بينما تقف آلاف الأسر في طوابير الانتظار الطويلة للحصول على سكن مناسب، هنالك عشرات الآلاف من المنازل الفارغة والجاهزة للتسليم في المملكة المتحدة، وهذا المشهد يتسم بالتناقض المؤلم، ويطرح الكثير من التساؤلات التي تسلّط الضوء على أزمة السكن في بريطانيا.. إليكم التفاصيل!
يشهد قطاع الإسكان في المملكة المتحدة مشكلة متفاقمة، حيث يوجد ما يقرب من 70 ألف منزل تابع للمجالس المحلية غير مأهولة، في حين تزداد قوائم الانتظار للحصول على سكن مناسب.
وهذه الأزمة ناتجة عن عوامل متعددة، إذ تعاني العديد من المنازل من التدهور أو تنتظر التصاريح أو التمويلات اللازمة لإعادة تأهيلها، وفي بعض الحالات، تكون الملكية موضع نزاع بعد وفاة المالك، ما يؤدي إلى ترك المنازل مهجورة لفترات طويلة.
وتظهر الأرقام الرسمية أن أكثر من 261000 منزل في إنجلترا تعتبر منازل فارغة على المدى الطويل، أي أنها مهجورة لأكثر من ستة أشهر، وازدادت هذه النسبة بنسبة 5% في العام الفائت 2023.
وتشكل هذه المنازل فرصة ضائعة للمجالس المحلية التي يمكن أن تستغلها لإسكان آلاف الأسر التي تعيش في ظروف صعبة أو في مساكن مؤقتة.
اقرأ أيضاً: أزمة السكن في بريطانيا وقلق متزايد.. ما الأسباب المحتملة؟
ورغم الجهود الحكومية لتحفيز إعادة تأهيل هذه المنازل من خلال حوافز مالية مثل «مكافأة المنازل الجديدة»، إلّا أن العديد من المجالس تواجه تحديات في تفعيل تلك السياسات بسبب نقص الموارد والبيروقراطية، فيما تشمل هذه التحديات التعامل مع الملاك الخاصين الذين يترددون في تأجير أو بيع ممتلكاتهم.
ومن ناحية أخرى، تشير الجمعيات الخيرية مثل «شيلتر» إلى أن ملء هذه المنازل لن يحل وحده الأزمة الإسكاني، بل هناك حاجة لبناء المزيد من المنازل الاجتماعية بأسعار معقولة لحل جذري لهذه المشكلة، حيث يبقى الطلب على الإسكان يفوق العرض بشكل كبير.
يذكر أن أزمة المنازل الفارغة في المملكة المتحدة تعود إلى عقود من الزمن، فقد بدأ الأمر يتفاقم بشكل ملحوظ منذ فترة الركود الاقتصادي في 2008، عندما أصبحت العديد من المنازل غير مرغوبة أو غير قابلة للبيع بسبب التدهور في السوق العقاري.
وفي السنوات الأخيرة، مع ازدياد أسعار العقارات بشكل جنوني في المدن الكبرى مثل لندن، اختار البعض الاحتفاظ بمنازلهم كاستثمار طويل الأجل بدلاً من عرضها للبيع أو التأجير، على أمل ارتفاع قيمتها مع مرور الزمن.
اقرأ أيضاً: رفع ضريبة السكن في عدة بلديات ببريطانيا إلى أكثر من 10 في المئة
من ناحية أخرى، فإن مشكلة المنازل الفارغة ليست مقتصرة على المدن الكبرى فحسب؛ فحتى في المناطق الريفية وبعض المجتمعات الصغيرة، تعاني المنازل من الإهمال، وغالباً ما تكون في حالة تدهور تجعل من الصعب إعادة استخدامها دون إصلاحات مكلفة، وفي هذه المناطق، يعتبر نقل الملكية بعد وفاة المالك أو النزاعات القانونية حولها من الأسباب الشائعة لبقاء المنازل فارغة لفترات طويلة.
تساهم أيضاً القوانين الحالية في استمرار أزمة السكن في بريطانيا، إذ أن بعض الملاك يفضلون الاحتفاظ بمنازلهم فارغة لتجنب الضرائب المرتفعة المفروضة على المبيعات أو التأجير، كما أن نقص الحوافز المالية الكافية لإصلاح تلك المنازل يُثبط جهود إعادة تأهيلها.
اقرأ أيضاً: بريطانيا: 700 جنيه إسترليني لمساعدة الأسر.. إليكم التفاصيل