يعتبر تناول مسكنات الألم أمر شائع بشكل كبير، وعندما يتم تناولها على النحو الصحيح فهي آمنة وفعالة، ولكن بالنسبة للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة وطويلة الأمد، قد تصبح خطيرة وتسبب الإدمان.
وتعاني بريطانيا من مشكلة إدمان الكثير من الأشخاص على مسكنات الألم الأفيونية، مما يجعل هيئة الخدمات الصحية الوطنية أمام تحدّ كبير للحد من هذا الأمر.
ويتزايد القلق في الآونة الأخيرة بشأن عدد المرضى المدمنين على مسكنات الألم الأفيونية، خاصة بعد نتائج دراسة جديدة والتي كشفت أن ما يصل إلى واحد من 10 مستخدمين طويلي الأمد للمسكنات قد يصبحون مدمنين عليها.
نتائج الدراسة الجديدة
أظهرت دراسة حديثة أجراها أكاديميون من جامعة بريستول استهدفت أكثر من 4.3 مليون مريض تتراوح أعمارهم بين 12 عاماً وأكثر، بأن 9.3% من المرضى الذين داوموا على تناول مسكنات الألم الأفيونية لمدة 3 أشهر على الأقل، يعانون من اضطراب الاعتماد على المواد الأفيونية وإدمانها، وأظهر 22% من المرضى سلوكاً منحرفاً مثل زيادة الجرعة بشكل متكرر أو فقدان الوصفات الطبية بشكل متكرر.
وقال باحثون إن هناك قلق متزايد في المملكة المتحدة بشأن استخدام المواد الأفيونية بسبب الوصفات الطبية واسعة النطاق للألم المزمن غير السرطاني وزيادة الوفيات المرتبطة بالمواد الأفيونية.
وبحسب أرقام رسمية، حصل نحو 5.6 مليون بالغ في إنجلترا على وصفة طبية تحتوي على واحد أو أكثر من أدوية تسكين الألم الأفيونية في عام 2017/2018.
وكشفت المؤلفة الرئيسية للدراسة كايلا توماس لوكالة الأنباء البريطانية؛ بأن المشكلة في المملكة المتحدة لم تصل لدرجة سيئة مثل الولايات المتحدة، ولكن يمكن رؤية كيف تسببت المواد الأفيونية الموصوفة طبياً في مشكلة طبية هناك.
حيث وُصف استخدام الأدوية الأفيونية الموصوفة طبياً في الولايات المتحدة بأنه “أزمة” وتم إعلان حالة طوارئ صحية عامة.
وأكدت توماس أن وصف المواد الأفيونية في إنجلترا كان مرتفعاً حتى عام 2018، حيث بدأ هيئة الخدمات الصحية الوطنية باتخاذ تدابير تشجع الأطباء العامين على عدم استخدام هذه المواد على المرضى الذين يعانون من آلام مزمنة غير سرطانية، وتم بذل جهود لخفض وصفات هذه المسكنات.
مما أدى إلى خفض الوصفات الطبية بنحو نصف مليون بين عامي 2018 و 2022/23، ولكن لا يزال هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به، بحسب توماس.
اقرأ أيضًا: تحديات هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS): هل حان الوقت لإعادة تصور المستقبل!
أبرز الأدوية الموصوفة التي تحتوي على مواد أفيونية
تشمل هذه الأدوية الترامادول والكودايين والأوكسيكودون والمورفين والميثادون والفنتانيل والهيدروكودون والأوكسيمورفون وغيرها، وهي من أكثر مسكنات الألم الموصوفة شيرعاً، ويصادف أيضاً أنهم الأكثر تسبباً بالإدمان.
أعراض الإدمان على مسكنات الألم الأفيونية
إذا كنت قلقاً من أن شخصاً ما تعرفه مدمن على مسكنات الألم، فمن المهم اكتشاف العلامات التي تدل على ذلك وأبرزها:
- أعراض نفسية: مثل الانخراط في مواقف خطيرة، وصعوبة التركيز على المهام، والانسحاب من المواقف الاجتماعية الطبيعية، والكذب والخداع أثناء محاولة إخفاء سلوكهم، والتفكير في تناول المسكنات بشكل دائم.
- أعراض جسدية: نعاس دائم، تباطؤ ردات الفعل، الغثيان والقيء مع انخفاض الشهية، الحكة أو المشاكل الجلدية، وضعف الجهاز المناعي مما يؤدي إلى زيادة الإصابة بالأمراض.
- تغيرات في الحياة: مثل الصراعات مع الأصدقاء والعائلة، إهمال الأطفال، الوقوع في مشاكل قانونية، التعرض للحوادث بشكل متكرر.
اقرأ أيضًا: الوصفات الطبية الأجنبية ممنوعة في المملكة المتحدة، فما البديل؟
الجرعة الزائدة من المواد الأفيونية وعلاماتها
الجرعة الزائدة من مسكنات الألم قد تكون عرضية، ولكن من الضروري اتباع الوصفة الطبية التي وصفها لك طبيبك بخصوص الجرعة وكميتها، لمنع حصول أي مضاعفات، ومن المهم أيضاً عدم خلط المواد الأفيونية مع مهدئات أخرى، مثل الكحول أو البنزوديازيبينات أو الكيتامين
ومن علامات الجرعة الزائدة التنفس البطيء، الوجه الشاحب، الشفتان والأظافر المزرقة، الجلد البارد الرطب، تقلبات المزاج المفاجئة والتقيؤ المستمر، فإذا ظهرت هذه العلامات على أحد من أحبائك اتصل بخدمة الطوارئ على الفور.
اقرأ أيضًا: مرضى السرطان يواجهون تأخيرات قاتلة مع إضراب الأطباء العامين في بريطانيا
تعزيز برامج الوقاية من الإدمان على مسكنات الألم الأفيونية في بريطانيا
لدى هيئة الخدمات الصحية الوطنية خطة عمل لمساعدة مقدمي الرعاية الصحية على تقليل الوصف غير المناسب لمسكنات الألم عالية القوة وغيرها من الأدوية المسببة للإدمان.
كما أنها تشجع أي شخص مدمن على المواد الأفيونية لكي يتلقى العلاج، سواء بالذهاب إلى طبيب عام لمناقشة المشاكل والإرشاد إلى العلاج، أو بالتواصل مع خدمة علاج المخدرات المحلية.
وبشكل عام، يعد إدمان مسكنات الألم مشكلة صحية عامة وتواجه العديد من البلدان غير بريطانيا، وتتطلب تدخلات شاملة للتصدي لها، أهمها زيادة الوعي المجتمعي، وتعزيز دور الرعاية الصحية الأولية، وتكثيف برامج الفحص المبكر والتدخل السريع.
فتكامل هذه الجهود يساعد في التصدي لهذه المشكلة المعقدة ويحد من آثارها السلبية على صحة المجتمع.
اقرأ أيضًا: مليوني مريض في بريطانيا معرضون للخطر بسبب المستشفيات المتهدمة