هل من الممكن أن يتحقق حلم البشر الأزلي في العودة بالزمن واستحضار ذكريات الطفولة المحببة؟
هل سيستطيع الإنسان وأخيراً فهم آلية عمل الذاكرة والسيطرة عليها؟
كتب عدي حسن
لطالما سعى العلماء لفهم عمل الدماغ والوظائف التي يقوم بها، فهل حان الوقت لذلك؟
خطوة كبيرة!
نجح فريق من الباحثين من جامعة ويك فورست (WFU) وجامعة جنوب كاليفورنيا (USC) في تحقيق إنجاز علمي هام باختراق مسارات الذاكرة في الدماغ باستخدام نظام طرف اصطناعي جديد مكن أن يساعد في تحسين استرجاع ذكريات معينة.
لا يستطيع تحفيز المخ العميق تذكيرك ما إذا كنت قد أوقفت الفرن حتى الآن، ولكن أظهر بحث بقيادة جامعة ويك فورست (WFU) وجامعة جنوب كاليفورنيا (USC) الآن أنه يمكن أن يساعد الناس أحياناً على استرجاع ذكريات صور معينة بسهولة أكبر.
اقرأ أيضاً: هل يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بحياة الأفراد؟
ماهية التجربة
ظهر التحفيز الكهربائي والمغناطيسي للدماغ مؤخراً كطرق جديدة واعدة لتعزيز الأداء الإدراكي العام، ولكن حتى هذا الاختراق الأخير كانت فكرة “صعقة” الدماغ لاسترجاع ذكريات وتفاصيل منفصلة من عمل الخيال العلمي.
يقول عالم الأعصاب برنت رودير من كلية الطب بجامعة ويك فورست: “هنا، لا نسلط الضوء على تقنية مبتكرة فقط لتحفيز الأعصاب لتعزيز الذاكرة، بل نوضح أيضاً أن تحفيز الذاكرة لا يقتصر فقط على نهج عام، ولكن يمكن أيضاً تطبيقه على معلومات محددة مهمة بالنسبة للشخص”.
أجريت التجارب على 14 بالغاً مصاباً بالصرع، تم تجهيزهم بأقطاب كهربائية في الدماغ لتحديد بؤر نوباتهم.
يعمل رودير وزملاؤه مع مجموعات مماثلة منذ سنوات حتى الآن، حيث توفر هذه الغرسات أيضاً منصة لدراسة التحفيز الكهربائي للدماغ.
في عام 2018، اختبر الفريق الغرسات العصبية عن طريق مطالبتها بـ “كتابة رموز” للمعلومات في الحصين – المكان الذي يُقال فيه أن ذكريات الإنسان “مخزنة” في الدماغ.
يشرح الباحثون أن هذه الرموز الكهربائية تم تصميمها لمحاكاة نمط نشاط عصبي مرتبط بتذكر المعلومات.
اقرأ أيضاً: شريحة ماسك الدماغية.. سنتحكم بها أم ستتحكم بعقولنا؟
تطور التجربة عن سابقاتها
الآن أصبح الفريق أكثر تحديداً، لقد استخدموا نموذجاً حاسوبياً يشاهد نشاط دماغ الشخص بشكل أساسي لمحاولة معرفة الأنماط التي تتوافق مع ذاكرة صور معينة.
عندما شارك المشاركون في اختبار الذاكرة البصرية، أنشأ هذا النموذج أنماط تحفيز لكل فرد، وارتبطت هذه الأنماط بحفظ صور للحيوانات والمباني والنباتات والأدوات والمركبات، عندما أعيد تغذية نفس “الرموز” العصبية بشكل مصطنع إلى الحصين، كان المشاركون في الدراسة أكثر قدرة على مطابقة الصور التي سبق ملاحظتها من الذاكرة في حوالي 22٪ من الحالات.
هذه نسبة دقة منخفضة نسبياً، لكن النتائج قفزت إلى ما يقرب من 38٪ عندما قام الباحثون بتحفيز نصفي الكرة المخية وركزوا فقط على المشاركين الذين يعانون من ضعف الذاكرة.
يقول رودير: “هدفنا هو إنشاء تدخل يمكن أن يعيد وظيفة الذاكرة المفقودة بسبب مرض الزهايمر أو السكتة الدماغية أو إصابة الرأس”.
“وجدنا أن التغيير الأكثر وضوحاً حدث في الأشخاص الذين يعانون من ضعف الذاكرة.”
اقرأ أيضاً: دراسة : الضوضاء المرورية تبطئ نمو ذاكرة الأطفال
ذكريات!
يقول فريق الباحثين إن نتائجهم تشير بوضوح إلى أن هذا النوع من التحفيز الدماغي العميق “لديه القدرة على تعديل الذاكرة بشكل كبير” ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات متعددة تعيق هذا المستقبل.
يعد العثور على “رموز ثابتة” للذكريات الفردية هدفاً سامياً يتطلب تحسين وتطوير النموذج الموجود واختباره، حتى عندما يعمل الرمز على تعزيز الذاكرة، كما هو الحال في التجربة الحالية، فمن غير الواضح أي مكون من فئة الصور تقوم هذه الأنماط العصبية بتشفيرها بالفعل.
يوضح مؤلفو الدراسة الحالية: “يمكن أن يقصد الباحثون أن تكون صورة لمنزل به شجرة بداخلها أن يكون المنزل هو المحور الرئيسي للصورة، ولكن موقع الشجرة يمكن أن يتعارض مع هذه النية”.
قد يختلف التركيز أيضاً من شخص لآخر، وبمرور الوقت.
خطط للمستقبل
يخطط الباحثون لمواصلة العمل على نموذج الذاكرة الخاص بهم لفهم كيفية تشفير واسترداد المعلومات الأساسية في الحصين، كما يريدون اختبار ما إذا كان يمكن استخدام أنماط ذاكرة شخص واحد لتحفيز ذاكرة شخص آخر، وإذا ثبت ذلك، فهذا يشير إلى أن نظام الذاكرة الاصطناعية “يكتب” رمزاً للذاكرة في الدماغ، بدلاً من “تعزيز” رمز موجود بالفعل.
يختتم الفريق قائلاً: “كل سؤال من هذه الأسئلة سيقود البحث إلى الأمام نحو تطوير ذاكرة اصطناعية تعمل على ميزات عامة لتشفير الذاكرة مشتركة بين جميع المرضى، مع كونها محددة بما يكفي لتسهيل الحفاظ على محتوى ذاكرة محدد.”