تعتبر بريطانيا من الدولة الرائدة في مجال صناعة التكنولوجيا الحيوية، فتتوفر لديها مقومات تلك الصناعة من البنية التحتية والبحث العلمي والتمويل الضخم التابع. بالإضافة إلى شركاتها الناشئة وجامعاتها العريقة، اللتان تساهمان في تطوير الصناعات الدوائية والزراعة والطاقة الحيوية، هذا ما يعزز من مكانه المملكة المتحدة كمركز عالمي رائد في مجال التكنلوجيا الحيوية ذو الأبعاد الاقتصادية والعلمية والبيئية.
تأثير صناعة التكنولوجيا الحيوية في الاقتصاد البريطاني
تشكل صناعة التكنولوجيا الحيوية في بريطانيا العمود الفقري للاقتصاد المعرفي الحديث، فتأثيرها يمتد إلى القطاعات الحيوية بدءاً من الرعاية الصحية وصولاً إلى الاستدامة البيئية مروراً بسلامة الغذاء. ويستند هذا القطاع على ثلاثة ركائز أساسية: البنية التحتية المتقدمة للأبحاث، والاستثمار الضخم من جانب الحكومة والقطاع الخاص، والإطار التشريعي الذي يدعم الابتكار.
كذلك يوجد ما يقارب 450 شركة في مجال التكنولوجيا الحيوية في المملكة المتحدة ، التي توظف حوالي 21.000 شخص . حيث أن الشركات البريطانية تمثل 35٪ من المنتجات (تطور الأدوية في مجال التكنولوجيا الحيوية) في أوروبا، وأيضا 41٪ من تطوير الأدوية الجديدة في المراحل الأخيرة لتجارب السريرية.
وهناك العديد من دورات صناعة التكنولوجيا الحيوية تقدم فتره تدريب في الصناعة (التي تعتبر فرصة عمل والتي تشكل جزءاً من الشهادة الجامعية).
بعد فترة من النمو بين عامي 2013 و2019، استقرت قيمة صادرات التكنولوجيا الطبية في المملكة المتحدة. وفي عام 2023، احتلت المملكة المتحدة المرتبة الحادية عشرة بين الدول المقارنة، بقيمة صادرات بلغت 10.1 مليار جنيه إسترليني. شهدت قيمة واردات الأدوية انخفاضًا ملحوظًا بين عامي 2022 و2023، حيث انخفضت بنسبة 18% لتصل إلى 24.9 مليار جنيه إسترليني، مما يعني أن المملكة المتحدة تراجعت من المركز التاسع إلى العاشر بين الدول المقارنة.
وفي المجال الزراعي، حدثت ثورة انتاجية في المحاصيل الزراعية عبر تقنيات التعديل الوراثي الذكية. وتأتي المملكة في طليعة الدول بواسطة مشاريع رائدة يتم عبرها تطوير أصناف نباتية مقاومة للتغيرات المناخية.
اقرأ أيضاً: صنع في بريطانيا تطلب تدخل البرلمان
البحث العلمي ودوره في التكنولوجيا الحيوية
إن حجر الزاوية في صناعة التكنولوجيا الحيوية المتقدمة يتمثل بالبحث العلمي، حيث تشكل الجامعات المرموقة مثل كامبريدج (University of Cambridge) وأكسفورد(University of Oxford)وإمبريال كوليدج لندن (Imperial College London) جوهر إنتاج المعرفة وتطوير التكنولوجيا الحيوية الرائدة. تعتمد بريطانيا على نظام بحثي متكامل يعتمد على التمويل الحكومي الواسع النطاق. إلى جانب مؤسسات مثل مجلس البحوث الطبية ومجالس البحوث في المملكة المتحدة، بالإضافة لشراكات استراتيجية مع القطاع الخاص، وهذا يضمن ولادة الاكتشافات العلمية وتحويلها إلى تطبيقات صناعية وطبية على قدر من التقدم.
وكان للحكومة البريطانية دور بارز في تحقيق اختراقات علمية غير مسبوقة وذلك عبر دعمها للبحث والتطوير في مجال التكنلوجيا الحيوية بميزانيات ضخمة. أبرز تلك الإنجازات العلمية كان بتطوير العلاجات الجينية للأمراض النادرة. والعمل على تصميم أنزيمات صناعية تستخدم في إنتاج الوقود الحيوي المستدام.
يساهم البحث العلمي في استقطاب العديد من العقول النيرة من مختلف أنحاء العالم. مما ينعكس على عجلة الابتكار و يضمن ريادة بريطانيا للتميز العلمي. فالبحث العلمي له دور مفصلي في تعزيز التعاون الدولي عبر مشاركة مؤسسات البحث في بريطانيا بالعديد من المشاريع العالمية الكبرى. مثل مشروع الجينوم البشري Human Genome) Project).
اقرأ أيضاً: 360 مليون جنيه استرليني لدعم الصناعة والبحث والتطوير في بريطانيا
التحديثات المستمرة للتكنولوجيا الحيوية في المملكة المتحدة
صناعة التكنولوجيا الحيوية تشهد تطوراً سريعاً في بريطانيا ، مما يعكس مكانتها البارزة عالمياً في هذا المجال. وقد نقل تقرير نشرته صحيفة “ذا تايمز” جدية العمل على تطوير إستراتيجية لصناعة التكنولوجيا الحيوية في البلاد، مؤكداً أن أفضل أمل لمستقبل البلاد هو اغتنام الفرص العظيمة للثورة التكنولوجية والعلمية التي تجري في الوقت الحالي.
وقدم التقرير ثلاث مقترحات رئيسية كان أبرزها. انشاء مختبر جديد للتصميم الحيوي للتركيز على صناعة التكنولوجيا الحيوية في المراحل المبكرة، ما يجعل بريطانيا محوراً للأفكار المبتكرة، إلى جانب أن تقوم بريطانيا برفع تسهيلات إنشاء شركات التكنولوجيا الحيوية الناشئة. ورفع مستوى الشركات القائمة، كأن تقوم بتوسيع مصرف الأعمال التجارية البريطاني مع تحسين قواعد رأس المال الاستثماري.
لتحقيق هذا النجاح يجب أن تتوافر عوامل عدة. كالبنية التحتية البحثية المتقدمة. بالإضافة إلى الشراكات بين القطاعين العام والخاص. إذ تدعم حكومة المملكة المتحدة هذا القطاع من خلال مبادرات مثل خطة العلوم والتكنولوجيا 2030.
ختاماً، تؤكد بريطانيا ريادتها العالمية في مجال التكنولوجيا الحيوية. بدعم من البحث العلمي المتقدم والاستثمار الضخم. وهو ما يدفع النمو الاقتصادي ويضمن الاستدامة المستقبلية.
اقرأ أيضاً: لقاح السرطان من هيئة الخدمات الصحية البريطانية: “عصر جديد” من العلاجات