وهو أمر جيد وطبيعيوسيكون له تداعياته الإيجابية القادمة داخل القاهرة والرياض.

 

  •  بأية عين سينمائية ترى ملامح العقد القادم على مستوى الإنتاج السينمائي السعودي ونوعية المحتوى؟

أي انفتاح سينمائي كالذي تشهده المملكة العربية السعودية حالياً، دوما يكون المأمول من ورائه هو تطوير الصناعة بكافة مفرداتها وعناصرها التقنية والبشرية، وبحيث يتطور هذا الانفتاح لتظهر أفلام أفضل وأكبر وأصدق يمكنها مناقشة القضايا والمشكلات المحلية والمشاركة بقوة في المهرجانات والحصول كذلك على الجوائز الكبيرة والمتميزة.

وعين المملكة تتوجه نحو تحقيق ذلك، وهو ما يتضح من حجم الدعم وضخامة التمويلات المقدمة لصناعة السينما، ما يدل على تكاتف الجهود الرامية إلى إنجاح هذه الصناعة وتوطينها.

 

  •  ما تقييمك لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؟ و ما الذي يمكن إضافته لهذا المهرجان كي ينافس هوليوود وغيرها؟

 مهرجان البحر الأحمر مهم للغاية، وله مكانة فنية كبيرة في الوسط السينمائي العربي والدولي، وقد حضرت فعالياته مرتين، ووجدت دقة كبيرة من لجنة الاختيارات من حيث نوعية الموضوعات والأفلام المقدمة.

وفي الحقيقة هذا المهرجان له دور كبير جداً في تطوير محتوى وصناعة السينما في السعودية، نظراً لما يشهده من حضور متنوع لكبار السينمائيين والممثلين في العالم، وفي ظل حجم الإنفاق السعودي الكبير الذي تشهده المملكة لدعم السينما ونشر ثقافتها بين السعوديين.

أتوقع أن يشهد هذا المهرجان طفرة كبير في محتواه وفعالياته ومشاريعه السينمائية المستقبلية، وهذا امر مطلوب؛ لأنه يعد ركيزة أساسية لتطوير الحركة السينمائية ومكوناتها، ومن وجهة نظري، لا ينقص هذا المهرجان أي شيء سوى الاستمرارية، فهو لا يقل أبداً عن أي مهرجان دولي عالمي من حيث الزخم والقوة والحضور والمستوى، فقط الاستمرارية هي التي ستمنحه عمقاً وتاريخاً بمرور السنوات والدورات.

وستتربى أجيال سعودية واعدة من خلال هذا المهرجان بكل تأكيد، وسيكون هناك نوستالجياً سينمائية عند السعوديين من خلال تتابعه وتكراره وأحداثه.

اقرأ أيضًا: يبرز ثراء أرض المملكة.. أبرز مشاهد الفيلم الوثائقي السعودي (هورايزن)

  •  في الختام، لماذا فضلت التواجد في القاهرة حالياً؟ وما الجديد في نشاط الإخراج السينمائي لديك؟ وهل ستحظى دور العرض السعودية مجدداً باستضافة أحد أعمالك ؟

 فضلت المجيء إلى مصر حالياً لصعوبة الحصول على تمويل متكرر للأفلام في انجلترا، وأما الجديد إن شاء الله فسيكون بعد شهر رمضان، من خلال فيلم اسمه (الحب كله) من بطولة إلهام شاهين وأحمد فتحي وحورية فرغلي وآخرين، وأتمنى أن يعرض في السعودية مثل (شيهانة).

 وأقوم أيضاً بالتحضير لأحد المسلسلات وهو مسلسل (أهل المحبة) وهو أيضاً من بطولة إلهام شاهين، وبالطبع الأولوية ستكون للفيلم السينمائي، والذي سيبدأ تصويره بعد عيد الفطر مباشرة.

X