ثمّة ثورة خضراء صامتة تجتاح المملكة المتحدة، من وديان سومرست (Somerset) إلى شوارع ليفربول (Liverpool)، ومن تلال دارتْمور (Dartmoor) إلى سهول ويلتشاير (Wiltshire)، تنمو غابات جديدة حرفيا، لتعيد تشكيل المشهد الطبيعي والمستقبل البيئي للبلاد.
الغابة الغربية أول غابة وطنية جديدة منذ 30 عاماً
وللمرة الاولى منذ ثلاثين عاماً، أعلنت الحكومة البريطانية عن زراعة غابة وطنية جديدة بالكامل الغابة الغربية (Western Forest).
وهذا المشروع الطموح يتضمن زراعة عشرين مليون شجرة على مساحة 2500 هكتار تمتد عبر مناطق بريستول (Bristol)، ويلتشاير (Wiltshire)، غلوسترشير (Gloucestershire)، وسومرست (Somerset).
وبتمويل حكومي يصل إلى 75 مليون جنيه استرليني، لا يعد المشروع مجرد مبادرة بيئية، بل هو رؤية متكاملة نحو مجتمعات صحية، وتنوع بيولوجي اوسع، ومدن اكثر خضرة.
ويقود المشروع فريق غابة آفون ترست (Forest of Avon Trust)، ويهدف إلى إعادة ربط الناس بالطبيعة في عالم يشهد تزايدا سريعاً في الطابع الحضري.
الغابة الشمالية مشروع تشجير الأمل في انكلترا
في شمال البلاد، تتقدم اعمال مشروع الغابة الشمالية (Northern Forest) بخطى واسعة.
ومنذ انطلاقه عام 2018، زرعت فيه ما يقارب ثمانية ملايين شجرة، وهو يتجه لتحقيق هدفه الطموح بزراعة خمسين مليون شجرة، تمتد من ليفربول (Liverpool) إلى مدينة هال (Hull).
ويرمي المشروع إلى تحسين جودة الهواء، والحد من الفيضانات، وتوفير مساحات خضراء في مناطق مكتظة بالسكان.
ويعد من بين اكثر مشاريع إعادة التشجير طموحاً على مستوى القارة الأوروبية.
اقرأ أيضاً: غابة هافرين السحرية لؤلؤة مخفية في قلب ويلز
غابة شو السفلى مبادرة شعبية في سومرست
في وادي شو (Chew Valley)، يعمل مئات المتطوعين بحماسة على مشروع غابة شو السفلى (Lower Chew Forest).
وهذا المشروع، الذي تشرف عليه مؤسسة آفون نيدز تريز (Avon Needs Trees)، يسعى لتحويل 170 هكتارا من الاراضي إلى واحدة من اكبر الغابات الجديدة في انكلترا، من خلال زراعة 100000 شجرة.
وسيشمل المشروع أيضاً إعادة ترميم الاسيجة القديمة، وإنشاء موائل بيئية غنية، ومسارات مفتوحة لعشاق الطبيعة.
ويعد مثالا ملموساً على قدرة المجتمعات المحلية على إحداث تغيير بيئي فعال ومستدام.
غابة ويستمان إنقاذ الغابة المطيرة النادرة في دارتْمور
حتى الغابات القديمة لم تستثن من النهضة الخضراء، ففي دارتْمور (Dartmoor)، بدأت اعمال توسعة غابة ويستمان (Wistman’s Wood)، وهي واحدة من أندر الغابات المطيرة المعتدلة في أوروبا، المشهورة بغطائها الكثيف من الطحالب وسحرها الطبيعي الفريد.
وبقيادة الامير ويليام (Prince William) ودوقية كورنوال (Duchy of Cornwall)، تزرع 450 شجرة جديدة بهدف مضاعفة حجم الغابة، وتأمين موطن آمن للانواع النادرة من النباتات والطحالب.
اقرأ أيضاً: تعرف على الغابات الأكثر جمالاً لزيارتها في الربيع
أمل أخضر في زمن التغير المناخي
لا تمثل هذه المشاريع تحولاً اعتيادياً في السياسات البيئية، بل تعبر عن إعادة تخيل للعلاقة بين الإنسان والأرض لطالما سعت بريطانيا والقارة الأوروبية لتوطينها.
ففي زمن يطغى عليه القلق من تغير المناخ وتدهور التنوع البيولوجي، تقدم هذه الغابات الجديدة في المملكة المتحدة شيئاً ثميناً ونادرا الأمل
أمل أخضر، متجذر في التربة، ومروي بالإرادة والرؤية.