جاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء 2016 ليكون الحدث الأبرز في التاريخ البريطاني الحديث، ولتخليد ذكرى هذا اليوم أصدرت دار سك العملة الملكية البريطانية في ذلك الوقت عملة خاصة بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي “بريكست” (Brexit)، وأصبحت تعرف بأنها عملة بريكست ولكن نتيجة عمليات التأجيل المتكررة لتاريخ إعلان خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي انتهى الأمر إلى إصدار ثلاث نسخ من العملة البريطانية.
فمع الإعلان الرسمي بتاريخ الحادي والثلاثين من يناير 2020 أصبحت المملكة المتحدة رسمياً خارج الاتحاد الأوروبي، وما كان من دار سك العملة الملكية إلا أن تحركت وأصدرت عملة الخمسين بنساً بالإصدار الثالث الذي حمل تاريخ هذا اليوم.
لكن كانت حصيلة التحركات قبل هذا الإصدار الأخير إصدار ثلاث عملات بثلاثة تواريخ مختلفة ووجهين متمايزين، وبدأت رحلة عملة بريكست في العام 2018، مع الإعلان الأولي عن إصدار العملة المخصصة لذكرى الاتحاد الأوروبي في بريطانيا بقيمة 50 بنساً، وبالفعل شاركت وزارة الخزانة في بريطانيا مع متابعيها صور التصميم الخاص بالعملة المقترحة عبر منصة إكس، وكانت تدعى في ذلك الوقت تويتر.
وبينت التصاميم أنّ العملة ستحمل عبارة “السلام والرخاء والصداقة مع جميع الدول” (Peace Prosperity and Friendship with all nations)، وحملت العملة التاريخ الأصلي للانسحاب الموعود وقتها، في التاسع والعشرين من مارس 2019، والذي يعتبر مفقوداً في عالم اليوم.
وفي هذا التاريخ، تم صب حوالي الألف عملة معدنية من فئة الخمسين بنساً، والتي وثقت الخروج الأكبر لبريطانيا في تاريخها الحديث، إلا أنّ تأجيل الخروج إلى أكتوبر من نفس العام، أجبر دار سك العملات الملكية على إعادة صهر هذه العملات، وكان مربط الفرس في الحكاية أن عدد القطع التي تم صهرها هو فقط 990 عملة، وبالتالي احتفظت الدار بعشر قطع فقط منها، ليكون من المستحيل على أي مواطن بريطاني أو جامع عملات أن يمتلك هذه العملة بتاريخ 29 يناير 2019، ما لم يكن مصدرها دار السك الملكية.
ومع هذا التحول دخلت رحلة انتقال العملة التاريخية من دار السك إلى أيدي المتداولين الفصل الثاني، وبالفعل تم تعديل التصميم وتجهيز أكثر من مليون عملة حملت التاريخ الجديد 31 أكتوبر 2019، لكن وبعد صب العملة تم إرجاء الخروج إلى تاريخ لاحق، للمرة الثالثة، ما أدى إلى عملية صهر لغالبية العملة الجديدة أيضاً، دون طرحها للتداول، لكن وعلى الرغم من ذلك تبين أن اثنتين منها طرحت للتداول دون الكشف عن التفاصيل.
واستطاع جامع عملات محظوظ يدعي “لي هولت” (Lee Holt) أن يعثر على عملة بريكست من فئة الخمسين بنساً بتاريخ الـ31 من أكتوبر 2019، أيضاً تحدثت وسائل إعلام عن العثور على العملة الثانية عند جامع عملات رفض التعريف بنفسه وذلك في العام المنصرم 2024.
ولكن الأمور ازدادت غموضاً إذ أن عملتي البريكست التي تم العثور عليهما تحملان وجهين مختلفين ونفس التاريخ، ما أثار العديد من التساؤلات لا سيما في أوساط جامعي العملات، إذ حملت العملة الأولى على وجهها صورة “جودي كلارك” (Judy Clark) للملكة إليزابيث، في حين ظهر على وجه العملة الثانية بتاريخ الحادي والثلاثين من أكتوبر 2019 أيضاً صورة القالب المخصص لعملة “السير آرثر كونان دويل” (Sir Arthur Conan Doyle) والتي تظهر القيمة النقدية لهذه العملة، وهو أمر لا تتضمنه عادة العملات المعدنية.
ومع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي رسمياً بتاريخ الـ31 من أكتوبر 2020 استطاعت دار السك الملكية أن تطرح عملة الخمسين بنساً المخصصة للمناسبة في التداول، ودخلت 10،001،000 قطعة في السوق البريطاني معلنة عن نفسها على أنها عملة بريكست التي تحدد يوم الخروج الرسمي دون أن يكون الأصلي.
وتشير أرقام دار سك العملة الملكية البريطانية، أن عملة بريكست متوفرة في الأسواق البريطانية، وبحسب مؤشر الندرة لديها فإنها متاحة، وهو ما أكده موقع “تشينج تشيكر” (Change Checker) الذي يجمع بياناته من أرقام سك العملة وهواة جمع العملة الذين يعلنون عن مقتنياتهم، بالإضافة إلى عدد المرات التي تم فيها طلب العملة للمقايضة عليها.